رسم تعبيري.(فايننشال تايمز)
رسم تعبيري.(فايننشال تايمز)
الإثنين 20 مارس 2023 / 10:33

هل تساعد الألعاب الحربية على توقع الفائز في النزاعات؟

استعرضت مديرة مبادرة ألعاب الحرب وعمليات المحاكاة في مؤسسة هوفر التابعة لجامعة ستانفورد جاكلين شنايدر تاريخ الألعاب الحربية، وأهميتها بالنسبة لصناع القرار، وحساباتهم في التخطيط لسيناريوهات الحروب أو الأزمات.

تختلف الألعاب الحربية عن محاكاة الحواسيب للقتال أو التدريبات الميدانية أو جلسات العصف الذهني المنظمة



وكتبت شنايدر في صحيفة "فايننشال تايمز" أن ألعاب الحرب التي كانت ذات يوم تخصصية وعالية السرية تصبح الآن أكثر انتشاراً.
وجدت لعبتان حربيتان نظمتهما مؤسسات رأي أمريكية وكشف عنهما مؤخراً أن نزاعاً مستقبلياً حول تايوان سيؤدي إلى مأزق دموي، وتوقعتا "كلفة باهظة" على كل الدول المنخرطة. وكانت هناك أيضاً تقارير عن ألعاب حربية أطلسية-أوكرانية وألعاب حربية للقوات الجوية كشف عنها مؤخراً، حيث وجدت بشكل غير مفاجئ أنه من أجل هزيمة الصين، سيحتاج الجيش إلى مقاتلات وقاذفات جديدة.
 

هل هي محاكاة؟

بينما تسمى غالباً عمليات "محاكاة" أو "تدريبات"، تختلف الألعاب الحربية عن محاكاة الحواسيب للقتال أو التدريبات الميدانية أو جلسات العصف الذهني المنظمة. عوضاً عن ذلك، هي أحداث تفاعلية تعرض أربع خصائص: لاعبين خبراء، منغمسين في سيناريوهات، مقيدين بالقواعد، ومحفزين بالنتائج المستندة إلى التداعيات. وفق شنايدر، تعود الألعاب الحربية آلاف السنين إلى الوراء، إلى روما القديمة وبدايات العراق والصين.
ولعبت دوراً مركزياً في الإدارة الحديثة للحرب، مع التطوير البروسي للعبة لوحية قامت بمحاكاة القتال لتدريب الضباط في أوائل القرن التاسع عشر. خلال الحرب الباردة، لجأت الولايات المتحدة وحلف الناتو إلى الألعاب الحربية لفهم تأثير الثورة النووية. واستمرت ألعاب الحرب الدفاعية بعد سقوط جدار برلين مع تصميم ألعاب لاختبار أفكار جديدة عن حرب "عصر المعلومات".
 

خصائص تنظيمها

بالنظر إلى تشابهها الوثيق مع تجربة النزاع الحقيقي، تقدم تلك الألعاب دليلاً مقنعاً لصناع السياسات الذين يواجهون خيارات صعبة. بإمكانها أن تكون أدوات تأثير قوية إلى درجة عرف عن المنظمات تغييرها القواعد للتأثير على النتائج وتسريبها حين تفيد قضيتها. إن لعبة مصممة على الإجابة عن أسئلة مثل من سيربح حرباً حول تايوان أو كيف سيؤثر دعم أمريكي لأوكرانيا على الحرب تحتاج إلى خمس مواصفات. هي تحتاج إلى أن تكون قابلة للتصديق كما إلى اللاعبين المناسبين مع الديموغرافيا والخبرة الصحيحة، ويجب أن يكون هناك ما يكفي من اللاعبين ومن التكرارات للعبة من أجل الوصول إلى استنتاجات واقعية. تتحكم أفضل الألعاب الحربية بالتحيز ضمن سيناريوهاتها وقواعدها. جمع البيانات الجيدة أمر حيوي حسب شنايدر.
 

تعليق الأميرال تشستر نيميتز

أضافت الكاتبة أن تلبية جميع تلك المواصفات أمر صعب. الألعاب الحربية ليست كرات بلورية تخبر معديها ما لذي سيحصل في نزاع أو أزمة، لكن عوضاً عن ذلك هي تكشف النتائج المحتملة. استنتج الأميرال الأمريكي تشستر نيميتز أن ألعاب الحرب في كلية الحرب البحرية التي أدارها "الكثير من الناس وبطرق مختلفة كثيرة، بحيث لم يكن أي شيء حدث خلال الحرب مفاجأة". الدرس هو أنه يجب عدم استخلاص الكثير من اليقين من أي لعبة واحدة، بل يجب النظر عوضاً عن ذلك البحث عن المعرفة عبر ألعاب متعددة.
 

قراءة النتائج

اقترحت الألعاب الحربية لمؤسسات الرأي الأمريكية أنه لن يكون هناك منتصر واضح في الصراع حول تايوان. يتوافق ذلك مع تحليلات أخرى. لكن متغيرات مثل أساليب القيادة الفردية وإمكانات الأسلحة أو خيارات الحملة يمكن أن تؤدي إلى نتائج مختلفة، ولهذا السبب يجب عدم تحليل نتائج اللعبة وحسب بل ينبغي تحليل تصميمها أيضاً: القواعد والافتراضات والسيناريوهات واللاعبين. استخدمت ألعاب الحرب بشأن تايوان مثلاً فقط معلومات غير سرية عن إمكانات الأسلحة ولم تتضمن لاعبين صينيين.
 

الرعاية

أضافت شنايدر أنه يجب الانتباه إلى حوافز المنظمة في إدارة لعبة حربية ونشر النتائج. تم تصميم ألعاب مؤسسات الرأي على يد أكاديميين محترمين كشفوا عن قواعدهم وافتراضاتهم وهو اقتراح بأنها كانت أقل تحيزاً من تلك التي "ترعاها" أطراف معنية مثل المقاولين الدفاعيين، أو حتى منظمات داخل وزارة الدفاع الأمريكية. ويجب دوماً التساؤل عن تسريب الألعاب السرية. هل المنظمة التي تدير الأمور متحيزة لمصلحة نتائج معينة؟ إن فهم الحافز خلف التسريب ربما يكون أكثر إنارة من الألعاب نفسها.
 

ما كشفته سلسلة ألعاب أدارتها الكاتبة

تدعو الكاتبة في الختام إلى تذكر أن أفضل الألعاب حتى ليست تنبؤات بالمستقبل. كشفت سلسلة نظمتها شنايدر مع 580 لاعباً على مدى ثلاثة أعوام أن التهديدات السيبيرانية لترسانات نووية لم تؤد إلى تصعيد نووي. مع ذلك، كشفت أن الألعاب التي انتهت بانفلات نووي حدثت دائماً حين أعطت اللاعبين أسلحة سيبيرانية، هذه الأسلحة أكثر خطورة حين كانت بين أيدي أصحاب الخبرة المحدودة في الاستراتيجية النووية. بالتالي، تكمن قوة سلسلة الألعاب هذه في ما كشفت عنه على مستوى متى ولماذا انحرفت الأمور عن مسارها. هذه هي قيمة ألعاب الحرب. يمكن أن تساعد على فهم سلوكيات الإنسان في سيناريوهات نادرة وغير قابلة للتنبؤ، لكنها لا تكمن بالضرورة في التنبؤ بالمستقبل.