بوعجيلة محمد مسعود المحتجز لدى الولايات المتحدة (تويتر)
بوعجيلة محمد مسعود المحتجز لدى الولايات المتحدة (تويتر)
الإثنين 12 ديسمبر 2022 / 13:58

"لوكربي" للواجهة من جديد بعد اعتقال بوعجيلة

24 - أحمد إسكندر

في تطور يعيد إحياء ملف قد أغلق إما عبر التسوية في عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي أو عبر محاكمة مشتبه بهم مفترضين في القضية التي مر عليها الآن 36 عاماً أعلنت وزارة العدل الأمريكية، الأحد، أن ليبياً يشتبه في قيامه بصنع القنبلة التي استخدمت في تفجير طائرة أمريكية فوق مدينة لوكربي عام 1988، بات محتجزاً لدى الولايات المتحدة.

ووجهت الولايات المتحدة الاتهام لبوعجيلة محمد مسعود، قبل عامين على خلفية قضية لوكربي، وكان قد احتُجز سابقاً في ليبيا لتورطه المفترض في هجوم عام 1986 على ملهى ليلي في برلين، في حين حُوكم متهم واحد فقط حتى الآن في قضية تفجير رحلة "بان أمريكان" رقم 103 الرابطة بين لندن ونيويورك في 21 ديسمبر(كانون الأول) 1988 والذي أودى بحياة 270 شخصاً.

اختطاف وتسليم
وتم اختطاف العميد بوعجيلة الشهر الماضي من قبل جماعة مسلحة في ظروف غامضة من أمام منزله بمنطقة أبوسليم بطرابلس، ما أدى إلى تكهنات بأنه سيتم تسليمه من حكومة عبدالحميد الدبيبة إلى السلطات الأمريكية لمحاكمته، على خلفية هجوم برلين وأوردت هيئة "بي.بي.سي" الشهر الماضي أنه خطف على أيدي جماعة مسلحة ليبية عقب توقيفه على خلفية هجوم برلين الذي أسفر عن مقتل عسكريين أمريكيين ومواطن تركي.

وعُرف مسعود، بأنه صانع قنابل لصالح نظام القذافي ووفق لائحة الاتهام الأمريكية، قام بتجميع وبرمجة القنبلة التي أسقطت طائرة بان أمريكان وأعيد فتح التحقيق في القضية عام 2016 عندما علم القضاء الأمريكي بتوقيف مسعود بعد سقوط نظام القذافي، وأنه قدم اعترافاً مفترضاً لاستخبارات النظام الجديد عام 2012.

تصريحات مثيرة
وفي مقابلة العام الماضي مع قناة "بي.بي.سي" البريطانية تحدثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، عن إمكانية تسليم بوعجيلة المطلوب من قبل الولايات المتحدة في هذه القضية مشيرة إلى أن حكومة الوحدة يمكنها العمل مع الولايات المتحدة على تسليم رجل مطلوب في تفجير لوكربي مضيفة أن "النتائج الإيجابية قادمة" في قضية بوعجيلة.

وقالت المنقوش إن حكومة الوحدة "تتفهم ألم وحزن" أسر الضحايا، لكنها "بحاجة إلى احترام القوانين"، وأن "الولايات المتحدة وليبيا تتعاونان في القضية التي تشهد تقدماً" معلنة تضامن ليبيا مع أسر الضحايا.

وأثارت تصريحات المنقوش تنديدات واسعة في البلاد، واتهامات للوزيرة بالعمل ضد مصلحة الدولة الليبية وعلّق النائب مصباح دومة أوحيدة، على تصريحات المنقوش، حيث قال مغرداً على تويتر إن "تسليم أي مواطن ليبي للخارج خيانة ومتاجرة رخيصة".
كما اعتبر النائب جاب الله الشيباني، تصريحات المنقوش، بأنها نوع من "التزلف والتملق".

وقال الشيباني في منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي: "إن حكومة تصريف الأعمال مهامها محدودة في الداخل الليبي وتقتصر على الأمور ذات العلاقة بمصلحة المواطن الأمنية والغذائية والصحية والتعليمية والاجتماعية وغيرها".

