الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ.(أرشيف)
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ.(أرشيف)
الإثنين 20 مارس 2023 / 12:33

تقرير: أوكرانيا تخشى "فخ الصين"

يصل الرئيس الصيني شي جين بينغ، اليوم الاثنين، إلى موسكو في زيارة دولة تستغرق 3 أيام تسلّط الضوء على تطلعات الصين لدور أكبر على المسرح العالمي.

من غير المرجح أن يكون لمذكرة المحكمة الجنائية الدولية بحق بوتين وأحد مساعديه تأثير كبير


وقبل الزيارة بأيام، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

فهل سيكون للمذكرة أي تداعيات على الزيارة؟

رأى الصحافي الأمريكي ماثيو لي أن موجة التطوّرات التي أعقبت توسّط الصين في اتفاق بين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية وإصدارها لما تسميه "خطة سلام" لأوكرانيا، تأتي في الوقت الذي تراقب فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بحذر تحركات بكين لاثبات حضورها كقوة عالمية.
ونقل لي، في تحليل لوكالة "اسوشييتد برس"، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن أن إدارة بايدن تعتقد أن رغبة الصين في أن تُعتبر وسيطاً للسلام بين روسيا وأوكرانيا، قد تحظى بأهمية أكبر   بعد أن أصبح بوتين رسمياً مشتبهاً به في جرائم حرب.
 وأضاف المسؤولون أن الإدارة تأمل في أن تساعد مذكرة التوقيف على حشد الدول المحايدة حتى الآن للتأثير في الصراع.

ما هي أهمية لقاء جين بينغ ببوتين؟

اعتبر لي أن الزيارة إلى موسكو هي أول رحلة خارجية يقوم بها شي منذ انتخابه لولاية ثالثة غير مسبوقة كرئيس للصين. يأتي ذلك في الوقت الذي عزّزت فيه بكين وموسكو العلاقات في خطوات بدأت قبل وقت قصير من الغزو الروسي لأوكرانيا باجتماع بين الزعيمين في بكين خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في العام الماضي أعلنا فيه شراكة "بلا حدود".
ومنذ ذلك الحين، انحازت الصين أكثر من مرة إلى روسيا في عرقلة العمل الدولي ضد موسكو بسبب النزاع في أوكرانيا.
 وقال مسؤولون أمريكيون إن الصين تدرس تزويد روسيا بالأسلحة لدعم الحرب، لكنها حاولت أيضاً أن تضع نفسها في دور أكثر حيادية، حيث قدمت خطة سلام تم تجاهلها.
ومن المرجّح أن يشهد الاجتماع في موسكو إعادة التزام الجانبين بشراكتهما، والتي يرى كلاهما أنها حاسمة لمواجهة ما يعتبرانه تأثيراً غير مبرر وغير مستحق تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون.

ما أهمية مذكرة التوقيف؟

رأى لي أنه على المدى القريب، من غير المرجح أن يكون لمذكرة المحكمة الجنائية الدولية بحق بوتين وأحد مساعديه تأثير كبير على الاجتماع أو موقف الصين تجاه روسيا، إذ لم تصدق الصين ولا روسيا، ولا الولايات المتحدة أو أوكرانيا، على المعاهدة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية، كما لا تعترف أي من الدول الأربع رسميًا باختصاص المحكمة.
وأضاف أنه من غير المرجح أن يسافر بوتين إلى دولة ستكون ملزمة بتعهدات تجاه المحكمة الجنائية الدولية. وإذا فعل ذلك، هناك شكوك في ما إذا كانت تلك الدولة ستعتقله بالفعل، على غرار ما حدث مع الرئيس السوداني السابق عمر البشير في السابق.
ومع ذلك، رأى أن مذكرة التوقيف يمكن أن تؤثر بشكل سيئ على كل من الصين وروسيا أمام الرأي العام الدولي.

