تعبيرية.
تعبيرية.
الثلاثاء 14 فبراير 2023 / 00:32

الإمارات والدبلوماسية التنموية

تشهد أرضنا المباركة كثيرًا من المشاريع التاريخيَّة التي يقف وراءها شعب الإمارات خلف حكومته وقادته العظام، وتترقَّبه عن كثَبٍ المراكز العالميَّة التنافسيَّة، وذلك هو التصور التنموي للدولة التي يراد لها وصولًا لمئويَّة الإمارات 2071.

الإمارات تمثل بدون منازع حضارة الشرق الأوسط الغني بثرواته الحيويَّة





ولا عجب في ذلك، ما دامت الأخلاق هي عنصر أساسي في المنظومة التنمويَّة الشاملة، والقادرة على الاستدامة التي تتبنَّاها دولة الإمارات العربيَّة المتَّحدة، بل إن الأخلاق والقيم السامية هي جوهر تلك الرؤية التنمويَّة.

النهضة الإماراتيَّة تعتمد على الإنسان المتحضر المستنير، وتجتهد في تزويد العقل بكلِّ المقوِّمات والأفكار الخالية من الشوائب، وتسعى إلى خلق مجتمعٍ متسامحٍ وإيجابيٍّ، وهو أسلوب حياة يحياها الإنسان الإماراتي.

إن إعداد إنسان المستقبل يسهم في التنمية الوطنيَّة، ويبني القادة الجدد، ويلهم الشباب على العمل، ويدفع بهم نحو المنافسة المحليَّة والعالميَّة، ويعمل على تهيئة المناخ الاستثماري الملائم للكوادر الوطنيَّة، والوصول بهم للمنافسة عالميًّا في مختلف المجالات.

وإني على يقين أن حكومة المستقبل في الإمارات تتمتَّع برؤية متكاملة، وتتميز باتساع الأحلام وتطاول الأمال، وكل هذه تأتي مسلحة بالإنجاز والإعمار ، وتعزيز ثقافة الابتكار والريادة والتميُّز العلمي الإماراتي التي تشهد به الأرقام والإحصاءات. وتعمل حكومتنا الرشيدة على إلهام الأجيال الشابة من الإماراتيين، وتشجيعهم على الإقبال على دراسة التخصُّصات العلميَّة، كالتكنولوجيا المتقدمة، وعلوم الفضاء وتقنياته، كي ينضموا إلى مجتمع إماراتي علمي يشهد يومًا بعد يومٍ نموًّا متزايدًا من العلماء والمهندسين والباحثين، والارتقاء بجهود الإمارات في مجال الاكتشافات العلميَّة، وتعزيز مساعي الدولة في تطوير منظومتها الاقتصاديَّة وتنويعها، من خلال مبادرات ومشاريع استراتيجيَّة تدعم توجُّهها نحو اقتصاد المعرفة الذي يشكِّل عصب اقتصاد المستقبل.


هذا فضلًا عن ترسيخ مكانة الإمارات عربيًّا وإقليميًّا وعالميًّا، باعتبارها الدولة الأكثر تقدُّمًا وتطورًا ورفاهية في المنطقة، وخصوصًا في قطاع الصناعات العلميَّة والمعرفيَّة، وإن هذا الترسيخ يتم عبر بناء شراكات دوليَّة في قطاع الطاقة والصناعة، بما يسهم في تحقيق الفائدة للبشريَّة، والتصدِّي لأبرز التحديات التي يواجهها العالم.

وإننا نثمِّن جهود قادتنا ومسؤولينا الذين يتوقعون التحديات والسيناريوهات المتوقعة خلال العقود الخمسة القادمة، ويضعون الخطط الملائمة لها، بهدف توحيد العمل الحكومي كمنظومة واحدة على المستويين الاتحادي والمحلي، وذلك عبر مناقشة القضايا التنمويَّة بشكل سنوي، وعلى جميع المستويات الحكوميَّة، وبحضور جميع المسؤولين وصنَّاع القرار، وبإشراك مختلف القطاعات الوطنيَّة.

