الخميس 2 فبراير 2023 / 22:33

إيران.. الإجراءات القانونية ضد المتظاهرين أسوأ من محاكمتهم

يرى الكاتب والمحلل الإيراني جيسون رضائيان، أن الإجراءات المتخفية تحت مصطلح القانون والتي يستخدمها النظام في إيران لمعاقبة المتظاهرين على خلفية الاحتجاجات المستمرة منذ سبتمبر(أيلول) الماضي على خلفية مقتل الفتاة مهسا أميني على يد شرطة الاخلاق، تُعدّ أسوأ وأقسى من المحاكمات الصورية التي يلجأ إليها القادة لترويع الشعب.

يقول رضائي في مقال بصحيفة "واشنطن بوست" إن إيران تتبع سياسة طويلة وموثقة جيداً لاستخدام العنف كأداة للقمع السياسي عن طريق شنّ اعتقالات وإجراءات عقابية تليها ما يمكن أن يسمى بالمحاكمات الصورية، "التي هي طقوس مروعة بلغت ذروتها في عمليات إعدام تعسفية وهي نتاج جهاز قتل حكومي مكلف بإبقاء النظام في مكانه".
أحكام الإعدام
في يناير(كانون الثاني) الفائت تم إعدام رجلين إيرانيين بزعم "شن حرب ضد الله" ولم يُعرض على أي من الرجلين محاكمة مشروعة أو السماح لهما بتمثيل قانوني مناسب. ففي جميع الاحتمالات، يتم احتجازهم في الحبس الانفرادي وضربهم للاعتراف بأفعال لم يرتكبوها، ثم يتم إعدامهم على عجل كرادع للمتظاهرين المحتملين الآخرين.

يشير الكاتب إلى أنه "لا يزال العديد من الأشخاص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام عليهم لمشاركتهم في الاحتجاجات، ويتوقف مصيرهم على أهواء القادة الإيرانيين المتقلبين، حيث تنتهي حياتهم عندما تكون مفيدة سياسياً للنظام".
والجمعة الماضية، أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً دعت فيه إلى إلغاء أحكام الإعدام الصادرة بحق 3 من المتهمين، قائلة إنها تعلم أنهم تعرضوا للتعذيب أثناء احتجازهم. ويضيف الكاتب أن المعتقل الرابع ويدعى أرميتا عباسي( 21 عاماً) الذي اعتقل العام الماضي بعد أن نشر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد النظام ويقال إنه تعرض منذ ذلك الحين للاغتصاب مرات عدة في السجن، قد يحاكم في نهاية هذا الأسبوع، وقد يحكم عليه بالإعدام كذلك كما ذكرت "واشنطن بوست" الأسبوع الماضي.

محاكم ثورية
وبحسب رضائيان، لا يحاكم المتظاهرون في محكمة جنائية عادية، بل محكمة ثورية، وقرارات هذه المحكمة السياسية محددة سلفاً. يقول الكاتب: "بصفتي أحد الناجين من نظام العدالة الإيراني، يمكنني أن أقول شيئاً واحداً على وجه اليقين: إذا وجدت نفسك في محكمة ثورية، فلا تتوقع الفوز".

ويضيف: "في الأيام والأسابيع التي أعقبت اعتقالي، تم نقلي من زنزانة الحبس الانفرادي إلى غرفة استجواب، معصوب العينين دائماً، وقيل لي بانتظام في هذه الجلسات العنيفة أن رأسي سيُقطع على الأرجح".
ووفقاً للكاتب فلم يقتصر هذا النوع من المعاملة على غرف الاستجواب، إذ إنه في أول ظهور لي في الفرع 15 من المحكمة الثورية في طهران، يقول: "سألني القاضي أبو القاسم سالافاتي، الذي يشار إليه غالبا باسم "قاضي الموت" لماذا كنت أضيع وقته عندما كنت أعرف أنه سيحكم علي بالإعدام".

نظام عبثي
ويتابع: "الآن بعد سنوات عديدة من تجربتي الخاصة مع هذه العملية الفارغة أخلاقياً، ما يبقى معي هو عبثية محاولة الدولة الإيرانية تشويه سمعة الناس العاديين لهذا السبب، وبقدر خطورة هذه القضية، يجب على العالم الخارجي أن يبدأ في الإشارة إلى هذه التدريبات الهزلية التي يمكن التنبؤ بها على أنها ليست أكثر من مسرح للموت".
ويوضح رضائيان أن "التعامل مع مظاهر القصاص والترهيب الإيديولوجي والسياسي هذه كما لو كانت عمليات قضائية مشروعة لا يؤدي إلا إلى تطبيع نتائجها المروعة"، لافتاً إلى أن "الإشارة إليهم على هذا النحو لا يؤدي إلا إلى إدامة وجودهم".

واختتم الكاتب الإيراني مقاله بالتحذير من أن "القمع الوحشي القاتل هو أداة لحكومة مرعوبة جداً من شعبها لدرجة أنها يجب أن ترعبهم بدورهم كشعب، مثل هذا النظام لا يعرف حدوداً. وكما نرى بالفعل، فإن نظاماً قمعياً مثل إيران مع مرور الوقت يحول عنفه إلى الخارج".