الأربعاء 1 فبراير 2023 / 23:58

استراتيجية بايدن في أوكرانيا تتعلق بالدبلوماسية وليس بالنصر

"الحرب في أوكرانيا وصلت إلى مرحلة جديدة"، هذا ما قاله الكاتب والمحلل هال براندز، في تعليقه على استراتيجية الولايات المتحدة بشأن المعارك الدائرة في كييف، مؤكداً أنها "تشهد تحولاً هاماً".

يقول براندز بمقال في وكالة بلومبرغ إنه على الرغم من تراجع المخاوف من التصعيد النووي الروسي، إلا أن هناك قلق متزايد من حرب طويلة تتميز باستنزاف واسع النطاق للطرفين، لذا فإن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تكثف دعمها لأوكرانيا الآن على أمل التوصل إلى حل دبلوماسي في نهاية المطاف، وهو ما وصفه الكاتب بأنه مسار "التصعيد للتهدئة" الذي من الصعب جداً تنفيذه.
حرب متغيّرة
يشير الكاتب إلى أنه بعد مرور عام تقريباً على الحرب، لا أحد يمكن أن يتوقع مسارها، إذ إنه خلال الأشهر الستة الأولى، كانت لدى روسيا المبادرة، لكن على مدى الأشهر الخمسة التالية، تسلّمت أوكرانيا المبادرة، وحاول المحللون تحديد موقع وآفاق هجماتها المضادة.

أما الآن، فمن الصعب معرفة ما يأتي بعد ذلك ومن لديه الجرأة أكثر قد يستعد كلا الجانبين لهجمات جديدة ويتعاملان مع الخسائر في ساحة المعركة ويعززان القدرات التي تجعل من الصعب تمييز بين قوتيهما النسبية.

ويرى الكاتب أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ربما يعتمد على الوقت، بمعنى أنه يستمر في ضرب البنية التحتية لأوكرانيا، بينما يحتفظ على الأقل بما لديه في ساحة المعركة، وربما من خلال هذه الاستراتيجية يمكنه إنشاء معركة طويلة الأمد تثبت فيها تفوق القوى العاملة الروسية لتحسمها في نهاية المطاف.

أما أوكرانيا، فمن وجهة نظر المحلل براندز فترى الوقت عدواً لها لذا تُفكر في أن تستغل القوات الروسية المهترئة سيئة التجهيز الآن، قبل وصول قوات روسية إضافية تم حشدها حديثاً إلى ساحة المعركة، وقبل أن يصل الإنتاج الدفاعي الروسي إلى أعلى مستوى، وقبل حتى أن يتبدد الدعم الغربي لكييف.

3 سيناريوهات أمريكية
ومن هنا يرى الكاتب أن إدارة بايدن متفائلة بحذر بشأن آفاق أوكرانيا إذ يدافع بوتين عن جبهة أقصر مع عدد أكبر من القوات. وهذا يجعل طرد القوات الروسية من كل شبر من الأراضي الأوكرانية أمراً صعباً، حتى لو كان جيش كييف الملتزم قادراً على الذهاب إلى أبعد مما عليه الآن.

لذا يشير الكاتب إلى أن الإدارة الأمريكية تقوم الآن بتحديث استراتيجيتها بثلاث طرق أولها تحديد أهداف الحرب في ديسمبر (كانون الأول) أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة أوكرانيا على تحرير الأراضي التي خسرتها منذ فبراير(شباط) الماضي، ولكن ليس بالضرورة كل شبر من الأراضي التي استولى عليها الروس منذ عام 2014.

هدف واشنطن هنا هو أوكرانيا التي يمكن الدفاع عنها عسكرياً وتكون مستقلة سياسياً وقابلة للحياة اقتصادياً، هذا لا يشمل بالضرورة استعادة المناطق الصعبة مثل شرق دونباس أو شبه جزيرة القرم.

ثانياً إرسال أسلحة أكثر تطوراً بالتعاون مع الحلفاء وبهذا الخصوص يضيف الكاتب أن الاستراتيجية الثانية للولايات المتحدة هي إرسال أسلحة مثل حاملات جند مدرعة، وصواريخ باتريوت، ودبابات يمكنها اختراق الدفاعات الروسية ذات الطبقات. والاتجاه نحو توفير ذخائر بعيدة المدى يمكنها سحق المناطق الخلفية الروسية، فالقنبلة ذات القطر الصغير التي تطلق من الأرض، والتي من المحتمل أن تكون جزءاً من حزمة مساعدات قادمة، لديها ما يقرب من ضعف مدى قذائف هيمار التي استخدمتها القوات الأوكرانية لإحداث تأثير مدمر.
قد يشمل النقاش القادم طائرات متطورة كذلك بحسب بايدن الذي قال مؤخراً إن الولايات المتحدة لن توفر مقاتلات إف-16 لأوكرانيا، ولكن هذا أيضاً ما قاله عن توفير الدبابات الأمريكية حتى اللحظة التي غير فيها رأيه.

ثالثاً ضرب الأهداف الروسية وهنا يشير الكاتب إلى أن بايدن لا يتصور أن أوكرانيا ستحرر شبه جزيرة القرم بالقوة، لكن يقال إنه أصبح أكثر دعماً للضربات ضد الأهداف الروسية هناك مثل شبه جزيرة القرم. ولأن القرم مهم جداً لبوتين، فإن تهديده بخسارته قد يكون أفضل طريقة لإجباره على التفاوض بجدية.

استراتيجية ذكية
ويقول الكاتب إنه "على الرغم من أن هذه التحولات السياسية المختلفة تبدو وكأنها تذهب في اتجاهين متعاكسين، إلا أن هناك منطقاً موحداً، وهو أن الولايات المتحدة لا تريد أن تستمر الحرب إلى الأبد، لأنها تحول مساحات شاسعة من أوكرانيا إلى أرض قاحلة تؤثر سلباً على سندات الخزانة الغربية".

لذا يشير براندز إلى أن بايدن يهدف إلى مساعدة أوكرانيا على زيادة الضغط على القوات الروسية، وربما تغيير الخطوط بشكل أكبر لصالحها، كرسم طريق للمفاوضات بعد انتهاء المرحلة التالية من القتال.

يراهن بايدن على أن هناك لحظة محورية سيترنح فيها الروس بشدة بما يكفي للتفاوض، ولكن ليس للتصعيد، وفيها سيوافق الأوكرانيون بعد ظهورهم الأقوى لتحقيق ما يرغبون فيه وما يستحقونه.

واختتم الكاتب مقاله بالقول: "استراتيجية بايدن الجديدة تعبر عن جهد ذكي للتعامل مع ساحة معركة متغيرة، ومعرفة كيف يمكن للتقدم العسكري أن يسهل تسوية لا تزال قائمة.. لكن هذا لا يعني بالضرورة أنها ستنجح".