إيمان اليوسف حديثا وأثناء طفولتها ( 24 )
إيمان اليوسف حديثا وأثناء طفولتها ( 24 )
الخميس 23 مارس 2023 / 17:05

إيمان اليوسف لـ 24: تفاصيل رمضان في طفولتي غرست بنفسي حب الأسرة

24 - إعداد: نجاة الفارس

"ذاكرة الطفولة" زاوية نضيء فيها على طفولة أديب من الإمارات، نصغي لأولى تجاربه ورؤاه، أولى أفراحه وأحزانه، نمخر عباب مرحلة، بصماتها خالدة في أعماق الذات، وتتسرب لأطراف الأصابع، عبر النتاج الأدبي بين لحظة وأخرى.

القراءة لها طعم ولذة مختلفة في الشهر الفضيل   

على ماذا يتكئ من ليس له طفولة سعيدة خاصة أمام تحديات الحياة؟

بدأت الكتابة في سن التاسعة ومازلت أحتفظ بأول عمل أدبي لي

دفء أسري

 تقول الأديبة إيمان اليوسف: "غردت عبر حسابي في تويتر منذ فترة، على ماذا يتكئ من لم تكن لهم طفولة سعيدة، خاصة أمام تحديات الحياة وصعوبة أن نكون بالغين؟ يحضرني هذا وأنا أتناول طفولتي هنا، خاصة ذكريات رمضان الكريم مع أسرتي، لقد كانت ذكريات سعيدة، مفعمة بالسكينة والطمأنينة والسلام، عشت فيها دفئاً أسرياً لا يزال في ذاكرتي، أعود له كسند وصخرة عظيمة من دعم نفسي قوي كلما عصفت بي الحياة".

ذكريات رمضانية

  وتضيف "في شهر رمضان تحديداً علمني والداي الصلاة، وأهمية الصيام، كما عملا معي على خلق روابط روحانية قوية وأصيلة بيني وبين الله، الأمر الذي يأتي بثماره في حياتي بشتى جوانبها حتى اللحظة، هذه العلاقة التي ساعدني والدايَ في بنائها، وتلك القراءات الجماعية التي كنا نتشارك فيها، قصص الأنبياء والسيرة النبوية العطرة وأجزاء من القرآن وأحكام التجويد، جعلت مني إنسانة قوية فكرياً وروحياً، أيضاً اجتماعنا على مائدة الإفطار ثم السحور وصلاتنا في ليالي القدر ودعاؤنا معاً، كل ذلك زرع في داخلي حب الأسرة ورسوخ القيم، الأمر الذي أعمل جاهدة على نقله إلى أبنائي".

علاقة بالكتاب

 وتذكر اليوسف "أول رمضان صمته كاملًا، كنت في التاسعة من عمري وصادف شهر ديسمبر الميلادي، أي أن الصيام جاء شتوياً بنهار قصير نسبياً، ومع ذلك كنت أعود من المدرسة جائعة ولا يصبرني حتى موعد الإفطار، سوى قراءة مجلة ماجد وبعض القصص المصورة الصغيرة، حيث بدأت علاقتي بالكتب والقراءة قبل سن التاسعة بسنتين، إلا أن القراءة لها طعم ولذة مختلفة في الشهر الفضيل، استمرت حتى اليوم".  
 

ثقة ودعم

وتقول "أهديتُ أول رواية صدرت لي "النافذة التي أبصرت" إلى والدتي، لأنها رأت في إيمان اليوسف الكاتبة، قبل أن أعرف أنا، وقبل أن أكتب، والدتي داعمتي الأولى بداية من اقتناء الكتب، واصطحابي إلى معارض الكتب، وتأمين الجو المناسب لي للقراءة، وتوفير غرفة خاصة في المنزل للكتابة، لقد دعمتني بكل الحب والثقة والرعاية، خاصة في اللحظات التي اهتزت فيها ثقتي في قلمي، أو حينما واجهتني تحديات صعبة.

إيمان بالموهبة

وتؤكد  "والدتي قدمت لي أعظم ما يمكن أن يحتاجه المبدع، وهو الإيمان بي وبموهبتي، لم يتزعزع إيمانها بي مطلقًا، لقد حملت همي أثناء سفري وحيدة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، للمشاركة في برنامج الكتاب الدولي في جامعة آيوا عام 2018 كأول إماراتية، ودعمتني عبر مشاركاتي الدولية في معارض الكتاب مع عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، في سنوات اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب، أيضا والدتي احترمت ودعمت اختياري بترك الهندسة الكيميائية والتوجه للكتابة، وأجزم أنه لولا والدتي، لما كنت الكاتبة التي أنا عليها اليوم، جزاها الله عني أفضل الجزاء".

سعادة وشغف

وتوضح اليوسف: " جمعتني بوالدي أحاديث ونقاشات مطولة، وعندما كنت في المدرسة الابتدائية، كان يُحضر لي كتبًا أكبر من قدرة من في سني على الاستيعاب، بعضها كانت تُدرس في الجامعات وكان يتحداني لقراءتها ومناقشتها معه، فأنكب عليها بسعادة وشغف ورغبة في كسب رضاه والفوز بالتحدي، غالبًا، لم أكن أفهم منها الكثير لكنها رفعت من سقف طموحاتي، وقدراتي، كما طورت من مخزوني اللغوي".
 

