شارع شبه خال من المارة صباح اليوم الأول من رمضان (موقع 24)
شارع شبه خال من المارة صباح اليوم الأول من رمضان (موقع 24)
الخميس 23 مارس 2023 / 11:57

اللبنانيون يستقبلون رمضان تحت شعار "بما تيسّر" وإفطار على "أضواء الشموع"

24 - إعداد: نسرين عليوي

دخل شهر رمضان المبارك على اللبنانيين هذا العام، وأوضاعهم المعيشية أصعب من أن توصف، فالأزمات الاقتصادية بأسوأ أحوالها، ومعيشة المواطن اللبناني في أدنى مستوياتها، والقدرة الشرائية شبه معدومة وسط انهيار غير مسبوق لقيمة الليرة اللبنانية. أما سفرة الإفطار فمن المتوقع أن تكون "على ضوء الشموع"، في ظل حالة الظلام الدامس التي يعيشها اللبنانيون منذ شهور عديدة.

"هل هلالك شهر مبارك"، وها هم اللبنانيون قد استقبلوا الشهر المبارك رافعين شعار "بما تيسّر"، فـ"العين بصيرة واليد قصيرة"، وجل ما يقدرون عليه هو التجول في الأسواق، عاجزين عن تأمين الكثير من المواد والسلع الأساسية، لأن الغلاء سيد الموقف، وأسعار قوت المواطن فاقت المعقول، حتى أن مجرد التفكير بالزينة للترحيب بشهر الخير، أصبح حلماً بعيد المنال.

أحوال الناس

 بالنسبة لاستقبال اللبنانيين لرمضان هذا العام فالجواب يختصر بهذه المقولة "المكتوب يُقرأ من عنوانه"، فالحركة صباح اليوم الأول من الشهر الفضيل ليست كما اعتاد عليه المواطنون في السنوات السابقة، فكانت الشوارع شبه مقفرة من المواطنين: لا زحمة أمام محلات الخضار ولا بهجة على وجوه الباعة الذين يجلسون خائبين أمام بضاعتهم بانتظار ميسوري الحال لتصريفها.

هكذا كان المشهد العام خلال جولة لموقع 24 صباح الخميس، في الشوارع لاستطلاع استعدادات المواطنيين لشهر رمضان، وكان لسان حال أغلب من التقيناهم يقول "العين بصيرة واليد قصيرة".


حركة بيع خجولة

 وفي مقارنة سريعة بين رمضان 2022 ورمضان 2023، ورغم أن أحوال اللبنانيين لم تكن جيدة العام الماضي، إلا أنها كانت أفضل من هذا العام، ذاك أخبرنا به "أبو يوسف عثمان" صاحب محل "أبو يوسف" للعصائر والتمور، في شارع الملا في بيروت، وعلامات الحزن تكسو وجهه.
وقال: البضاعة اشتريناها وعرضناها، وكلنا أمل أن نتمكن من بيعها"، لافتاً إلى أنه رغم بداية الشهر، المبيع قليل جداً مقارنة بالسنوات الماضية، كاشفاً أنه لم يدخل محله – بصراحة القول – إلا الميسورين، أو الذين يمتلكون "الفريش دولار".

تراجع النوعية لتلبية السوق

وللحلويات الرمضانية وأسعارها، وجع آخر، حيث أصبحت إما بالدولار أو بأرقام مليونية، والحل الأنسب تراجع النوعية، أو التقليل من الكمية، أو "النظر من بعيد"، وفقاً لما ذكره الشاب عثمان المكاري، وريث محل المكاري للحلويات، في محلة "سوق بربور التجاري" في بيروت لموقع 24.



وردّاً على سؤال حول المبيع، أشار عثمان إلى محلّه، وإذ به فارغ تماماً، مؤكداً أن الأمل بوصول نهاية الشهر وقبض الرواتب، لافتاً إلى أنه حتى تاريخه لم "يدولر" أسعار منتجاته، كما فعل سواه، إلا أنها بصراحة ارتفعت بمعدل كبير جداً، فأرخص كيلو حلويات، لا يقل ثمنه عن الـ900 ألف ليرة، بينما كان العام الماضي بحدود الـ300 ألف ليرة.

زينة "بالفريش دولار"

وبالعودة إلى زينة رمضان، فإن المواطنين اللبنانيين مثل كل الشعوب العربية تحرص على تزيين منازلها لاستقبال الشهر الكريم،  لكن الزينة المعروضة هذا العام أصبحت "للميسورين فقط" بعدما تم تسعيرها بالدولار فقط، وفقاً للبائع محمود منيمنة، مالك "مكتبة منيمنة" في منطقة الزيدانية في بيروت، الذي أشار إلى أنه "باع القليل جداً من الزينة وأقل مما توقعه بكثير".


وأوضح أنه اضطر إلى دولرة الأسعار، لأن البضاعة بمجملها صينية، ورغم أنه لم يشتر شيئاً جديداً، بل جميعها بضاعة العام الماضي، لكنه اضطر إلى التسعير بالدولار كي يؤمن قوته اليومي ويغطي تكاليف الإيجار ويتمكن من الاستمرار بتجارته، خاصة أن الزينة هذا العام لم تعد من أولويات هذا الشهر"، وفقاً لما ذكره لموقع 24.

فرحة الأطفال بالزينة

 ولجأ الكثير من المواطنين الذين كانوا سابقاً من الطبقة الوسطى إلى الاكتفاء بما تيسر من زينة العام الماضي، مثل رشا شريف علاء الدين التي ذكرت أنها حرصت على استقبال شهر الخير مطبقة مقولة لبنانية شعبية "جود من الموجود"، مشيرة إلى أنها حرصت على الاحتفال بقدوم الشهر مع أطفالها مستعينة بزينة رمضان الماضي.
 وقالت لموقع 24: "أسعار الزينة هذا العام تكاد أن تبلغ رواتب زوجي بأكلمه، فكان اللجوء إلى بعض إعادة التدوير والأعمال اليدوية مع الأطفال في المنزل".

زينة خجولة ومبادرات مجتمعية

وفيما يترقّب المواطنون أن تكون موائد الإفطار على أضواء الشموع، أو على ضوء مولّدات الاشتراكات الخاصة، فإن زينة الشهر رفعتها إما الجمعيات والمؤسّسات الخيرية، أو الروابط الأهلية، وحتى لجان البنايات، فيما بعضها وبسبب انعدام القدرة على رفع زينة ضوئية اكتفى بلوحات ويافطات ترحّب بالشهر مع رسومات بسيطة.

وفي منطقة الطريق الجديدة في بيروت، أقدمت مؤسّسات محمد خالد الاجتماعية على إضاءة مستديرة الشهيد المفتي حسن خالد ببعض من الأضواء، ونصب هلال منير ضخم وسط المستديرة، ترحيباً بشهر الخير.