ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.(أرشيف)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.(أرشيف)
الخميس 16 مارس 2023 / 15:32

وول ستريت جورنال ترصد فرص وتحديات "البراغماتية السعودية"

كتب مراسلا صحيفة "وول ستريت جورنال" في الرياض ستيفن كالين وسَمِر سايد عن اختبار السعودية إمكانية عدم الانحياز إلى أي طرف في الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.

سنسير بسهولة ونحن نائمون إلى نهاية الهيمنة الغربية في الخليج وبالتالي في منطقة الشرق الأوسط


وتوسطت الصين الأسبوع الماضي في اتفاق لاستئناف العلاقات الديبلوماسية بين السعودية وخصمها إيران حيث برهن ذلك براغماتية ذكية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ومن شأن الاتفاق أن يبرد التوترات في الخليج العربي ويقرب السعودية أكثر من أكبر شريك تجاري لها، الصين، ومن دون تنفير أكبر شريك أمني لها، واشنطن، حيث رأى المسؤولون هناك الوفاق أمراً إيجابياً.
مثل الهند وتركيا، تعد السعودية قوة متوسطة الحجم باحثة عن مزايا وسط مواجهة النظام العالمي بقيادة واشنطن تحدياً بفعل الغزو الروسي لأوكرانيا وموقف أكثر تشدداً في السياسة الخارجية الصينية وفق محللين. والقادة السعوديون مصممون أيضاً على استخدام أسعار النفط المرتفعة لتمويل طموحات البلاد بأن تصبح لاعباً تجارياً عالمياً ذا اقتصاد غير نفطي مزدهر. وهم يعتقدون أن هذه يمكن أن تكون آخر طفرة نفطية.

 

تعزيز صورة السعودية في واشنطن

أعلن الأمير بن سلمان عن تأسيس ناقل جوي وطني جديد، بعدما ذكرت "وول ستريت جورنال" أن صندوق الثروة السيادية للمملكة كان يضع اللمسات الأخيرة على اتفاق بقيمة 35 مليار دولار لشراء طائرات تجارية من شركة بوينغ، وهو ما يمثل دفعة لصانع أمريكي ضخم ستولد عشرات الآلاف من الوظائف في الولايات المتحدة.


وقال مستشارون إن اتفاق بوينغ هدف بشكل جزئي إلى تعزيز وضع المملكة في واشنطن. هو أظهر أن الرياض تبقى ودية مع واشنطن حتى بعدما وافقت منظمة أوبك التي تقودها السعودية وحلفاؤها بقيادة روسيا على خفض إنتاج النفط في أكتوبر (تشرين الأول) خلافاً لرغبات واشنطن مما دفع البيت الأبيض إلى اتهام الرياض بالانحياز إلى موسكو.
 

السعودية أولاً

وما يدعم تأثير السعودية المتنامي عالمياً واستعدادها لمقاومة المصالح الأمريكية هو موقف مالي قوي ناتج عن ارتفاع أسعار النفط. لقد نما اقتصاد المملكة بوتيرة هي من الأسرع عالمياً، بينما تواجه الولايات المتحدة وأوروبا والعديد من الاقتصادات النامية ارتفاعاً في معدلات التضخم والركود. ويعتقد الأمير بن سلمان أن على السعودية التمتع بنفوذ أكبر على المسرح العالمي يلائم مكانتها كقوة في مجموعة العشرين. وفي هذا الإطار، تقول الباحثة البارزة في جامعة كولومبيا كارن يونغ: "إنها إلى حد كبير آيديولوجيا السعودية أولاً". وأضافت: "إنهم يرون العالم بطريقة ناضجة لـ(ممارسة) التأثير والتدخل وترويج مصالح الدولة السعودية".

 

حين بدأ التطلع شرقاً

ولطالما اعتبرت الرياض أن أكبر تهديد أمني يأتي من طهران والمجموعات المسلحة التي تدعمها في الدول المجاورة. تعزز ذلك الخطر بفعل هجمات بالصواريخ والمسيّرات ضد منشآت نفطية سعودية في 2019 والتي أوقفت مؤقتاً 5 في المئة من إمدادات الطاقة العالمية لكنها لم تطلق رداً عسكرياً من الولايات المتحدة. حفز الهجوم اعتقاد الأمير بن سلمان بأنه لم يعد بإمكان السعودية الاعتماد على ضمانات أمنية تاريخية من الولايات المتحدة. ويقلق ولي العهد السعودي وقادة عرب آخرون من أن واشنطن مركزة أكثر الآن على أنحاء أخرى من العالم. ولحماية خططه الطموحة على مستوى التنمية الاقتصادية، أدرك ولي العهد أنه يحتاج للتطلع شرقاً من أجل العثور على شركاء جدد، وفق مسؤولين سعوديين.

 

تنويع الشراكات

في السنوات الأخيرة، قدمت الصين استشارات للمملكة وبدأت الاستثمار في مشاريع الأمير بن سلمان مثل مدينة نيوم المستقبلية.  وعرضت على المسؤولين السعوديين فكرة تأسيس صناعة دفاعية محلية، بينما وقعت روسيا على اتفاق تعاون نووي مع المملكة.
وقدمت الحرب في أوكرانيا ما رآه السعوديون فرصة لتأكيد مصالحهم في عالم لم تعد الولايات المتحدة قوة عظمى بلا منازع فيه وهم يقولون إنه يمكنهم في آن دعم أوكرانيا والعمل مع روسيا في أوبك+. منذ الخلاف مع واشنطن في أكتوبر، حاول المسؤولون السعودية نقل موقف أكثر حياداً تجاه الحرب. في فبراير (شباط)، أرسل الأمير بن سلمان وزير خارجيته إلى كييف حيث التقى بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وأعلن عن مساعدات إنسانية بقيمة 400 مليون دولار. بعد أسبوعين، عقد الوزير السعودي محادثات في موسكو مع نظيره الروسي وعرض المساعدة على التوسط في إنهاء النزاع.
 

نهاية الهيمنة الغربية؟

وقال مسؤولون سعوديون إن ولي العهد لفت في جلسات خاصة إلى أنه يتوقع من سياسته أن تضغط في النهاية على واشنطن للتنازل أمام مطالبه لتحقيق وصول أفضل إلى الأسلحة والتكنولوجيا النووية الأمريكية. من جهتها، قالت بيانكو: "إذا بقينا جميعنا نقول إن هذا هو موقت وحسب، إنهم يتوددون مع الآخرين لاستعادتنا، فسنسير بسهولة ونحن نائمون إلى نهاية الهيمنة الغربية في الخليج وبالتالي في منطقة الشرق الأوسط الأوسع."