يتوقع أن تشن روسيا هجوماً واسعاً على أوكرانيا مع اقتراب الربيع، فيما تعد كييف العدة وتجهز نفسها عسكرياً لما هو قادم
يتوقع أن تشن روسيا هجوماً واسعاً على أوكرانيا مع اقتراب الربيع، فيما تعد كييف العدة وتجهز نفسها عسكرياً لما هو قادم
الخميس 23 فبراير 2023 / 09:49

عام على الحرب.. أين وصلت سيطرة روسيا على الأراضي الأوكرانية؟

24. إعداد: شادية سرحان وناصر بخيت

تدخل الحرب الروسية الأوكرانية، عامها الثاني، وسط غياب أي مؤشر نحو حل سياسي أو نهاية قريبة، حيث لم يحسم أي طرف إلى الآن الوضع لمصلحته، فالحرب التي أرادها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تكون خاطفة لم تنجح، وبينما دخلت روسيا في حرب استنزاف، لم تتمكن أوكرانيا المدعومة من حلف شمال الأطلسي (الناتو) من استعادة كامل أراضيها، إلا أنها حققت بعض الانتصارات بفضل الأسلحة النوعية التي حصلت عليها من حلفائها.

معارك الأيام الأولى

وكانت بداية الصراع، في 24 فبراير (شباط )2022، حيث شن الجيش الروسي هجوماً شاملاً على أوكرانيا من الشمال والشرق والجنوب، وتمكن في الأسابيع الأولى من السيطرة على نحو 20% من مساحة أوكرانيا، بما فيها الضواحي الشمالية والشرقية من العاصمة الأوكرانية كييف، وعلى محطة تشرنوبيل النووية الخارجة عن الخدمة، ومحطة زابوريجيا النووية لإنتاج الكهرباء، الكبرى من نوعها في أوروبا، كما اجتاح الجيش الروسي معظم أجزاء مقاطعة خيرسون في الجنوب، وشكلت القوات الروسية في أوكرانيا أنذاك قوساً من الشمال إلى الجنوب، وكان هذا القوس يمتدّ من ضواحي كييف ومقاطعة تشيرنيهيف في الشمال، ثم مقاطعات خاركيف ولوغانسك ودونيتسك في الشرق، إلى زابوريجيا وخيرسون في الجنوب. 

معركة خاركيف

وفي خريف 2022، تكبدت القوات الروسية هزيمة كبيرة في منطقة خاركيف  التي تقع على بعد حوالي 40 كيلومترا عن الحدود الأوكرانيةالروسية، واضطرت إلى الانسحاب بالكامل تقريباً من المنطقة، ولكنها لم تكف عن قصفها مرات عديدة.

وتعتبر خاركيف أكبر مدينة في أوكرانيا بعد العاصمة كييف من حيث عدد السكان. كان يقطنها نحو مليون ونصف نسمة، حسب إحصائيات ما قبل الحرب،  وتعتبر هدفًا رئيسيًا للجيش الروسي.


وفي مطلع الأسبوع الجاري، أعلن الجيش الروسي أنه سيطر على قرية غريانيكوفكا في خاركيف شمال شرقي أوكرانيا.

حصار ماريبول

وشهدت مدينة ماريوبول الأوكرانية الساحلية وميناؤها، أشرس المعارك في أوكرانيا، بعد الهجوم الروسي عليها، في حين كان مصنع "آزوف ستال" أحد بؤر هذه المعارك العنيفة التي دارت لأشهر بين الجيش الأوكراني والقوات الروسية، وقد تمكن الأوكرانيون على مدى شهور من أن يتحصنوا داخل المصنع ويقاموا الهجمات الروسية ، قبل أن يضطروا للاستسلام والخروج في مايو (أيار) الماضي.

معارك  دونباس

وفي لوغانسك،  نجحت القوات الروسية في السيطرة على كامل المنطقة، بعد مرور 5 أشهر على بدء الحرب، وعززت من مساعيها للسيطرة على منطقة دونيتسك بهدف إحكام قبضتها على إقليم دونباس بالكامل وهو الإقليم الذي تعيش فيه أقلية تتحدث اللغة الروسية وتريد أن تكون جزءاً من الدولة الروسية.

خيرسون

وفي نهاية يوليو (تموز) حتى نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2022، ومع استمرار تدفق المساعدات العسكرية الغربية على كييف، استطاعت القوات الأوكرانية تحقيق مكاسب ميدانية كان أبرزها استعادة السيطرة على مدينة خيرسون التي استولت عليها روسيا في أوائل مارس (آذار) فضلاً عن استعادة القوات الأوكرانية آلاف الكيلومترات من الأراضي في هجوم مضاد شنّته شرق البلاد.

ورأى محللون، أن استعادة القوات الأوكرانية لخيرسون أحد أهم الانتصارات التي حققتها كييف منذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، خصوصاً أن خيرسون تعد العاصمة الإقليمية الوحيدة التي سقطت في أيدي القوات الروسية فضلاً عن موقعها الاستراتيجي على ضفاف نهر دنيبرو بالقرب من ساحل البحر الأسود ولقربها من شبه جزيرة القرم.

