سوريان بين الأنقاض في مدنية جندريس على الحدود السورية التركية بعد الزلزال (أ ف ب)
سوريان بين الأنقاض في مدنية جندريس على الحدود السورية التركية بعد الزلزال (أ ف ب)
الثلاثاء 7 فبراير 2023 / 10:37

إمارات الشهامة و"الفارس الشهم 2"

24 - سليم ضيف الله

المصائب لا تأتي فرادى، هكذا جاء في القول الشائع، وإن كانت للمصائب حسنة، رغم قسوتها، فهي أنها تكشف أحياناً ما يحرص البعض على إخفائه، وبالحديث عن المصائب فإن آخرها وأجلّها ولاشك هو الزلزال المدمر الذي هز مناطق واسعة من تركيا وسوريا، والذي خلف إلى جانب مئات الضحايا والمصابين موقفين متباينيين في التعامل معه.

من المصادفات أن يهز الزلزال الأقوى في المنطقة منذ قرن على الأقل، حسب الأرقام والإحصائيات، بعد يومين بالكاد من الاحتفال بيوم الأخوة الإنسانية، في 4 فبراير (شباط) الجاري، لتكشف لنا الكارثة، أن مسألة الأخوة الإنسانية مسألة تحتاج إلى كثير من النظر.
وبالنظر إلى حجم المأساة المتقارب في البلدين تقريباً، لا يفوت المتابع أن يلاحظ كيف انهال أكثر المساعدات على تركيا، على بعد خطوات أو كيلومترات من الحدود السورية، وكيف تدفقت الفرق والطائرات على تركيا، في حين اضطر السوريون للاكتفاء بالتكبير لمواجهة الكارثة، والنبش باليد والرفش إن وُجد، لإنقاذ المحاصرين تحت الأنقاض، أو لانتشال الجُثث.
ولأنها موطن وثيقة الأخوة الإنسانية، وصاحبة فكرة الاحتفال بها سنوياً في مثل هذه الأيام من كل سنة، سارع "الفارس الشهم" الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لإطلاق جسر جوي فوري، وأمر بإنشاء مستشفى ميداني، وتسيير فرق إنقاذ وإغاثة، مع تسخير كامل لقدرات وتجهيزات عسكرية وشبه عسكرية للتدخل والدعم والإنقاذ، في تركيا وسوريا، معاً.
لم يفت الإمارات أن المصيبة ضربت البلدين بالتساوي، رغم التفاوت الكبير في إمكانيات وقدراتهما على التعامل معها، بسبب التباين الهائل في الوضعين الأمني والسياسي على جانبي الحدود. وفي المقابل اختارت دول أخرى مع استثناءات قليلة، تجاهل الصرخات السورية، والاكتفاء بنجدة المتضررين الأتراك.
إن هذه المواقف المؤلمة، هي بالضبط ما حرص رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد على تجاوزه بقراره تسيير مساعدات إنسانية عاجلة إلى تركيا وسوريا، واتصاله الهاتفي بالرئيسين التركي والسوري، بعد الكارثة مباشرة، حرصاً منه على تأكيد أن المأساة واحدة، في تركيا وسوريا، وأن الإمارات أرض الشهامة وأرض الأخوة الإنسانية، لا يمكنها البقاء مكتوفة الأيدي أمام صرخات المنكوبين والمتضررين على جانبي الحدود، مهما كانت الأسباب والمبررات السياسية، أو الاستراتيجية، وأنه لا مجال للمكابرة أو المزايدة، في ظل كارثة بهذا الحجم.
إن في قرار رئيس الدولة الفوري، إطلاق عملية إنسانية عسكرية متكاملة عملاً بخطط الطوارئ والاستجابة للكوارث في أي منطقة كانت، رسالة جديدة من الإمارات إلى العالم، مفادها، أن أبوظبي  المنخرطة في هذه الجهود عبر عملية "الفارس الشهم -2" ، والرقم 2 هنا، يعني أنها تشمل البلدين في ذات الوقت وبنفس القدر من الاهتمام والجهد، هي ذاتها أيضاً التي أطلقت منذ سنوات طويلة "الفارس الشهم 1"، التي لم تتوقف عن إغاثة المنكوب والملهوف ومساعدة الأرملة واليتيم، من ضحايا الزلازل، والأعاصير، والفيضانات، والكوارث الأخرى في مختلف بقاع العالم، منذ المغفور له المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب ثراه، إلى اليوم بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وهو المبدأ الذي قامت وسارت عليه الإمارات التي لم، ولن تُزايد على الخير والإنسانية، من زايد، إلى محمد بن زايد.