الأربعاء 11 يناير 2023 / 23:59

الوجود الأمريكي في سوريا أكثر خطورة من أي وقت مضى

24 - أحمد إسكندر

مع تواصل العمليات العسكرية للقوات الأمريكية بعد توقف في أعقاب هجمات تركيا على القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، وتجاهل هذا الميل للوضع الراهن والمخاطر التي جعلت الوجود الأمريكي (العسكري) المستمر في سوريا محفوفاً بالمخاطر على شكل متزايد، يبدو أن القتال عقيدة السياسة الأمريكية في سوريا خلال 2023.

وبحسب ما ذكرت مجلة "ذا ناشونال إنتريست"، أثبت قرار واشنطن بدعم التمرد أنه "كارثي" مع بداية الحرب الأهلية السورية، ومكّن من صعود تنظيم داعش والجماعات المسلحة الأخرى وأدت المذبحة التي أعقبت ذلك إلى مزيد من التدخل، ومع هزيمة داعش، أصبح التبرير الأمريكي للبقاء في سوريا مشوشاً. وهو تبرير تمركز القوات الأمريكية في سوريا لحماية القوات الأمريكية نفسها.

خطورة الوضع
يمكن القول أن استراتيجية واشنطن ثابتة، لكن الوضع الديناميكي أكثر خطورة من أي وقت مضى، وجاءت الهجمات الصاروخية التركية على القوات الكردية التي تبعد عن القوات الأمريكية 130 ياردة فقط بحسب "واشنطن بوست". وتنظر تركيا إلى حلفاء واشنطن الأكراد على أنهم إرهابيون، وقد أثار القصف الأخير في إسطنبول احتمال غزو تركي بري آخر لسوريا. وفي المقابل تماماً أوقفت تركيا العضو في الناتوطلبات السويد وفنلندا الانضمام للناتو بسبب مخاوفها بشأن المسلحين الأكراد. من غير المرجح أن تكسب الولايات المتحدة أي شيء من المزيد من التورط في صراع مستمر منذ السبعينيات، ومن المرجح أن يؤدي استعداء تركيا إلى تقويض تماسك الناتو، بالنظر إلى مدى جدية أنقرة في التعامل مع تهديد الكردي الذي تعتبره إرهاباً.

وبحسب المجلة، تجاوز الوجود الأمريكي في سوريا الغرض المقصود منه، ففي الأسابيع الماضية، فقد داعش زعيمه للمرة الثالثة. بعد 3 سنوات من الهزيمة الإقليمية لداعش، تم القضاء على الجماعة لدرجة أن هويات ذلك القائد وخليفته لا تزال مجهولة، وحالياً أوقف حلفاء واشنطن الأكراد العمليات ضد داعش تماماً، وهنا يكمن التساؤل لماذا يجب أن تكون واشنطن مستعدة للمخاطرة بمئات من القوات الأمريكية لمحاربة عدو هو في الأساس من الأنواع المهددة بالانقراض؟.
أسباب للانسحاب
قبل الهجمات التركية الأخيرة في سوريا، كان هناك الكثير من الأسباب للانسحاب أبرزها استهداف الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران بانتظام للقوات الأمريكية داخل سوريا والعراق ولا يتعين على الولايات المتحدة قبول هذه المخاطرة ومن المتوقع أن تستمر هذه الميليشيات في قتال القوات الأمريكية إلى أن تغادر بما يحقق المصالح الإيرانية سياسياً وعسكرياً.

وترى "ذا ناشونال إنتريست" أن سوريا ليست مصلحة أساسية للولايات المتحدة حيث تقع على أطراف منطقة قامت الولايات المتحدة بالفعل بإلغاء التأكيد عليها في إستراتيجيتها للدفاع الوطني، وعلى النقيض، تعتبر سوريا حاسمة بالنسبة للجمهورية الإيرانية كونها جزءاً من شبكة الردع الإيرانية ومرتبطة دينياً بالمؤسسة الشيعية في إيران. في حين أن الولايات المتحدة هي اللاعب الأكبر، فإن إيران مستعدة للمخاطرة أكثر بكثير للحفاظ على نفوذها في سوريا. وهذا يعني دعم الهجمات المتطرفة على القوات الأمريكية من أجل الضغط لتحقيق الانسحاب الأمريكي.

تكلفة
ربما يبدو احتلال سوريا منخفض التكلفة، لكنه ليس كذلك، ويبدو أن 900 جندي في سوريا هم قوة صغيرة، فإن هذا يخفي الأصول المطلوبة لتوفير الدعم اللازم وهنا لا تؤثر التكلفة المنخفضة أيضاً في خطر التصعيد مع إيران، والذي قد يكون مدمراً للقوات الأمريكية في جميع أنحاء الخليج العربي ومن المحتمل أن يقع عشرات الآلاف من القوات الأمريكية في مرمى الطائرات الإيرانية بدون طيار والصواريخ الباليستية.

تواصل واشنطن إنفاق والثروات وإراقة الدماء على صراع لا ينتهي، عطل حياة ملايين المدنيين. ويكون استمرار هذه المهمة سهلاً من الناحية السياسية، لكن تفوح منه رائحة الجبن الأخلاقي لتجنب تغيير النمط الفاشل للعقد الماضي. تتجاوز حصيلة التدخل المضلل في سوريا ساحة المعركة الدولية، وربما حان الوقت لواشنطن لإنهاء هذا وإعادة قواتها من سوريا.