حدود جديدة لروسيا

وفي نهاية سبتمبر  (أيلول) 2022،  وقع الرئيس الروسي قراراً بضم 4 مناطق أوكرانية، و هي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، كما صادق الدوما الروسي مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على انضمام الأقاليم الأربعة إلى روسيا، وسط رفض وتنديد دولي واسع.

وأكد بوتين أن المواطنين في لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا "قاموا، باختيارهم، بالانضمام إلى روسيا، وهذا جزء أساسي من حقهم في تقرير مصيرهم ومستقبلهم".

وحرص المرسوم الرئاسي الخاص بالاعتراف حينها على الإشارة إلى أن القرار اتُخذ "وفقاً للمبادئ المعترف بها عموما ولمعايير القانون الدولي، مع الاعتراف والتأكيد على مبدأ المساواة وتقرير المصير للشعوب المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، مع مراعاة إرادة الشعوب في الاستفتاء".
وبعد مصادقة روسيا رسمياً على ضم المناطق الأربع، يكون عدد الأقليم التابعة لها قد ارتفع إلى 89، وازداد عدد سكانها بنحو 6.2 ملايين شخص، ليصبح أكثر من 152 مليون نسمة.

ومع الأخذ في الاعتبار شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو إليها عام 2014، تكون روسيا قد سيطرت على 125 ألف كيلومتر مربع، أو حوالي 20% من الأراضي التي تعدّها كييف أوكرانية، وتقع لحد الآن خارج حدود روسيا المعترف بها دولياً.
ورغم عامل الكر والفر،  في المواجهات العسكرية بين القوات الروسية والأوكرانية، فإن روسيا تمكنت حتى الآن من بسط سيطرتها على حوالي 98% من أراضي إقليم لوغانسك، و62% من دونيتسك، حسب معطيات وزارة الدفاع الروسية.


باخموت وسوليدار

ومع حلول الشتاء، لم تحدث تحولات استراتيجية في ساحة المعركة باستثناء مدينة باخموت في شرق أوكرانيا، حيث باتت محوراً لأشرس المعارك بين الطرفين، مع استنزاف مخزون الذخائر، بخاصة من الجانب الأوكراني، وفق مراقبين.

ووصفت الرئاسة الأوكرانية حديثاً الوضع في باخموت بأنه "معقَّد" عقب إعلان جماعة "فاغنر" استيلاءها على عدد من البلدات في المنطقة.
وفي الأسابيع الأخيرة، تمكنت قوات فاغنر الروسية من السيطرة على مدينة سوليدار المتاخمة لباخموت، كما دخلت القوات الروسية بعض أحياء باخموت، ما شكّل نصراً معنويّاً للروس.
وسوليدار التي كانت تشتهر بمناجم الملح، تقع على مسافة 15 كيلومترا شمال شرق باخموت التي تحاول القوات الروسية السيطرة عليها منذ أشهر.

 

معركة الربيع

ومع اقتراب فصل الربيع، تدخل الحرب في أوكرانيا منعطفاً جديداً تزامناً مع زيادة الدعم العسكري الغربي لكييف، وسط التحذيرات الروسية من اعتبار ذلك "تورطاً مباشراً" في النزاع.

ويستعد  كلاً من الطرفين، لشن هجوم جديد، خاصة الجانب الأوكراني الذي تَلقَّى وعوداً بتزويده أسلحة إضافية من حلفائه، حيث لم تتردد الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة منذ بداية الصراع في دعم كييف العسكري والمالي للتصدي للاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية، ومع مرور الوقت يتنامى هذا الدعم وقد يمتد في الأشهر المقبلة إلى الطائرات التي يدور حولها نقاش في الوقت الحالي.

ويقول مراقبون ومحللون، أن "معركة الربيع من المرجح أن تأتي من أراضي دونيتسك ولوغانسك، الإقليمان الانفصاليان المواليان لروسيا، إضافة إلى بيلاروسيا، وفي المقابل، تقوم القوات الأوكرانية بتجهيز تحصينات جديدة، وإعداد خطط قتالية على طول خط المواجهة"، فيما رجّح خبراء عسكريون أن الحرب الروسية في أوكرانيا قد تشتعل في الأشهر القليلة المقبلة، موضحين أن "معركة الربيع ستكون نقطة انعطاف رئيسية في الحرب".

على بعد كيلومترات قليلة من حدود بيلاروسيا، تتدرب القوات الأوكرانية على ما تتوقع أن يكون "ربيعاً وحشياً"، وفقاً لتقرير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية.

وبدوره، قال نائب رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، فاديم سكيبيتسكي، إن بلاده "تعتقد أن روسيا تخطط لشن هجوم جديد في الربيع، سيكون حاسماً لمسار الحرب"، معتبراً أنه "إذا فشل الهجوم الروسي الكبير المخطط له، فسيكون سقوطا لروسيا".

ويوضح الإنفوغراف التالي مناطق سيطرة الأطراف المتحاربة في أوكرانيا،  بعد عام من اندلاع الحرب: