إسرائيلية في مظاهرة ضد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في تل أبيب.(أف ب)
إسرائيلية في مظاهرة ضد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في تل أبيب.(أف ب)
الإثنين 30 يناير 2023 / 14:49

الاحتجاجات الداخلية تقلق نتانياهو أكثر من الفلسطينيين

24- طارق العليان

كان يمكن أن يكون التصعيد في جنين الأسبوع الماضي بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "تشتيتاً مشروعاً" للانتباه عن الاحتجاجات الحاشدة ضد الإصلاحات القضائية اليمينية.

قد يكون التهديد الأمريكي بتقليص المساعدة أو الدعم هو شريان الحياة لنتانياهو

وقال مسؤولون في الصحة الفلسطينية إن عشرة فلسطينيين، بينهم امرأة تبلغ من العمر 60 عاماً ومدنياً، قُتلوا يوم الخميس فيما وصفته إسرائيل بعملية لمكافحة الإرهاب في جنين، التي أصبحت مرتعاً للجماعات الفلسطينية المسلحة.

دعوات بوقف التصعيد
وذكرت باربرا ليف، مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، في إحاطة للصحفيين قبل رحلة وزير الخارجية الأمريكية أنطوني بلينكين إلى إسرائيل والضفة الغربية، أن الولايات المتحدة "تحض على وقف التصعيد"، وتبدي أسفها حيال الضحايا المدنيين الفلسطينيين، وتؤكد أن قطع السلطة الفلسطينية للعلاقات الأمنية مع إسرائيل خطوة خاطئة.

وكانت المحللة إليزابيث هاجيدورن توقعت أن يسعى بلينكن وكبار مساعديه "خلال الاجتماعات مع نتانياهو وكبار مساعديه"، للحصول على تأكيدات بأن الحكومة الإسرائيلية الجديدة لن تغير ترتيب الوضع الراهن الدقيق في الأماكن المقدسة في القدس، أو تتوسع في بناء المستوطنات في الضفة الغربية أو تتخذ إجراءات أحادية أخرى من شأنها أن تقوّض حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي الطويل الأمد".

بالنسبة لنتانياهو، الذي يتولى رئاسة الوزراء للمرة السادسة، فإن هذا كله يتسق مع المسار السياسي. فموجة الزائرين الأمريكيين رفيعي المستوى في الآونة الأخيرة- بمن فيهم مستشار الأمن القومي جيك سوليفان الأسبوع الماضي، ومدير المخابرات المركزية بيل بيرنز هذا الأسبوع – والتي تركزت في الغالب على القضية الفلسطينية وإيران- لها إيقاع مألوف.

طمأنة العاهل الأردني
كما كان الهدف من الاجتماع الذي عقده نتانياهو في عَمان يوم الثلاثاء مع الملك عبدالله طمأنة العاهل الأردني بأن إسرائيل ستحترم الوضع الراهن التاريخي للمسجد الأقصى وإحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية الخاملة، كما ذكرت رينا باسيست.

وكانت عملية تحويل انتباه الرأي العام قيد العمل عندما قصفت طائرات إسرائيلية مدينة غزة في وقت مبكر من يوم الجمعة رداً على صواريخ أطلقها نشطاء فلسطينيون.

المفاجأة، بحسب "المونيتور" كانت في الهجوم الإرهابي على مدنيين إسرائيليين خارج كنيس يهودي في القدس ليلة الجمعة، مما أسفر عن مقتل سبعة إسرائيليين على الأقل، وهو ما أدى إلى رفع التصعيد الأخير من الدرجة الروتينية إلى "الاستراتيجية"، حسب رأي بن كاسبيت. ويمكن أن يؤدي قيام إسرائيل بعملية أوسع، ورد فلسطيني، خاصة إذا شعرت حماس والجهاد الإسلامي أنهما مضطرتان للدخول في المعركة، إلى جولة أخرى من العنف الذي هز إسرائيل والضفة الغربية وغزة في السنوات الأخيرة.

قلق نتنياهو من الشارع الإسرائيلي
وحتى لو تصاعد العنف، لا يزال نتانياهو يجد نفسه على أرض مريحة كقائد أعلى في المجال الأمني أكثر مما يفعل رداً على الاحتجاجات الكثيفة والواسعة النطاق على الإصلاحات القضائية الجذرية التي جاءت بضغط من شركائه في الائتلاف.

وكتب كاسبيت إن "الإسرائيليين يقاومون أولئك الذين يتهمونهم بالتخطيط لتفكيك ديمقراطيتهم (من اليمين)". ويواجه نتانياهو "غضباً شعبياً واسعاً، وتحذيرات من قبل المئات من الاقتصاديين والفقهاء البارزين، وعلامات على سحب الاستثمارات الأجنبية وإدانة دولية" لبرنامج الإصلاح (اليميني).

ويضيف كاسبيت "ربما تكون القضية الاقتصادية هي القضية الوحيدة التي يمكن أن توقف الهجوم التشريعي الخاطف لنتانياهو وشركائه القوميين المتطرفين والمتدينين في الائتلاف.. يفتخر نتانياهو بإدارته للاقتصاد الإسرائيلي المزدهر وموجة الخصخصة التي قادها على مدى أكثر من عقد من الزمن، مع التحرير المالي، وتسريع صناعة الشركات الناشئة عالية التقنية في إسرائيل، واستغلال اكتشافات الغاز الطبيعي كأصل استراتيجي وإنجازات أخرى".

الآن كل هذا في خطر، برأي الافتتاحية، إذ سعى قادة الأعمال والمجموعات الطلابية والنشطاء والعسكريون السابقون والفنانون وغيرهم لإحباط هجوم الجناح اليميني، الذي يخشى الكثيرون من أن يقوض القضاء الإسرائيلي المستقل، وهي ضربة محتملة للديمقراطية.

تهديد أمريكي
ووفق الافتتاحية، يكمن الجانب السلبي هذه المرة في أن إدارة بايدن تدرس قضية داخلية إسرائيلية واضحة المعالم، تتجذر على ما يبدو في روح "القيم المشتركة" التي تحرك العلاقة. وكما يشير كاسبيت، من الصعب على نتنياهو قراءة التدخل الأمريكي في هذا الموضوع.
ومع سوليفان، كان نتانياهو مطمئناً بحدوث تسويات في النسخة النهائية لمشروع قانون الإصلاح في النهاية. لكن مع شركائه في الائتلاف، لا يرسل نتانياهو مثل هذه الإشارة.

في أسوأ الحالات، قد يكون التهديد الأمريكي بتقليص المساعدة أو الدعم هو شريان الحياة لنتانياهو لفرض تسوية بشأن التشريع، الأمر الذي يقسم المجتمع الإسرائيلي ويعرض اقتصادها للخطر، حسب الافتتاحية.