مناقشة الآباء

 وتؤكد  "أن فكرة مناقشة الآباء لأبنائهم، تمنحهم الثقة العالية بالنفس، لقد صنع والدي مني متحدثة جيدة، كما غرس فيّ حب الشعر، إذ على الرغم من عدم إطلاعه على الكثير من الشعراء والدواوين، إلا أنه امتلك ذائقة رفيعة، فكان يردد بعض الأبيات التي حفظتها عنه والتي كانت سببًا في رغبتي بقراءة المزيد من الدواوين" .  



صداقة الأدب

وتبين "انتقلت أثناء تحصيلي المدرسي عبر أكثر من 3 مدارس ولذلك لم تدم الكثير من صداقاتي، إلا أني لا أزال على تواصل مع بعض صديقات المدرسة ومع صديقة الجامعة المقربة، ولاحقًا، حين دخلت عالم الأدباء وبعد نشر عدد من مؤلفاتي، اكتسب صداقة بعض الكاتبات والناشرات والشاعرات والوكيلات الأدبيات وهن الأقرب إلى قلمي وروحي وشغفي، أنا محظوظة بهن كجزء محوري هام في حياتي اليوم، كما أن صداقة الأديبات تضمن خطًا متقاربًا من جنون المبدعين نفسه، وهذا ما يضفي الكثير من الفرادة على هذه العلاقات".



بين الواقع والخيال

وتقول: "كنت طفلة وحيدة نوعا ما، لأني أكبر إخوتي ولم يكن لي من هم في مثل سني، وربما كان ذلك من صالحي، إذ صادقت الكتب وشفغت بشخصيات القصص و الروايات الخيالية كثيرًا وارتبط بها، حين أعود إلى طفولتي وذكرياتها، أجدها مرحة باللعب مع أخي الذي يصغرني بعام، ثم بقراءة الكثير من الكتب والوصول إلى مراحل عميقة من الانغماس بها، حتى ليتلاشى الخط بين الواقع والخيال، كنت أحدث شخصيات الروايات وأتعلق بها وأحزن حين تنتهي رواية ما، إذ أعلم وقتها أنه حان الفراق، لذلك، فإن أجمل هواياتي وتكاد تكون الوحيدة هي القراءة ثم الكتابة".

شرارة الإبداع

وعن رحلتها في فترة الدراسة توضح اليوسف: "لا أستطيع نسيان معلمة الموسيقى في مدرسة الشروق الابتدائية، واسمها ماري، أتمنى أن أجدها والتقي بها، وقد زرت المدرسة منذ 5 سنوات للسؤال والبحث عنها دون جدوى، كانت أكثر من معلمة، وفرت لي الكثير من المعرفة والثقة والإيمان كما احتوتني وكانت الملاذ لي، وعلى يديها تدربت على العزف على آلتي "الإكسلفون" و"الأكورديون"، كنت أعزف يوميًا في طابور الصباح، كما دربتني على التمثيل، وكنت أشارك كل نهاية عام دراسي بمسرحيات المدرسة، ومنها إحدى قصص كليلة ودمنة، لقد أشعلت المعلمة ماري في داخلي شرارة من الإبداع، وحبًا للموسيقى والتمثيل والأداء والمسرح، الذي أستقي منه وأنهل حتى هذه اللحظة".

مغارة علي بابا

وعن بداية اكتشافها للمكتبة تذكر: "اكتشفت مكتبة الصفا العامة والتي تبعد شارعين فقط عن منزلي بالصدفة في سن السابعة، وكانت أشبه باكتشاف مغارة علي بابا، استعرت الكتب وقرأتها بنهم شديد، في إجازة الصيف، وكنت أنهي كتابًا كل يومين، هناك تعرفت على سحر الكلمات ورائحة الأوراق وصمت المكتبة الذي يعج بضجيج المعرفة والحكايات، تلك كانت من أجمل أيام حياتي، ومن أكثر الكتب تأثيراً عليّ وقتها، رواية الكونت مونت كريستو، روايات أجاثا كريستي، رواية أزهار للسيدة هاريس، الفرسان الثلاثة، قصة مدينتين، الزنبقة السوداء ولاحقًا في المرحلة الإعدادية بدأت بقراءة أعمال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس والعقاد".

عالم الكتابة

وبالنسبة لانطلاقها في عالم الكتابة تقول : "بدأت الكتابة في سن التاسعة ومازلت أحتفظ بأول عمل أدبي ظننته رواية، إلا أني نشرت أول مجموعة قصصية لي بعنوان "وجوه إنسان" بعد تخرجي من الجامعة، أي في سن 22".
وعن أول مدينة زارتها خارج الوطن، تبين كيف تجسدت مشاعرها تجاه ذلك: "تعودت زيارة أمريكا كل صيف مع أسرتي، بصحبة أبي إلى حيث أتم دراسته الجامعية، وأمريكا متنوعة في تضاريسها ومناخها وتختلف طبيعة ولاياتها، حتى كأنك تزور كل مرة دولة مختلفة".