جندي صيني يراقب مناورات قرب تايوان.(أف ب)
جندي صيني يراقب مناورات قرب تايوان.(أف ب)
الخميس 2 فبراير 2023 / 12:37

كيسنجر يعترف بالخطأ مع أوكرانيا.. فماذا عن تايوان؟

24-زياد الأشقر

تطرق المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية جوزيف بوسكو إلى التغيير الذي طرأ على موقف وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر حيال المسألة الأوكرانية، وقارن ذلك برأيه حيال تايوان، معتبراً أنه دليل حي، على أن التقدم في السن لا يعني أنك لن تتعلم أموراً جديدة، أو تنفي عنك الأشياء القديمة المغلوطة.

على كيسنجر تصحيح حكمه الخاطئ بالنسبة للصين وتايوان، التي ثبت فعلاً أنه كان مخطئاً

وقال بوسكو، في مقال بموقع "ذا هيل"، إن كيسنجر (99 عاماً) أقرّ ضمناً بأنه أخطأ جذرياً في تقدير روسيا، وحربها ضد أوكرانيا، وصفات القادة والشعب في أوكرانيا.

الكارثة الجيوسياسية
فبعدما وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تفكيك الاتحاد السوفيتي بأنه كان "الكارثة الجيوسياسية الأكبر في القرن العشرين"، موحياً بأنه يجب إعادة إحيائه، حض كيسنجر أمريكا على "إظهار حساسية أكبر حيال التعقيدات الروسية".

وبعدما غزا بوتين جورجيا، قال كيسنجر إن "عزل روسيا ليست سياسة قابلة للحياة على المدى البعيد". ومن ثم عندما استولى بوتين على شرق أوكرانيا والقرم، حض كيسنجر كييف على تبني الحياد بين روسيا والغرب.


وفي مايو (أيار) 2022، قال كيسنجر أمام المنتدى الإقتصادي العالمي في دافوس، إن "ثمة حاجة إلى بدء مفاوضات في الشهرين المقبلين قبل أن تولد اضطرابات وتوترات لن يكون من السهولة بمكان التغلب عليها. ومن الناحية المثالية، فإن خط الفصل يجب أن يكون بالعودة إلى الوضع السابق. إن مواصلة الحرب في ما يتجاوز هذه النقطة لن تكون من أجل حرية أوكرانيا، وإنما حرباً جديدة ضد روسيا نفسها".

وشرح أن ما عناه بالوضع السابق هو الحدود التي سبقت الحرب في 24 فبراير (شباط). وبذلك تتوقف الفتوحات الروسية، لكن ليست الأراضي التي احتلتها قبل عقد من الزمن، بما في ذلك القرم. إن تلك الأراضي يمكن أن تكون موضعاً للمفاوضات بعد وقف إطلاق النار".

ورد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على اقتراح كيسنجر قائلاً: "يبدو أن روزنامة كيسنجر ليست 2022، وإنما 1938، وهو يعتقد بأنه لا يتحدث إلى جمهور في دافوس، ولكن في ميونيخ ذاك الزمن".

وفي يوليو(تموز) 2022، رد كيسنجر على الانتقادات الأوكرانية قائلاً :"لم أقل إنه يجب التنازل عن الأراضي. إقترحت فحسب وضعاً خاصاً في أي مفاوضات". وأضاف إن شرق أوكرانيا والقرم يجب أن يتم التعامل معهما بشكل مختلف "لأن أهميتهما بالنسبة لروسيا كانت وراء الأزمة الحالية".

وبينما امتدح قيادة زيلينسكي، فإن كيسنجر تساءل حول رؤيته العالمية قائلاً: "لم يعبر عن نفسه بالنسبة للكيفية التي سيبدو عليها العالم بعد الحرب، بالوضوح والاقتناع نفسيهما اللذين سعى من خلالهما إلى مواصلة الحرب".

تراجع جزئي
وفي 17 يناير(كانون الثاني) أمام مؤتمر آخر لمنتدى دافوس، بدأ كيسنجر تراجعاً جزئياً، قائلاً إن انضمام أوكرانيا إلى الناتو، والذي لطالما عارضه، سيكون "نتيجة ملائمة.. إن فكرة أوكرانيا محايدة بموجب هذه الشروط لم تعد ذات معنى".

وهكذا، فإن كيسنجر الذي كان على خطأ لمدة 30 عاماً في ما يتعلق بروسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة،، كان على الجانب الخطأ حيال الصين وتايوان منذ خمسين عاماً.

وبدأ كيسنجر مسلكه الخاطئ بالتفاوض على بيان شنغهاي، الذي يعتبر الخطيئة الأصلية في العلاقات الأمريكية- الصينية. وكتب كيسنجر أنه من دون حل لتايوان يرضي بكين جزئياً على الأقل، لما كان انفتاح الرئيس ريتشارد نيكسون التاريخي على الصين قبيل الإنتخابات الرئاسية عام 1972، ممكناً.

وعلى غرار ما فعل جزئياً بالنسبة لروسيا وأوكرانيا، يتعين على كيسنجر تصحيح حكمه الخاطئ بالنسبة للصين وتايوان، التي ثبت فعلاً أنه كان مخطئاً في ما يتعلق بديمومة ديموقراطيتها.

إن كتاب كيسنجر الأخير عن زعماء العالم التاريخيين تضمن أيضاً الحديث عن نيكسون، الذي كان انفتاحه على الصين أمراً بعث السرور في نفسه، ومن ثم حافظ على هذا الشعور بغض النظر عن إعادة التقويم التي أجراها نيكسون للصين عندما قال: "ربما خلقنا فرانكشتاين بأيدينا".

كما أن كيسنجر لم يتبع حكمة نيكسون عام 1994 عندما قال إن الصين وتايوان "سيبقيان منفصلين سياسياً بشكل دائم"، ربما تأخر الوقت بالنسبة لكيسنجر- وربما لم يتأخر كثيراً-، كي يغير رأيه. ومن أجل تعزيز الردع، الذي فشل في أوكرانيا، يتعين عليه دعم التزام أمريكي حاسم للدفاع عن تايوان.