الرئيس الصيني شي جين بينغ (أرشيف)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (أرشيف)
الخميس 23 فبراير 2023 / 16:27

أمام خيار صعب.. ماذا ستفعل الصين بديونها المستحقة؟

ترى صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها، أن الأسبوع المقبل سيضع الرئيس الصيني شي جين بينغ وكبار مسؤوليه أمام حقيقة لا يمكن إنكارها بصفتها دولة اقتصادية كبرى، إذ ستظهر بكين على أنها "إما دولة تسعى إلى عقد صفقات معقولة، أو أنها ستزرع الفوضى في المكان".

وتشير الصحيفة إلى أن الصين أمام خيارين بشأن ديونها المستحقة للدول النامية، فإما أن توافق على الإعفاء من جزء من سدادها، كما هو الحال مع معظم الدائنين الحكوميين الرئيسيين الآخرين، بما في ذلك الولايات المتحدة والهند، وهو الإجراء الصحيح أخلاقياً ومالياً، أو أنها ترفض المشاركة في تخفيض الديون، ما سيظهر بأنها ليست على استعداد لقبول المسؤوليات الاقتصادية والأخلاقية التي تتماشى مع كونها دولة رائدة اقتصادياً.


الأنظار نحو الصين

وستتوجه الأنظار إلى الصين في الوقت الذي يجتمع فيه القادة الماليون العالميون يوم السبت المقبل على هامش اجتماع مجموعة الـ 20 في الهند، لمناقشة الإعفاء من الديون في لحظة ضعف اقتصادي مالي على العديد من أفقر دول العالم. 

تقول الصحيفة نقلاً عن مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، إن 60% من البلدان ذات الدخل المنخفض قد واجهت أو تقترب من مواجهة محنة كبيرة، مشيرة إلى أن سريلانكا تخلفت عن السداد لأول مرة في تاريخها العام الماضي، واقتصادها يتهاوى.
بينما تخلفت زامبيا عن السداد في عام 2020 ولم تتعاف بعد. والأسبوع الماضي، وصف الرئيس الزامبي هاكيندي هيشيليما الدين بأنه "انتحاري" وشببه بـ"قبلة الموت السوداء"، في إشارة إلى لدغة أفعى مميتة.

خفض القيمة

وتظهر البيانات بحسب التاريخ أنه في منتصف 1990 وأوائل 2000، وافقت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية على خفض تقييم القروض التي قدمتها لأفقر الدول.
وبحسب البنك الدولي، فمنذ ذلك الحين، "كانت العديد من دول مجموعة الـ 7 مترددة في تقديم قروض كبيرة مرة أخرى، لذلك لجأت دول إفريقيا وجنوب شرق آسيا بشكل متزايد إلى الصين والمقرضين من القطاع الخاص للحصول على التمويل. وتعد الصين الآن أكبر دائن حكومي في العالم للدول النامية، حيث تمثل ما يقرب من 50% من هذه القروض، ارتفاعا من 18% في عام 2010. 

لكن الصحيفة أشارت إلى أن هذه القروض الصينية عُقدت في كثير من الأحيان بأسعار فائدة مرتفعة، وكان من الصعب أن تقوم الدول الفقيرة بسدادها حتى في أوقاتها الجيدة، والآن بعد جائحة فيروس كورونا وحرب روسيا وأوكرانيا التي دمرت الاقتصادات منخفضة الدخل حيث يكافح الناس من أجل شراء الغذاء، أصبح أمر مستحيلاً.

السيناريو المثالي

وتلفت الصحيفة إلى أن السيناريو المثالي هو أن يوافق جميع الدائنين من الحكومة والقطاع الخاص على تخفيض كبير للديون، ما يمكّن المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أن تتدخل لتقديم قروض ومساعدات منخفضة التكلفة، إلا أن هذا السيناريو لن يحدث دون موافقة الصين بالنظر إلى حجمها كلاعب اقتصادي كبير.
على سبيل المثال، أظهر تحليل بيانات البنك الدولي من قبل مركز التنمية العالمية أن ما يقرب من ثلث الديون الخارجية الزامبية والباكستانية وحوالي 12% من الديون الخارجية لسريلانكا مستحقة للصين، بينما تطالب الأخيرة بأن يتحمل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أيضاً بعضاً من هذه الخسائر، وهو أمر غير معتاد إلى حد كبير، بحسب الصحيفة.
وتقول "واشنطن بوست" إن تلك المؤسسات تكون في العادة "الملاذ الأخير" التي تميل إلى إعطاء أسعار فائدة منخفضة جداً، مضيفة أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تكبدا خسائر في ما يسمى بمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون قبل 25 عاماً، لكن الولايات المتحدة ودول أخرى من مجموعة الـ 7 قدّمت التمويل لجعل تلك المؤسسات تقف على قدميها مرة أخرى.

"فاتورة مستحقة"

وكما حصل في السابق، فإنه إذا تم تنفيذ سيناريو مماثل الآن، فإن العديد من الدول الغربية ستساعد في دعم السداد للصين، وفقاً للصحيفة، التي أشارت إلى أنه على الرغم من ذلك، فإن الصين قدمت بعض القروض العالية جداً لذا فإن العديد من الدول التي أقرضتها الصين لا يمكنها سداد ديونها.

حتى الآن، عرضت الصين في الغالب تعليق المدفوعات لبضع سنوات، لكن الصحيفة ترى بأن هذا القرار غير كاف على الإطلاق، كما أن بكين ليست في حاجة إلى المال، بالنظر إلى أنها تحتفظ بأكثر من 3 تريليونات دولار من الاحتياطي.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول، إن "الصين ربما تستخدم الدول النامية كبيادق في محاولتها للنفوذ أمام الولايات المتحدة، وهي استراتيجية يسميها النقاد (دبلوماسية فخ الديون)، التي تعتمد على استغلال الدول النامية. لكن الآن باتت الفاتورة مستحقة، والسؤال هو من سيتعين عليه دفعها؟".