جورج سوروس(أرشيف)
جورج سوروس(أرشيف)
الأربعاء 1 فبراير 2023 / 12:16

جورج سوروس.. أخطر رجل في أمريكا

24- طارق العليان

أشارت صحيفة "نيويورك بوست" إلى الاستقصاء الذي أجراه الصحافي مات بالومبو في خمسة أجزاء، لإثبات أنّ إمبراطور التمويل جورج سوروس البالغ من العمر 92 عاماً أخطر رجل في أمريكا.

تشمل الإمبراطورية غير الربحية لسوروس أبرز الصحافيين

 وفي تقريرها المفصل، حللت "نيويورك بوست" نتائج الاستقصاء. وكتبت: أنفقَ سوروس أكثر من 40 مليون دولار على تعيين مدعين عامين ومسؤولين آخرين من اليسار السياسي في مدن كبرى في أنحاء الدولة. والمرشحون الذين قدَّمَ دعماً لهم ولحلفائهم يمثلون الآن على الأقل خُمس الشعب الأمريكيّ، ويشملون عشاق الجرائم أمثال المدعي العام لمانهاتن ألفين براغ، ولاري كراسنر المدعي العام لفيلادلفيا الذي تسببت "إصلاحاته" في وقوع 516 جريمة قتل في 2022، وجورج غاسكون المدعي العام للوس أنجلس الذي شهدت مدينته تصاعداً لمعدلات جرائم السرقة، وكيم فوكس المدعي العام لشيكاغو الذي تركَ رجلي عصابات يُطلقون النار في وضح النهار، مما أسفر عن وقوع خسائر بشعة في الأرواح.

ولكن، ما جدوى شراء مناصب المدعي العام دون شراء شخصيات إعلامية للتأكيد على رسالة أن تصاعد معدلات الجريمة ليس واقعاً مُعاشاً؟ تتساءل افتتاحية "نيويورك بوست".

تشمل الإمبراطورية غير الربحية لسوروس أبرز الصحافيين في هيئة الإذاعة الوطنية وصحيفة "واشنطن بوست" ووكالة "رويترز" للأنباء الذي يشغلون منصباً ضمن مجالس إداراتها.

ويُعدُّ سوروس من أكبر المُتبرعين لمؤسسة ProPublics والإذاعة الوطنية العامة، كما أنفق على الأقل 131 مليون دولار خلال الفترة بين 2016 و2020 لدعم مئات الفِرق الإعلامية الناشطة التي تدعم آرائه اليسارية المتعلقة بالجريمة والنوع الاجتماعي والرأسمالية، وتتدخَّل أيضاً بقوة لدحض أي انتقادات موجهَّة لهذا الرجل الثري تَصِفَه بأنه معادي للسامية.

وإذا خطرت أي أفكار لعموم الناس – كفكرة أنّ الكمبيوتر المحمول لهانتر بايدن حقيقي فعلاً – فسيتحرك خبراء تقصي الحقائق الممولون من سوروس لسحق أي شقاق. فقد أقام سوروس شراكة مع كبرى شركات التقنية، إذ أنشأ شركة "غود إنفورميشن" بالتعاون مع ريد هوفمان المؤسس المُشارك لشركة LinkedIn.

وهو يدعم شبكة IFCN، وهي شبكة عالمية متخصصة في مكافحة "المعلومات المُضللة" مارست ضغوطاً على شركة Facebook للتمادي في رقابتها، كما قدم دعمه لجماعة أخرى تحثُّ الرؤساء التنفيذيين في مجال التقنية على أن يسيروا على النهج نفسه. وعلاوة على ذلك، يمول سوروس الشركة الأم لموقع "بوليتيفاكت"، فضلاً عن جيشٍ صغير من الجماعات المثيلة في أوروبا.

تجفيف منابع الاستقصاء الحر
وساعدت هذه الجماعات على مناقشة فرضية تسرب فيروس كورونا المُستجد من المختبر، والمشكلات المتعلقة بهانتر بايدن، وغيرها من الأخبار المهمة الحقيقية، ووصفتها بالموضوعات الزائفة المُضللة. وبتعبيرٍ آخر، يتعاون سوروس وشركات التقنية الكبرى بشكلٍ وثيق لتجفيف منابع الاستقصاء الحر.

