إيرانية في معرض للرسوم الكاريكاتورية عن الهولوكوست في طهران.(أرشيف)
إيرانية في معرض للرسوم الكاريكاتورية عن الهولوكوست في طهران.(أرشيف)
الثلاثاء 31 يناير 2023 / 13:41

إنكار إيران للمحرقة.. تداعيات وعواقب

24- طارق العليان

أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 يناير (كانون الثاني) 2022 قراراً يدين إنكار وتشويه المحرقة، ولم يفاجئ أحداً أن إيران اختارت أن تكون الدولة الوحيدة في العالم التي أدانت هذا القرار ورفضته.

القوانين التي تمنع التحقيقات في المحرقة تسببت بكراهية مسيحيين أوروبيين للصهاين


أقرت الأمم المتحدة القرار بعد شهر واحد من تشكيك الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في المحرقة خلال مقابلة في برنامج 60 دقيقة على قناة "سي بي إس نيوز" الأمريكية.

وفي هذا الإطار، قال مائير جافيدنفار، محاضر وكاتب ومعلق إيراني-إسرائيلي. يدرّس السياسة الإيرانية في جامعة رايشمان في إسرائيل منذ عام 2012، في مقال بصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية إن أنظار العالم تتجه إلى الاحتجاجات المستمرة في شوارع إيران، ويجب على المجتمع الدولي الاستمرار في تحميل النظام الإيراني المسؤولية عن إنكاره المنهجي للمحرقة وإبداء عدم احترامه لضحاياها.

مسابقات رسوم متحركة عن المحرقة
وأضاف: حتى الآن، وفي ثلاث مناسبات، أقام النظام الإيراني مسابقات رسوم متحركة عن المحرقة. عُقد الاجتماع الأول في عام 2006، بعد فترة وجيزة من تولي محمود أحمدي نجاد منصب الرئاسة. وعام 2016، أرسل المرشد الأعلى علي خامنئي رسالة إشادة شخصية للمنظمين. في يوم رأس السنة الجديدة عام 2021، أصدر المسؤولون الإيرانيون، بدعم من خامنئي، النتائج الكاملة لمجموعة كبيرة من الرسوم السياسية الإيرانية الثالثة التي تهدف إلى تعزيز إنكار المحرقة.


وفي غضون ذلك، يواصل النظام الإيراني استخدام المحرقة بسخرية لمهاجمة الغرب، زاعماً أبن ادعاءات حرية التعبير في الدول الغربية مجرد أكاذيب لأن الحكومات الغربية ترفض وتعاقب من ينكر المحرقة.

كان هذا واضحاً مؤخراً، بعد فترة وجيزة من نشر المجلة الفرنسية الساخرة "شارلي إيبدو" الفرنسية رسوماً كاريكاتورية للمرشد الأعلى خامنئي.

في مقال نُشر في 7 يناير ( كانون الثاني) 2023، استخدم الدبلوماسي الإيراني السابق محسن باكين في موقع "خبر أونلاين" الذي يتخذ من إيران مقراً له، الحظر المفروض على إنكار المحرقة في فرنسا للادعاء بأن ما سمح بنشر الرسوم الكاريكاتورية ليس قوانين حرية التعبير في فرنسا، ولكن كراهية الإسلام التي أقرتها الحكومة الفرنسية.

ذهب باكين إلى القول إن القوانين التي تمنع التحقيقات في المحرقة تسببت بكراهية العديد من المسيحيين الأوروبيين للصهاينة، واصفاً المحرقة بأنه حدث "مشكوك فيه".
وادعى أن هذه القوانين جعلت معاداة السامية أيضاً "جزءاً لا يتجزأ من الثقافة المسيحية في أوروبا"، متجاهلاً القرون العديدة التي سبقت إنشاء دولة إسرائيل الحديثة، والتي كانت خلالها معاداة السامية جزءاً لا يتجزأ من أوروبا المسيحية.

لم يكن باكين وحده الذي يعزف هذا اللحن. بعد فترة وجيزة، استخدم إيرانيون آخرون، بمن فيهم كبار المسؤولين مثل عضو مجلس الخبراء آية الله محمد خاتمي، نفس الحجة فيما يتعلق بالمحرقة لمهاجمة رسوم "تشارلي إبدو" الكاريكاتورية لخامنئي علناً.

ويعتقد خاتمي، مثله مثل غيره من المتشددين، أن الحكومة الفرنسية تعمدت فرض عقوبات على نشرها. بالإشارة إلى الرسوم الكاريكاتورية السابقة لشارلي إيبدو للنبي محمد (ص)، هاجم خاتمي الحكومة الفرنسية: "هذا المنشور [شارلي إيبدو] ليس مهماً. المهم هو دعم الحكومة الفرنسية لهذا المنشور باسم حرية التعبير. حرية تعبير حيث لا يمكن لأحد أن يقول أي شيء عن المحرقة".

وتابع الكاتب: في السنوات القادمة، يجب ألا يكون هناك توقع واقعي بأن النظام الإيراني سوف يبتعد عن خطاب المحرقة.

خامنئي والتشكيك في المحرقة
ويرجع ذلك أساساً إلى أن أقوى شخصية في إيران، المرشد الأعلى خامنئي نفسه، كان يشكك وينكر المحرقة منذ سنوات عديدة. ويخطو مسؤولو النظام الإيراني، الذين هم أقوى بكثير من المسؤولين المنتخبين، بحذر ضمن الحدود التي وضعها خامنئي في أي موضوع رئيسي مثل المحرقة. والابتعاد عن نهج خامنئي سيعني على أقل تقدير خسارة الامتيازات السياسية والاقتصادية الخاصة.

كما أنه من غير المرجح أن يغير خامنئي وجهات نظره بشأن المحرقة. وبينما يتسامح نظامه مع يهود إيران، فإنه يحتفظ أيضاً بآراء معادية للسامية بشدة.

ونشر العديد من المواقع الإخبارية التي أقرها النظام مقالات تفيد بأن اليهود (أو "الصهاينة") يسيطرون على وسائل الإعلام وكذلك الحكومات والأموال في مختلف الدول الغربية.

وفي الوقت نفسه، تم الترحيب بالمعادين للسامية المعروفين مثل منكر المحرقة الفرنسي ديودوني مبالا مبالا وزعيم أمة الإسلام لويس فاراخان كضيوف على النظام الإيراني في عامي 2015 و2018 على التوالي.

واختتم الكاتب مقاله بالقول: بينما يعاني العالم من أحداث قمع إيران للمتظاهرين، فإن تقدم برنامجها النووي المثير للجدل، وتصرفاتها الإقليمية والعالمية الخبيثة، واستمرار إنكار النظام الإيراني الصارخ للمحرقة، وولعه بالتصريحات العلنية المعادية للسامية، هو أمر يجب على المجتمع الدولي أن يأخذه بجدية في التعامل مع طهران".