جنود يابانيون (أف ب)
جنود يابانيون (أف ب)
الأحد 18 ديسمبر 2022 / 14:49

اليابان تتأهب لعصرٍ جديد في الإنفاق على الدفاع

24- طارق العليان

على مدى نصف قرن ظل العامل الثابت الوحيد في استراتيجية الدفاع اليابانية هو الميزانية. وعاماً بعد عام، لم تُخصّص اليابان أكثر من 1% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع.

وهذا الحد الأقصى غير الرسمي، الذي وُضِعَ في عهد رئيس الوزراء تاكيو ميكي في 1976 لتفادي الانتقادات المحلية للإنفاق العسكري، تجاوزَ غرضه منذ ذلك الحين في نظر القيادة الحالية لليابان.

ففي مواجهة بيئة عالمية زاد فيها الاستقطاب، والانقسام، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، قررت طوكيو إعادة النظر في تمويلها للدفاع، حسب تقرير لـ "فوركاست إنترناشيونال" الأمريكي.

ووفق التقرير الذي أعده دانيال دارلينغ، بدأت اليبان مراجعة تعاملها مع قضية الدفاع منذ الإدارة السابقة لرئيس الوزراء الأسبق شينزو آبي. فقد شهدت ولاية آبي تخفيفاً للحظر الدستوري في اليابان على الانخراط في الدفاع الذاتي الجماعي، وتخفيف القيود على تصدير الأسلحة، وتعميق العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة بموجب المبادئ التوجيهية الدفاعية الثنائية المُعدلَة في أبريل (نيسان) 2015.

وإجمالاً، شهدَ عهد آبي تحولاً هائلاً في نهج الدفاع الياباني. ومع ذلك، ظلت المخصصات السنوية كما هي، 1% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.

أكثر جرأة
واليوم يستعد رئيس الوزراء فوميو كيشيدا لمسار أكثر جرأةً للدفاع الياباني، حسب التقرير، استناداً إلى الأساس الذي وضعه شينزو آبي، لتحديث قوات الدفاع اليابانية والاستعداد للارتقاء بقدراتها إلى ما هو أبعد من الوضع الدفاعي المحض.

وفي الفترة التي سبقت الانتخابات العامة في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، تعهدَ كيشيدا وحزبه الديمقراطي الليبرالي، بمضاعفة الإنفاق الدفاعي في محاولة للتعجيل بتحديث قوات الدفاع الذاتي.

ومنذ ذلك الحين، تشبث هو وحكومته بهذه النظرة، حيث عملت الأحداث في أوكرانيا وتصور اليابان للتهديد المباشر على تعزيزها.

وطلبَ رئيس الوزراء من حكومته البحث عن التمويل اللازم لرفع مستوى مخصصات الدفاع اليابانية السنوية إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027، ما سيرفع ميزانية الدفاع بما يتراوح بين 70 و75 مليار دولار.

وقال كيشيدا بالفعل في مجلس وزرائه إنه لتمويل طموحاته الدفاعية، على الحكومة تأمين تريليون ين إضافي، بفرض مزيدٍ من الضرائب. والأهم من ذلك أن هذه الزيادة ستمثل تحولاً هائلاً في نهج اليابان التقليدي في الدفاع، منذ الحرب العالمية الثانية.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو، أين ستصب بعض هذه الأموال الإضافية؟ لقد استمر بحث فكرة تعزيز اليابان لقدراتها الإنتاجية الدفاعية المحلية وتطويرها لأحدث تقنيات الدفاع لسنوات عديدة.

فقد أُعلِنَ تصنيع صواريخ مُتقدمة، وتطوير مقاتلة نفّاثة بالتعاون مع بريطانيا وإيطاليا في 9 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أن تقنية الدفاع بالصواريخ فائقة الصوت من الركائز التي تشدد عليها اليابان حالياً.

ولا شك أن زيادة نصيب الأبحاث المدعومة من الحكومة في الدفاع ستكون مطروحة للمناقشة.

وفي إطار ميزانية الدفاع للسنة المالية 2022، هناك إشارات إلى استثمارات في قدرات الحرب الإلكترونية مثل التطوير المستمر لطائرة الحرب الإلكترونية، وبحث واستعراض تكنولوجيا إشعاع الميكروويف عالية الطاقة، وشراء الطائرات المقاتلة ذات القدرة على الحماية الإلكترونية.

ويذكر أن حكومة كيشيدا تعمل على تحديث وثائق السياسة الرئيسية الثلاث التي تشكل التوقعات الأمنية لليابان، وهي، استراتيجية الأمن القومي، والمبادئ التوجيهية لبرنامج الدفاع الوطني، وبرنامج الدفاع متوسط الأجل.

وتهدف إرشادات برنامج الدفاع الوطني إلى تغطية مدة زمنية من 10 سنوات تقريباً. وتحدد سياسة استهداف القدرة الدفاعية ضمن برنامج الدفاع متوسط الأجل، وهي في الأساس خطة اليابان العسكرية.

وصدرت المبادئ التوجيهية لبرنامج الدفاع الوطني وأحدث برنامج دفاع متوسط المدّة في ديسمبر (كانون الأول) 2018.

وأوضح التقرير أن هذا الموقف المتغير سيجبر الساسة اليابانيين على إعادة النظر في سياسة سينشو بوي، السياسة التوجيهية للبلاد في الدفاع القومي حصراً، والترويج لأي تغييرات يؤيدها الرأي العام اليابانيّ.