غواصة صينية (أرشيف)
غواصة صينية (أرشيف)
الجمعة 24 مارس 2023 / 00:03

لا داعي للقلق بسبب تايوان

يتزايد القلق في الغرب وشرق آسيا من غزو الصين لتايوان لتشتيت الانتباه عن التحديات الداخلية المتصاعدة، أو لأن القادة الصينيين يظنون أن نافذة الفرصة المتاحة لهم للاستيلاء على الجزيرة قد أغلقت. ويرى بعض المحللين أنه في مواجهة التباطؤ الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، قد تميل بكين إلى الهجوم العسكري لحشد الدعم الشعبي.

تقول الكاتبة والمحللة جيسيكا تشن ويس، في تقرير بمجلة "فورين أفيرز" إن وزير خارجية تايوان جوزيف وو، تكهن في يناير (كانون الثاني) الماضي بأن الرئيس الصيني شي جين بينغ قد يخلق أزمة خارجية "لتحويل الانتباه المحلي أو ليظهر للصينيين أنه  أنجز شيئاً".

ويحذر محللون آخرون من حرب وشيكة لأن صعود الصين يتباطأ، ومن وجهة نظرهم، قد تحاول بكين اغتنام الفرصة لاستخدام القوة ضد تايوان، وأشار رئيس العمليات البحرية الأمريكية الأدميرال مايك جيلداي في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، إلى أن الصين قد تحاول الاستيلاء على تايوان في وقت مبكر من  2022 أو 2023.

وقال مسؤولون أمريكيون آخرون بينهم رئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي، ومدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز، إن الرئيس الصيني لم يقرر بعد غزو تايوان، لكن هناك مخاوف متزايدة بين بعض المحللين الأمنيين الغربيين وصناع القرار من أنه بمجرد أن يعتقد جيش التحرير الشعبي، أن لديه القدرة العسكرية على غزو تايوان، وإبعاد الولايات المتحدة، سيأمر شي جين بينغ بالغزو.

لكن الكاتبة ترى أن المخاوف من الغزو القريب مبالغ فيها، فهناك القليل من الأدلة على أن القادة الصينيين يرون نافذة ختامية للعملية، ويبدو أن مثل هذه المخاوف مدفوع بتقييم واشنطن لنقاط ضعفها العسكرية أكثر من حسابات بكين للمخاطرة والمكافأة.

صراع مفتوح

تاريخياً، لم يبدأ القادة الصينيون الحروب لصرف الانتباه عن التحديات الداخلية، ولا يزالون يفضلون استخدام تدابير أقل من الصراع لتحقيق أهدافهم، كما أدت مشاكل الداخل إلى تهدئة السياسة الخارجية الصينية، وكان الرأي العام الصيني يميل إلى مكافأة الحكومة على التهديد وإظهار العزم الذي لا يؤدي إلى صراع مفتوح.

وتضيف  ويس "إذا كان صناع السياسة الغربيون يبالغون في خطر الغزو الصيني لتايوان، فقد يخلقون عن غير قصد نبوءة تحقق ذاتها، وبدل القلق من تسبب بكين في أزمة خارجية لتعزيز مكانتها في الداخل أو افتراض أن بكين تشعر بالضغط للغزو على المدى القريب، على الولايات المتحدة التركيز على إيقاف أو على الأقل إبطاء دوامة الفعل ورد الفعل التي زادت التوتر بشكل مطرد، وجعلت الأزمة أكثر احتمالاً".

وتقول الكاتبة إن هذا لا يعني وقف الجهود لتعزيز قدرة تايوان على الصمود أمام الصين، أو تنويع الموقف الدفاعي للولايات المتحدة في المنطقة، لكنه يعني تجنب المواجهة التي لا داعي لها، وتحديد الخطوات المتبادلة التي يمكن أن تتخذها واشنطن وبكين لخفض درجة الحرارة.

مهمة صعبة

وترى الكاتبة أن المهمة الصعبة والحاسمة لصانعي السياسات في الولايات المتحدة هي "ربط الإبرة بين الردع والاستفزاز"، لافتة إلى أن "الالتزامات غير المشروطة بالدفاع عن تايوان، والتعهدات بزيادة القوة العسكرية الأمريكية في المنطقة، يمكن أن تبتعد كثيراً تجاه الأخيرة، مما يؤدي عن غير قصد إلى إثارة الصراع ذاته الذي يسعى صناع السياسة الأمريكيون، إلى منعه".

وتقول إن "الادعاءات بأن بكين تبحث عن فرص للهجوم لأغراض سياسية محلية ليست خاطئة فقط، بل خطيرة، لأنها تعني ضمناً أن الإجراءات الأمريكية لا تؤثر على حسابات الصين في تايوان، وأن الطريقة الوحيدة لمنع بكين من العدوان هي حرمانها من القدرة على الانتصار في مثل هذا المسعى".

الاعتبارات المحلية وتوازن القوى العسكرية ليسا العاملان الوحيدان اللذان سيؤخذان في الاعتبار عندما تقرر الصين إذا كانت ستهاجم تايوان، حسب التقرير، و"حتى لو أن الرئيس الصيني يفضل تجنب صراع على المدى القريب، ويعتقد أن الآفاق العسكرية للصين ستتحسن بمرور الوقت، فقد يأمر بعملية عسكرية إذا رأى هو وقادة صينيون آخرون زيادة حادة في خطر خسارة  تايوان".

مثل هذه التحديات، بما فيها الإجراءات الأمريكية التي تؤيد تايوان دولةً مستقلة، أو تشير إلى أن واشنطن قد تكون على أعتاب استعادة تحالف رسمي مع الجزيرة، قد تؤدي إلى رد فعل من الصين. ومع ذلك، فإن لبكين طرق أقل خطورة للرد على الاستفزازات التي تتصورها، بما فيها الخطاب والإجراءات التي يمكن أن تلمع مؤهلاتها القومي دون أن تتصاعد إلى صراع عسكري.

واختتمت الكاتبة تقريرها بالقول: "كثيراً ما ينخرط قادة الصين في التهديد الخطابي لاسترضاء الجماهير المحلية وتقليل التكاليف الشعبية لتجنب استخدام القوة العسكرية، وقد يختارون أيضاً بين مجموعة متنوعة من الإجراءات التصعيدية التي لا تصل إلى الحرب، للإشارة إلى العزم وفرض التكاليف على تايوان، بما فيها الجهود العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية للضغط على الجزيرة، وردعها عن الانفصال عن البر الرئيسي، لكن لا يجب الخلط بين هذا النوع من السلوك، والاستعدادات للحرب".