ما هي رؤية واشنطن؟

وأوضح لي أن الصمت ساد أوساط المسؤولين الأمريكيين حول زيارة شي إلى موسكو.
ووصف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، دفع بكين من أجل وقف فوري لإطلاق النار في أوكرانيا بأنه "تصديق على الغزو الروسي"، وحذّر من أن الروس يمكنهم استخدام وقف إطلاق النار لإعادة تجميع مواقعهم "حتى يتمكنوا من استئناف الهجمات على أوكرانيا لاحقاً".
بدوره، دعا مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، الرئيس الصيني إلى إجراء محادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي أبدى بدوره، اهتماماً بإجراء محادثات مع نظيره الصيني.

ما هي رؤية كييف؟

أشار لي إلى أنه قبل إصدار مذكرة التوقيف بحقّ بوتين، حذّر محللون أوكرانيون من الوقوع في فخ محتمل قبل اجتماع الرئيسين الصيني والروسي.

وقال يوري بويتا، رئيس قسم آسيا في شبكة أبحاث الجغرافيا السياسية الجديدة ومقرها كييف: "نحن بحاجة إلى أن ندرك أن محادثات السلام هذه هي فخ لأوكرانيا وسلكها الدبلوماسي".
بدورها، قالت ناتاليا بوتيرسكا، المحللة الأوكرانية في شؤون شرق آسيا: "في ظل هذه الظروف، لن تكون محادثات السلام هذه موجهة نحو السلام"، مضيفة أن الزيارة لا تعكس رغبة الصين في السلام، بقدر ما تعكس رغبتها في لعب دور رئيسي في أي تسوية بعد الصراع، قد يتم التوصل إليها.
ورأت أن "الصين لا تميز بوضوح بين المعتدي والضحية. واعتقد أن الصين تسعى إلى تجميد الصراع".

ما هي رؤية موسكو؟

اعتبر لي أنه حتى إذا توقفت الصين عن تقديم المساعدة العسكرية لروسيا، فإن موسكو ترى في زيارة الرئيس الصيني إشارة قوية على الدعم الصيني، الذي يتحدى الجهود الغربية لعزل روسيا وتوجيه ضربات تُعيق اقتصادها.
وأشار المتحدث باسم الكرملين يوري أوشاكوف، إلى أن بوتين شي لديهما "علاقات شخصية ودية للغاية وموثوقة"، وأشاد بخطة السلام في بكين. وقال أوشاكوف: "إننا نقدر بشدة الموقف المتحفّظ والمتوازن للقيادة الصينية بشأن هذه القضية".
بينما قال مراقبون إنه على الرغم من موقف الصين كوسيط، فإن رفضها إدانة الإجراء الروسي لا يترك مجالاً للشك في تعاطف بكين مع موسكو.
وفي هذا الإطار، قال ألكسندر جابوف، الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إن "خطة السلام الصينية هي "ورقة توت" للرد على بعض الانتقادات الغربية بشأن دعم روسيا"، مضيفاً أن "الصين لديها خطة سلام، وأيدها طرفا الحرب، وكانا على استعداد لبحث فرص تنفيذها، لكن الغرب المعادي دمّرها".

ما هي رؤية بكين؟

وأكد لي أن المسؤولين الصينيين يتفاخرون بنفوذهم الجديد في الساحة الدولية، حيث أصبحت السياسة الخارجية لبلدهم حازمة بشكل متزايد في عهد شي.
وفي إعلانها عن الزيارة إلى موسكو، قالت وزارة الخارجية الصينية إن علاقات بكين مع موسكو " مهمة"، و "مع دخول العالم فترة جديدة من الاضطراب والتغيير، وبصفتهما عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي وكقوة مهمة، فإن أهمية وتأثير العلاقات الصينية الروسية يتجاوزان النطاق الثنائي".
ووصفت الزيارة بأنها "رحلة صداقة تزيد من تعميق الثقة والتفاهم المتبادلين بين الصين وروسيا، وترسخ الأسس السياسية وأسس الرأي العام للصداقة بين الشعبين على مدى أجيال".