جدارية لمجموعة من مقاتلي فاغنر الروسية (أرشيف)
جدارية لمجموعة من مقاتلي فاغنر الروسية (أرشيف)
الإثنين 23 يناير 2023 / 14:39

"فاغنر".. من مطبخ الكرملين إلى قلب الحرب بين روسيا وأوكرانيا

24 - بلال أبو كباش

تحول اسم "ريخارد فاغنر"، الموسيقي الأحب إلى قلب الزعيم الألماني السابق أدولف هتلر، مع الزمن إلى علامة عسكرية، تمتهن القتال من أجل المال، وتبحث دائماً عن موطئ قدم لها في الحروب، كان آخرها في حرب أوكرانيا، ليزداد الحديث لاحقاً عن دورها، وعن مؤسسها يفغيني بريغوجين، الذي تخفى طويلاً في مطابخ الرئيس بوتين، حتى تبنى دور زعامة تلك المجموعة، إثر ما حققته من أساطير في شبه جزيرة القرم.

تؤكد الولايات المتحدة أن قرابة 50 ألفاً من مقاتلي فاغنر منخرطون في حرب أوكرانيا

تواجه روسيا تهماً باستخدام فاغنر للسيطرة على الموارد الطبيعية في أفريقيا

تاريخها
يعود تاريخ مجموعة فاغنر الروسية المسلحة، إلى عام 2014، الذي جرى خلاله تكليفها بأول مهامها في شبه جزيرة القرم، لمعاونة القوات الانفصالية الموالية لروسيا في السيطرة على المنطقة الأوكرانية. بدأت الشركة العسكرية رحلتها في عالم الحروب، ببضعة آلاف من المرتزقة، جلهم كان من قدامى المحاربين، والمتقاعدين من وحدات النخبة العسكريّة الروسية، بقيادة من يفغيني بريغوجين، المشهور بطباخ الرئيس بوتين، ويُعد أيضاً أحد أبرز الأوليغارش الروس، وفقاً لـ"بي بي سي".  

مؤسسها
ولد يفغيني بريغوجين في سان بطرسبورغ الروسية، التي ينحدر منها الرئيس فلاديمير بوتين، وهي المدينة التي جمعت الصديقين بعد قصة غريبة، بدأت أحداثها عقب خروج بريغوجين من السجن الذي أمضى فيه 9 أعوام جراء اتهامه بالعنف والسرقة. وبعد خروجه بسنتين افتتح مطعمه الأول في سفينة عائمة، وشاءت الصدف أن يصطحب بوتين إلى ذلك المطعم ضيفه الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك. 

وبسبب حبه للإتقان، وطموحه الكبير، تمكن بريغوجين من الحصول على اتفاق لتوفير الأطعمة في حفلات الكرملين، وبعدها لوزارة الدفاع الروسية. ثم جاءت العقود السخية الذي جعلته مليارديراً من الأوليغارشية الروسية، ومقرباً من بوتين. 

دورها بأوكرانيا
في سبتمبر (أيلول) الماضي، ظهر بريغوجين متحدثاً إلى سجناء، وعدهم بتخفيف فترة العقوبة، في حال سفرهم إلى أوكرانيا للقتال هناك، لمساندة الجيش الروسي الذي تراجع بشكل كبير ولقي خسائر كبيره في صفوفه جراء مقاومة الجيش الأوكراني الشديدة، منذ بداية الحرب في فبراير (شباط) الماضي.

ويعزو كثيرون السبب في تأخر مشاركة فاغنر بالحرب في أوكرانيا إلى خلافات بين بريغوجين ووزير الدفاع سيرغي شويغو، بالإضافة إلى أعضاء آخرين من كبار قادة الكرملين، بحسب تحقيق حديث أجرته الوسيلة الإعلامية الناطقة بالروسية "ميدوزا".