كما أشار النائب الليبي علي العيساوي إلى ان ملف قضية لوكربي، أُغلق بشكل كامل إثر اتفاق ثنائي بين الولايات المتحدة وليبيا، تحملت فيه الأخيرة المسؤولية المدنية عن الهجوم ودفعت مقابله أكثر من 2 مليار دولار تعويضات لأسر الضحايا.
وكرد فعل رسمي على تصريحات وزيرة الخارجية الليبية المثيرة للجدل أوقف المجلس الرئاسي في 6 نوفمبر(تشرين ثاني) 2021 وزيرة الخارجية عن العمل احتياطياً وفتح تحقيق معها لعدم التنسيق معه في السياسات الخارجية وقرر المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، منع المنقوش من السفر والتحقيق معها فيما نسب إليها من مخالفات إدارية، لكن الوزيرة عادت لعملها بعد وقت وجيز، دون أن يظهر المجلس نتائج التحقيق.

من جانبه رفض مجلس الدولة إعادة فتح ملف لوكربي ممن وصفها بـ"بعض الجهات المحلية"، وإرجاعه إلى الواجهة مرة أخرى، مطالباً بتوضيح حالة اختفاء "بوعجيلة مسعود المريمي" المطلوب للولايات المتحدة بتهمة الضلوع في التخطيط وتصنيع القنبلة، التي فجرت الطائرة فوق لوكربي في أسكتلندا عام 1988.

وقال المجلس في بيان حول اختفاء المواطن بوعجيلة مسعود المريمي، بحجة ذكره في التحقيقات في قضية لوكربي، إن الملف يفتقر لمبررات سياسية وقانونية، مؤكداً أن الملف أقفل بالكامل من الناحية السياسية والقانونية، بحسب نص الاتفاقية التي أبرمت بين الولايات المتحدة الأمريكية والدولة الليبية.

وأكد المجلس عدم التزامه بكل ما يترتب على هذا الإجراء من استحقاقات تجاه الدولة الليبية، داعياً مجلس النواب والمجلس الرئاسي والنائب العام، بالتضامن معه لاتخاذ الإجراءات المناسبة لإنهاء ما وصفع بـ"العبث".

وحذر مستشار الأمن القومي الليبي المستشار إبراهيم بوشناف، من إثارة قضية لوكربي مجدداً، داعياً كافة الوطنيين والكيانات السياسية إلى الاصطفاف لمنع ذلك بعيداً عن الصراع السياسي مشيراً في خطاب وجهه لرئيس مجلس الوزراء، إلى أن "قضية لوكربي إن أثيرت من جديد وأصبحت موضوعاً لتحقيق جنائي ستُدخل ليبيا في عقود من الاستباحة".

وأوضح أنه وقبل مغادرة الرئيس دونالد ترامب البيت الأبيض، أثار المدعي العام في عهده وليم بار، أمراً يتعلق بقضية لوكربي، ما رشح من أنباء حينها أنه يطالب السلطات الليبية بتسليم المواطن الليبي بوعجيلة مسعود بزعم أن له علاقة بتلك القضية" مشيراً إلى تصريحات لوزيرة الخارجية نجلاء المنقوش عن الموضوع ذاته العام الماضي، (في إشارة لمقابلتها مع قناة "بي.بي.سي" عن تسليم بوعجيلة للسلطات الأمريكية) بمخاطبة رئيس الوزراء بكتاب رسمي حول الموضوع وتداعياته.

تشكيك

لكن مسؤولية ليبيا في قضية لوكربي يشكك فيها البعض منذ فترة طويلة وأقر نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي رسمياً بمسؤوليته عن تفجير لوكربي عام 2003 ودفع 2.7 مليار دولار تعويضات لأسر الضحايا.

وتريد أسر الضحايا رفع السرية عن وثائق قيل إنها تزعم أن إيران استعانت بفصيل فلسطيني مقره في سوريا لصنع القنبلة التي أسقطت الطائرة ويرى أصحاب هذه الرواية أن تفجير لوكربي جاء رداً على إسقاط طائرة ركاب إيرانية بصاروخ للبحرية الأمريكية في يوليو(تموز) 1988 ما أدى إلى مقتل 290 شخصاً.

ويعد هجوم لوكربي ثاني أكثر الهجمات دموية ضد الأمريكيين ما أسفر عن 190 قتيلاً بعد اعتداءات 11 سبتمبر(أيلول) 2001.