الوزير الأول في اسكتلندا حمزة يوسف وعائلته( أرشيف)
الوزير الأول في اسكتلندا حمزة يوسف وعائلته( أرشيف)
الأربعاء 29 مارس 2023 / 20:07

انتخاب حمزة يوسف نداء لتعبئة القوميين في اسكتلندا

24- طارق العليان

وصف وزير الخارجية البريطاني الأسبق ويليام هيغ فوز حمزة يوسف بمنصب رئيس الوزراء اسكتلندا، بأنه صيحة استنفار للقوميين.

الحزب الوطني الاسكتلنديّ يعاني من مشكلات أي حزب في السلطة منذ فترة طويلة


وكتب في مقال بصحيفة "ذا تايمز" البريطانية: "أحرص على التعامل مع القضية السياسية في اسكتلندا بشيء من التواضع. فخلال السنوات الأربع التي قضيتها زعيماً لحزب المحافظين، سافرت 35 مرة إلى اسكتلندا، لكنني لم أحصل سوى على مقعد واحد، وكان مقعداً ينتمي لمنطقة لم أزرها من قبل قط".
ومنذ ذلك الحين، يضيف هيغ، أعادَ المحافظون شمال الحدود تشكيل أنفسهم باعتبارهم حزباً اسكتلنديّاً مميزاً. ولكن في ذلك الوقت "كان يُنظَر إلينا على أننا النخبة الإنكليزية التي فرضت وجهات نظرها على اسكتلندا. وربما كُنت قد زدت الطين بلّة إذ حذّرتُ من أن إنشاء برلمان اسكتلندي من شأنه أن يغذي النزعة القومية بدلاً من وأدها، وهي حجة أثبتت صحتها الأيام، لكنها مع ذلك لم تكن تحظى بشعبيةٍ كبيرة.".


ومع ذلك، يرى هيغ أنه يتعين فهم ما يحدث بالتزامن مع فوز حمزة يوسف بمنصب الوزير الأول، قائلاً إنها لحظة مهمة لسكان اسكتلندا البالغ عددهم 5.4 مليون نسمة ولآفاق الحفاظ على تماسك المملكة المتحدة.
وأضاف: "من الواضح من حملة القيادة أنّ الحزب الوطني الاسكتلنديّ يعاني من مشكلات أي حزب في السلطة منذ فترة طويلة، كمحاولة التستر على تراجع عدد أعضاء الحزب، وتصاعُّد التنافس الشخصي داخل الحزب، والهجمات المتزايدة على تاريخ الحزب".
وتاريخ الحزب رديء حقاً، حسب هيغ، فقد أمست فترات انتظار دخول قسم الطوارئ في المستشفيات أسوأ مما هي عليه في إنكلترا، وصارت الوفيات الناجمة عن تعاطي المخدرات في اسكتلندا الأعلى في أوروبا كلها، وتراجعت خدمات النقل العام، وتدهورت المدارس لدرجة أن الوزراء الاسكتلنديين فضَّلوا أن يخسروا بعض تصنيفاتهم الدولية على ألّا يصرحوا بهذه الحقائق.
ويشير هيغ إلى أن رئيسة الوزراء السابقة نيكولا ستورجن بدت أكثر اطمئناناً في خضم أزمة جائحة كورونا من نظرائها في لندن، لكن السياسات والنتائج كانت شبيهة جداً. ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد نمواً بوتيرةٍ أبطأ من متوسط معدل نمو اقتصاد المملكة المتحدة. وغالبية الأحزاب السياسية التي لديها سجل كهذا ستتلقى ضربةً انتخابية.

تحديات مباشرة

وأضاف هيغ: من بين التحديات المباشرة التي سيتصدى لها حمزة يوسف السجل المخيب للآمال لحزبه، إذ يبدي الناخبون علامات على إعلاء أولوية الخدمات العامة على المناقشات التي تتناول قضية الاستقلال.
لكنّ الحزب الوطني الاسكتلنديّ ما برح يحتفظ بدعم نحو 40% من الاسكتلنديين، وقد لامسَ نسبة 50% في الآونة الأخيرة. وذلك لأن القومية الاسكتلنديّة قوة شعبوية في الأساس، ويمكن أن تحظى بدعمٍ كبير بغض النظر عن سياساتها أو إنجازاتها الحقيقية.

الشعبوية الفجة

هل السر يكمن في الشعوبية؟ يتساءل هيغ، قبل أن يجيب: بالطبع لا. أليس الحزب الوطني الاسكتلندي ينتمي إلى يسار الوسط، ويؤيد أوروبا ويتمتع بالشرعية السياسية وسبق أن تورَّطَ في مشكلات بسبب قضية الاعتراف بالأنواع الاجتماعية المغايرة؟ لا تبدو هذه سمات مميزة مطلقاً للشعبويين المعروفين؛ سواء ترامب أو فاراج المحسوبين على اليمين، أو حتى كوربن المحسوب على اليسار. وألم تشجب ستورجن تحديداً "الشعبوية الفجّة"؟
يقول هييغ: لقد فعلت ذلك حقاً، لكن في سياق محاولتها البارعة لاستمالة مركز الثقل الديموقراطي الاجتماعي المعتدل للناخبين الاسكتلنديين، واستغلال العديد من سمات الشعبوية في آنٍ واحد.

حملة الرحيل

يتشارك كثير من القوميين الاسكتلنديين قواسم مع حملة "الرحيل" عن المملكة المتحدة أو الحركات الشعبوية الأخرى، تتجاوز ما يريدون الإقرار به. وهم يلقون باللوم على السلطة البعيدة – ويقصدون لندن في هذه الحالة – فيما يتعلق بالمشكلات كلها، وينادون بحلٍ بسيط وحاسم، ألا وهو الاستقلال في هذه الحالة، دون أن يُقدِّموا أي خطط لما سيفعلونه مُستقبلاً. وبوسعهم استيعاب آراء اجتماعية واقتصادية مُتباينة ومتنافرة، تتجلى بالكامل في أوجه الاختلاف بين كيت فوربس ويوسف في هذه الحملة، طالما كان هدفهم الأوحد ، وهو إحداث تغيير دائم وجوهري على أساس الفوز، في أي مرحلة، بغالبية تتجاوز 50% من الناخبين.
ولذلك، يرى هيغ أن على القوميين الاسكتلنديين أن يحافظوا بأي ثمن على مشاعر الاستياء من أي شيء تُقدِم عليه الحكومة في إنكلترا، وأن يبقوا على احتمال الحصول على الاستقلال من المملكة. و"إذا نزعنا عنهم هذين العاملين، يصبحون مزيجاً غريباً من المتعاطفين مع القضية الذين ليس لديهم سوى تاريخ متواضع في السُلطة".