الأربعاء 29 مارس 2023 / 00:25

توماس فريدمان: لا يمكن الوثوق بنتانياهو

"لا يمكن الوثوق بنتانياهو"، هذا ما قاله الكاتب والمحلل توماس فريدمان لصحيفة "واشنطن بوست" عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أجبره المجتمع المدني على التوقف، في الوقت الحالي، عن محاولته لفرض سيطرته على القضاء الإسرائيلي المستقل والحصول على حرية الحكم كما يشاء.

لكن هذه القضية برمتها كشفت، كما يقول فريدمان، حقيقة جديدة ومثيرة للقلق بالنسبة للولايات المتحدة: لأول مرة، زعيم إسرائيل غير عقلاني، يُشكل خطراً ليس فقط على الإسرائيليين، ولكن أيضاً على المصالح والقيم الأمريكية المهمة.
ويشير فريدمان  إلى أن هذا يتطلب إعادة تقييم فوري من قبل كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن واللوبي اليهودي المؤيد لإسرائيل في أمريكا. قال نتانياهو لهم جميعا: "ثقوا بالعملية"، "إسرائيل ديمقراطية صحية"، "لا تقلقوا بشأن المتعصبين الدينيين والمتفوقين اليهود الذين جلبتهم إلى السلطة للمساعدة في منع محاكمتي بتهمة الفساد. سأبقي إسرائيل ضمن حدود سياستها السياسية والخارجية التقليدية. إنه أنا، صديقكم القديم، بيبي"، أرادوا أن يثقوا به، واتضح أن كل ذلك كان كذبة .

حرب أهلية

منذ اليوم الأول له في السلطة، يقول فريدمان: "كان من الواضح للكثيرين منا أن هذه الحكومة الإسرائيلية ستذهب إلى أقصى الحدود التي لم يجرؤ عليها أحد من قبل. ومع عدم وجود حواجز حماية حقيقية، فإن الأمر سيستغرق الولايات المتحدة ويهود العالم عبور الخطوط الحمراء التي لم يتخيلوا عبورها أبدا، في حين أنه من المحتمل أن يزعزع استقرار الأردن واتفاقات أبراهام، ويزيل الأمل في حل الدولتين ويجلب إسرائيل في عامها الـ 75 إلى حافة الحرب الأهلية".



ويسفر الكاتب ذلك لأن "مفتاح تنفيذ الأجندة الراديكالية للحكومة كان دائماً وأولاً: السيطرة على المحكمة العليا الإسرائيلية التي تعد بمثابة المكابح المستقلة الشرعية الوحيدة لطموحات نتانياهو وشركائه المتطرفين في الائتلاف، من خلال عملية متخفية في شكل إصلاح قضائي".
مع رفع السلطة القضائية، ستحكم إسرائيل مثل الأنظمة الاستبدادية المنتخبة، وهو ما يريده نتانياهو وشركاؤه، هذا النوع من السيطرة السياسية على المحاكم فوق أي أولوية أخرى لديهم، مما جعل البلاد على شفا "حرب أهلية" كما اعترف نتانياهو في خطابه الوطني مساء الاثنين.

"حل وسط"

ويشير الكاتب إلى أنه في مواجهة مثل هذه الحرب الأهلية، بعد ثورة غير مسبوقة في نهاية الأسبوع من قبل شريحة كبيرة من المجتمع الإسرائيلي وقواته المسلحة وحتى بعض أعضاء حزبه، عرض نتانياهو تعليق جهوده للاستيلاء على السلطة وإعطاء ما يقرب من شهر للمفاوضات مع المعارضة لمعرفة ما إذا كان يمكن التوصل إلى حل وسط.
ويرى ليبرمان أن هناك شيء بات واضحاً بالفعل، وهو أن نتانياهو أصبح تعريفا للشخص غير العقلاني والمتهور في العلاقات الدولية، شخص لم يعد بإمكاننا التنبؤ بسلوكه وكلماته التي لا ينبغي لبايدن أن يثق بها، إذ تحتاج الولايات المتحدة إلى التأكد من أن نتانياهو لا يستخدم الأسلحة الأمريكية للانخراط في أي نوع من الحرب مع إيران أو حزب الله دون تأييد كامل ومستقل من القيادة العسكرية العليا الإسرائيلية، التي عارضت انقلابه القضائي.



وتساءل الكاتب: "لماذا أصر على أن نتانياهو أصبح شخصاً غير عقلاني وخطر على مصالحنا وقيمنا؟ إنه سؤال يمكن الإجابة عليه بسؤال: كيف تصف رئيس وزراء إسرائيلي وابنه الذي بعد 50 عاماً من إرسال الولايات المتحدة لإسرائيل مليارات الدولارات من المساعدات الاقتصادية والعسكرية، قال إن الولايات المتحدة هي التي كانت وراء المظاهرات الحاشدة ضد رئيس الوزراء، وأن هذا لا يمكن أن يكون احتجاجاً شعبياً حقيقياً".

نظريات مؤامرة

قبل أسبوعين، ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أنه بينما كان نتانياهو في زيارة رسمية إلى روما، نقل عن "مسؤول كبير" في حزبه المتنقل قوله بدون أي دليل: "هذا الاحتجاج ممول ومنظم بملايين الدولارات، هذه منظمة عالية المستوى للغاية، بينما أكد عضو آخر من الوفد المرافق لرئيس الوزراء أن المسؤول الكبير كان يشير إلى الولايات المتحدة
يقول ليبرمان إن "هذا هو نفس التفكير في المؤامرة الذي ينشره قادة إيران لتشويه سمعة الحركة الديمقراطية الحقيقية في طهران، بقيادة النساء الإيرانيات".
ويشير الكاتب إلى أن "الازدراء الذي يظهره نتانياهو لدافعي الضرائب الإسرائيليين، ولسيادة القانون في إسرائيل، وللمحكمة العليا الإسرائيلية، ولأميركا، هو مجرد دليل أكثر وضوحاً على زعيم انفصل تماماً عن أي وقفات أخلاقية".
ويختتم ليبرمان مقاله بالتشديد على ضرورة أن "توضح الحكومة الأمريكية والكونغرس والقادة وجماعات الضغط اليهودية الأمريكية، الذين كانوا في كثير من الأحيان عناصر تمكين نتانياهو، أنهم يسيرون أيضاً مع جميع الإسرائيليين، من الجيش ومجتمع التكنولوجيا الفائقة والجامعات والمجتمعات الدينية التقليدية والأطباء والممرضات وطياري القوات الجوية والمصرفيين والنقابات العمالية وحتى المستوطنات، الذين خرجوا إلى الشوارع في الأسبوع الماضي لضمان أن الذكرى الـ 75 للديمقراطية الإسرائيلية لن تكون الأخيرة".