هناك نجاح ملحوظ يتمثل في إطلاق عدد من الإستراتيجيات طويلة المدى، وأهمها: استراتيجيَّة القوة الناعمة للإمارات، واستراتيجيَّة الإمارات للتعليم العالي، واستراتيجيَّة الإمارات للثورة الصناعيَّة الرابعة، وكلها مدلولات ثمينة بل علامة فارقة في التاريخ الإماراتي الحديث.

إن الإمارات تمثل بدون منازع حضارة الشرق الأوسط الغني بثرواته الحيويَّة، كما تمثلها بمكوناتها التاريخيَّة وأطيافها الثقافيَّة والحضاريَّة؛ ما يُعزِّز وجودها الفاعل بل تفوُّقها في صناعة المستقبل والتنمية والاقتصاد.

كما شرعت الإمارات في إقامة مشروعات ثوريَّة تنمويَّة لشعبها، وبلغت من درجة الازدهار والتنافسيَّة في فترة وجيزة ما لم تبلغه دولة أخرى على وجه البسيطة، وهي السياسة الحكيمة التي تهدف للتحضير لمرحلة ما بعد النفط.

ولا ننسى الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة الإماراتيَّة، التي كان لها أكبر الأثر في الحفاظ على قوَّة البيئة الاقتصاديَّة، والتي جعلتها أكثر جاهزيَّة للإنتاج وقدرة على مواكبة التطوُّر العالمي، كما اتَّسم الاقتصاد الوطني بالمرونة والتكيُّف مع التحدِّيات والمخاطر، وهذا دليل دامغ على مدى قوة الاقتصاد الوطني ومتانته، وعلى ارتفاع مؤشِّرات النمو وقوة الأداء ورسوخ الاستقطاب الاقتصادي.


إن هذا التفوُّق الحضاري استثنائيٌّ بكلِّ المقاييس، في منطقة يحيا شعوبها أوضاعًا غير مسبوقة من التوتر والتراجع الحضاري، ومع ذلك فالتحدِّي تكلَّل بالنجاح؛ إذ احتلَّت الدبلوماسيَّة التنمويَّة والاقتصاد الوطني مكانًا لائقًا به بين الأمم المتحضِّرة، ما يعكس الموقع المتقدم لدولتنا لدى العالم، وما يجعله البلد العربي الأول المتأهِّل ليتبوأ مقعد الصدارة والريادة في المستقبل المنظور، كما يعبر عن قصة انتصار الإرادة الإماراتيَّة، وتحقيق المعجزة التنمويَّة والأمنيَّة.

وإن التنوع الثقافي في الإمارات يرتكز على ثقافة التعايش والتسامح التي أصبحت جزءًا أصيلًا من العمل الحكومي، فقد نجحت الإمارات في التعامل مع كلِّ أشكال العولمة، ومسايرة عجلة التنمية المستدامة لقرون قادمة.

ويُمثِّل الاحتفاء بالنفوذ التنموي للإمارات رافعة حضاريَّة لاستنهاض الطاقات البشريَّة التنمويَّة، من خلال بناء القدرات الوطنيَّة، وتجهيزها لسوق العمل، والاستفادة من الفرص المتنوعة، خاصة مع توفُّر البنية التحتيَّة المتكاملة؛ للتوافق مع متطلبات العصر.

والجدير بالذكر بأن السياسة الدبلوماسيَّة كانت أكثر تعاطياً وانفتاحاً، ما يضاف إلى مزيد من الصدارة والإنجازات، باعتباره حجر الأساس الذي يقوم عليه بناء الدولة، لكن ما يجب أن يبقى حاضرًا في ذهن الدول هو أن ترميم الفكر والثقافة الإنسانيين، يمثِّل ضرورة بالغة وخطوة لا غنى عنها.
تحيَّة للإمارات التي تضيء للعلم أجمع شعلة التفاؤل، بنموذجها التنموي الريادي، وبتجاربها الناجحة، وبتطوير مهارات المستقبل، ولا سيما تقنيات الثورة الصناعيَّة الرابعة، وريادة الأعمال، والإسهام في صناعة المستقبل.