شعار تيك توك.(أف ب)
شعار تيك توك.(أف ب)
الثلاثاء 28 مارس 2023 / 12:04

غارديان: حظر "تيك توك" لن يؤثر على "حرب العقول"

24- طارق العليان

تشير التقارير العسكرية الصينية إلى أنّ الحرب تتحول من تدمير الجثث إلى شلّ عقل الخصم والسيطرة عليه، الأمر الذي يجعل دعوة إدارة بايدن لمالكي تطبيق تيك توك الصينيين إلى بيع حصصهم في التطبيق، وإلا تعرضوا لحظرٍ أمريكي مجرد بداية للعبة اصطياد جواسيس مُمتدَّة ضِمن استراتيجية أوسع نطاقاً لمكافحة الحرب المعرفية التي يمثل العقل البشري ساحة معاركها.

تتسابق الجيوش في تطوير أسلحة يمكنها يوماً ما مهاجمة العقول البشرية أو تعطيلها



وفي هذا الإطار، قالت الكاتبة الصحيفة نيتا آي فاراهاني المختصة بتكنولوجيا المعلومات بمقال في صحيفة "غارديان" البريطانية: "في حين أنّ حظر تيك توك قد يقضي على الجاسوس الأول والأكبر، إلا أنه يخفق في التعامل مع التحول الأوسع إلى الحرب المعرفية باعتبارها المجال السادس للعمليات العسكرية الجارية، التي تشمل حملات التأثير الصينية على تطبيق تيك توك، وجمع مجموعة كبيرة من البيانات الشخصية والبيومترية من المواطنين الأمريكيين، وسباق تطوير أسلحة يمكن أن تهاجم يوماً ما العقول البشرية أو تُعطلها بشكل مباشر".

الحرب المعرفية

في نوفمبر "(تشرين الثاني) 2020، أصدرَ فرنسوا دو كلوزيل، الذي يعمل مدير مشروعٍ في مركز الابتكار التابع لحلف شمال الأطلسي، تقريراً بعنوان الحرب المعرفية، يتناول الدول التي تتسابق لتسليح علم الأعصاب.
وأدرجت الحكومة الأمريكية المعاهد والشركات الصينية على القائمة السوداء التي تعتقد أنها تعكف على "عمليات تقنية حيوية لدعم الاستخدامات النهائية للجيش الصيني"، بما في ذلك "أسلحة السيطرة على الدماغ المزعومة".


ويستثمر جيش التحرير الشعبي الصيني بكثافةٍ في عمليات المجال المعرفي، بما في ذلك أبحاث الذكاء الاصطناعي في البرامج والأجهزة وصنع القرار المستوحاة من الدماغ.
ويصف ناثان بوشامب مصطفى أغا، المتخصص في الشؤون الصينية في مؤسسة راند للأبحاث، هذه الأحداث بأنها "تطوُّر في سياق الحرب، ينتقل من المجالات الطبيعية والمادية — البرية والبحرية والجوية والكهرومغناطيسية — إلى عالَم العقل البشريّ".
ويقول بوشامب إن "جيش التحرير الشعبي يَعْقِد الآمال على تشكيل التفكير المعرفي للعدو وقدراته على صنع القرار أو حتى السيطرة عليها". أصبحت "حرب الدماغ" حقيقة واقعة، بدايةً من حملات التضليل إلى الأسلحة الحديثة التي تستهدف الدماغ.
وتجسد منصات مثل" تيك توك "التأثير المعرفي من خلال تشكيل معتقدات وتفضيلات قاعدة مستخدميها الكبيرة أثناء جمع البيانات وتطوير ملفات تعريف نفسيَّة المنشأ.