وحتى كبار موظفي البيت الأبيض لم يسلموا منه ودخلوا في نطاق نفوذه. ومثال على هؤلاء المحامية نيرا تاندن صديقة بايدن، والرئيسة السابقة لمركز التقدم الأمريكي المُموَّل من سوروس، أو رئيس الأركان المنتهية ولايته رون كلاي (وهو أحد أعضاء ذراع الضغط السياسي لمركز التقدُّم الأمريكي)، أو وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي يتمتع والده بعلاقات قوية بسوروس واتخذ إجراءات ضد أحد منتقدي سوروس البارزين في وقت مبكر من ولايته، وكذلك 17 عضواً من أعضاء فِرَق المرحلة الانتقالية التي استعان بها بايدن إذ تأهبَّ لتقلُّد مهام منصبه، وكانت تربطهم بسوروس علاقات متينة.

ويجري حاليّاً بالفعل تأهيل الجيل التالي من الأمريكيين ليسيروا على الخطوط الأيديولوجية عينها. فقد خصصت مؤسسات المجتمع المفتوح ميزانية قدرها 63 مليون دولار عام 2020 وحده لجهود تشكيل التعليم العالي.

وموَّلَ سوروس برامج مثل "مبادرة بَارْد للشباب الفلسطيني"، وهي ثمرة جهود في جورج تاون تهدف إلى غرس التطرف في منظومتنا القضائية و"إلغاء السجون والشرطة". ووعدَ بتخصيص مبلغ مهول قيمته 500 مليون دولار للمبادرة.

لِماذا يريد سوروس – الذي فرَّ من السوفييت وحقق نجاحاً لا يتخيله عقل في دولة ديمقراطية رأسمالية مدعومة بسيادة القانون والصحافة الحرة القوية – أن يُقوِّض كل منظومة جعلته ثريّاً ثراءً فاحشاً ونافذاً للغاية؟ ولماذا يُقوض الفرص عينها التي تمتع بها؟ تتساءل "نيويورك بوست".

فهو يدعم المدعين العامين الذين لا يُحاكِمون المحتالين. ويريد صحافة لا تطرح أسئلة شائكة على الأشخاص النافذين (وخاصّةَ عليه هو). ويسعى إلى أن تُعلِّم الجامعات الأطفال الذين يسهل التأثير عليهم أن يكرهوا بلدهم وأولياء أمورهم.

سورس..اسم ملء السمع والبصر
الواقع أنه لو كان سوروس يمينيّاً، لكان اسمه ملء السمع والأبصار كل أسبوع في جميع المنافذ الإعلامية. لكنّ سياساته تتسق مع سياسات غالبية الصحافيين والأكاديميين (ولو أنها لا تتماشى مع سياسات غالبية الأمريكيين). ولذلك، فإن التأثير المهول لهذا الرجل الوحيد وأمواله على المجتمع الأمريكي لا يُعلن عنه أحد إلى حدٍ كبير، أو يمكن أن يُطلق عليه اسم "نظرية المؤامرة".

إمبراطورية سوروس لا تنتهي
وتشهد على ذلك أيضاً حقيقة أنه حوَّلَ نحو 18 مليار دولار إلى مؤسسات المجتمع المفتوح التي تزاول أعمالها الآن تحت إشراف ابنه ألكساندر (البالغ من العمر 37 عاماً فقط)، مما يعني أنه عندما يقضي العجوز الطاعن في السن سوروس نحبه، سيبقى تأثيره ونفوذه، وستستمر امبراطوريته.

أنفق سوروس ثروة لبسط نفوذه في السياسات ووسائل الإعلام والمجتمع الأمريكي، فجعلنا أسوأ حالاً مما كنا في الماضي، وأقام البنية التحتية التي تضمن له دوام الحال بعد موته.

وعليه، تخلص الصحيفة إلى أن هذه ليست بنظرية مؤامرة، وإنما حقيقة تستحق تسليط الضوء عليها، ومقاومتها بكل قوة.