وتشير التقديرات إلى أن 20 ألفاً من عناصر مجموعة فاغنر يقاتلون حالياً في أوكرانيا، في حين تؤكد الولايات المتحدة، أن قرابة 50 ألفاً من مقاتلي فاغنر منخرطون في الحرب. 

لعبت المجموعة المسلحة دوراً بارزاً في الهجوم على باخموت بمنطقة دونباس بشرق أوكرانيا، كذلك في القتال العنيف الذي دار في سوليدار، التي سيطرت عليها موسكو.

ورغم انخراطهم بشكل متزايد في الحرب، إلا أنه لا يمكن الوقوف على فاعلية عناصر فاغنر في ساحات المعارك بشكل قاطع، فيما يقول خبراء إن فاغنر تكبدت خسائر بشرية كبيرة دون إحراز تقدم كبير يصب في صالح القوات الروسية، بحسب ما ذكرته قناة "دوتشه فيله". 

ممولوها
ويعتقد كثيرون أن وكالة الاستخبارات العسكريّة الروسية، هي التي تمول وتشرف سراً على مجموعة فاغنر، وقال تقرير نشرته "بي بي سي"، إن القاعدة التدريبية للمجموعة جنوب روسيا، تتواجد جنباً إلى جنب مع قاعدة عسكرية روسية، في ظل نفي مستمرّ من الدولة الروسية، لأي علاقة بينها وبين مجموعة فاغنر.

ويعود السبب إلى نفي العلاقة بين موسكو وفاغنر، إلى الدستور الروسي الذي لا يجيز إنشاء شركات عسكرية خاصة أو جيش مرتزقة؛ إذ ينص على أن مسؤولية الأمن والدفاع عن البلاد تقع على عاتق الدولة دون غيرها، فيما يحظر القانون الروسي على المواطنين الروس العمل كمرتزقة.

ورغم ذلك فإن القانون يسمح للشركات التي تديرها الحكومة بإنشاء وامتلاك قوات أمن مسلحة خاصة، وهي ثغرات قانونية تمثل منطقة رمادية شبه قانونية تتيح لمجموعة فاغنر بالعمل.

عقيدتها
وتقوم عقيدة القتال في فاغنر على الترهيب والعنف، وتستخدم أعداداً كبيرة من المدانين ذوي التدريب السيء في معاركها بأوكرانيا. 

وتشير الاستخبارات البريطانية إلى أن الارتفاع الكبير في أعداد مقاتلي فاغنر مرتبط بتجنيدها المستهدف للمدانين في السجون الروسية. ويقول مسؤولون بريطانيون، إن تقديرات المصادر العلنية تشير إلى أن عدد المدانين في السجون الروسية قد انخفض بأكثر من 23000، في الشهرين السابقين على نوفمبر (تشرين الثاني 2022). 

وتتهم الأمم المتحدة والحكومة الفرنسية فاغنر بارتكاب عمليات اغتصاب وسطو ضد المدنيين في جمهورية أفريقيا الوسطى، كما يتهم الجيش الأمريكي فاغنر بزرع ألغام أرضية وعبوات ناسفة أخرى في العاصمة الليبية طرابلس، وفي محيطها.

وتواجه روسيا اتهامات باستخدام فاغنر للسيطرة على الموارد الطبيعية في أفريقيا، فضلاً عن التأثير على الشؤون السياسية والصراعات في دول مثل ليبيا والسودان ومالي ومدغشقر.

ومؤخراً، صنّفت الولايات المتحدة مجموعة فاغنر الروسية على أنها "منظمة إجرامية دولية"، وفق ما أعلن البيت الأبيض، مندداً بما تقوم به في أوكرانيا.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، إن فاغنر "منظمة إجرامية تواصل ارتكاب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع"، لافتاً إلى أن مجموعة المرتزقة تنشر نحو "50 ألف" شخص في أوكرانيا، معظمهم سجناء صدرت بحقهم أحكام في روسيا.