إساءة استخدام التكنولوجيا العصبية

وتقول الكاتبة: تتمتع خوارزمية تيك توك بالقدرة على تشكيل الرأي العام واستغلال بيانات المستخدم لتشكيل التفضيلات والتحيزات والمعتقدات. وقد رأيت ذلك بأم العين. فبعد محاضرةٍ ألقيتها في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، اقتطع المؤثرون في تيك توك جزءاً من الحديث خارج السياق، وضخموه على المنصة. وحصدت مقاطع الفيديو ملايين المشاهدات. وتلقت محاولتي الخاصّة على المنصة لمكافحة المعلومات الخاطئة عدداً محدوداً من المشاهدات. يبدو أنه من الأسهل تشويه سمعة شخص يُسلِّط الضوء على الممارسات الاستبدادية بدلاً من تضخيم رسالته المعنيَّة بإساءة استخدام التكنولوجيا العصبية المخيفة بالفعل بمعرفة الحكومة".
وتضيف نيتا آي فاراهاني: يزداد جمع بيانات الاستدلال البيولوجيّ الأجنبية عن الأمريكيين، إذ يُقدِّم المستخدمون عن غير قصد بيانات التعرُّف على الوجه من خلال مرشحات وألعاب تيك توك. لكن التركيز الحالي على تيك توك لا ينبغي أن يعمينا عن جمع بيانات الاستدلال البيولوجيّ الحسَّاسة من قِبَل الصين من خلال التقنيات الأخرى التي نشرتها في الولايات المتحدة.


ومثال على ذلك جهاز "Flowtime"، وهو سماعة رأس للتكنولوجيا العصبية يستخدمها كثير من الأمريكيين لممارسة التأمل والألعاب ولأغراض أخرى، تنتجها شركة هانغتشو إنتر إلكترونيك تكنولوجي المحدودة (إنترتيك")، ومقرها الصين.
وباعت الشركة أيضاً عشرات الآلاف من الخوذات المزودة بأجهزة استشعار مخطط كهربية الدماغ إلى مؤسسة الشبكة الحكومية الصينية، وهي شركة مرافق كهربائية صينية مملوكة للدولة، كي تتمكن من قياس إجهاد عمَّالها وأنشطة الموجات الدماغية الأخرى في الوقت الفعلي أثناء العمل.

أسلحة التحكم في الدماغ

والجانب الأكثر إثارة للقلق في الحرب المعرفية، برأي الكاتبة، هو تطوير أسلحة التحكم في الدماغ. لقد حثَّ العلماء الذين تمولهم المؤسسة الوطنية الصينية للعلوم الطبيعية الصين على الاستثمار في علوم الدماغ العسكرية، والبحث في الآثار الضارة للأسلحة المختلفة على أنسجة المخ وتطوير تداخل الموجات الدماغية والأسلحة دون الصوتية. وهم يَحْتَجُّون بأنّ الدماغ "مقر" جسم الإنسان وأن الأسلحة "التي تهاجم "المقر" ستصبح قريباً "واحدة من أكثر الإستراتيجيات فعاليةً لتحديد النصر أو الهزيمة في ساحة المعركة".
وأوضحت الكاتبة أن معالجة الحرب المعرفية تتطلب نهجاً متعدد الأوجه يتجاوز حظر تطبيقات مثل "تيك توك". فهي تحتاج إلى التحرك بسرعةٍ لتأمين الحقوق والمعايير العالمية للأفراد التي تضمن حقهم في الحرية المعرفية، وتضمن حقهم أيضاً في الخصوصية العقلية وحرية الفكر وتقرير المصير على أدمغتنا وتجاربنا العقلية.

محو الأمية الرقمية

وأكدت الكاتبة ضرورة زيادة الوعي العام بالمخاطر المرتبطة بالمنصات الرقمية وأجهزة التكنولوجيا العصبية من خلال تزويد الجمهور بمعلومات ملموسة حول المخاطر التي يتعرض لها وأمْنِه القومي. وقالت إن تثقيف المستخدمين حول المخاطر المحتملة وتعزيز محو الأمية الرقمية سيُمكِّنهم من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن وجودهم على الإنترنت والأجهزة التي يستخدمونها.