الرئيسان الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين.(أرشيف)
الرئيسان الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين.(أرشيف)
الجمعة 31 مارس 2023 / 14:19

 أطفال العالم بحاجة إلى جرأة كينيدي وخروتشوف

في نهاية حياته تقريباً، وخوفاً من اندلاع حرب نووية تلتهم الكوكب، يروى أن الرئيس الأسبق جون كينيدي توجه لأصدقائه قائلاً: "أواصل التفكير في الأطفال – لا في أولادي أو أولادكم، لكن في الأطفال حول العالم".

ثمة حاجة لقادة يمكن أن يخرجوا الشعوب من الفوضى النووية


تتذكر رئيسة مؤسسة السلام في العصر النووي والمحاضرة في الكيمياء بجامعة كولومبيا إيفانا نيكوليتش هيوز هذه الكلمات في مستهل مقالها بصحيفة "ذا هيل" الأمريكية داعية أمريكا وروسيا وسائر الدول النووية إلى التوقيع على معاهدة لحظر الأسلحة النووية. بعد إدراكهما مدى الاقتراب من تدمير العالم خلال أزمة الصواريخ الكوبية، تفاوض كينيدي والزعيم السوفياتي الأسبق نيكيتا خورتشيف على معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية سنة 1963. استغرق الأمر 12 يوماً ليتفقا على ما يجب أن تتضمنه المعاهدة.

 

سرطان في عظامهم

استُكملت حكمة كيندي باهتمام حقيقي. متحدثاً عن حظر الأسلحة النووية في الغلاف الجوي، قال كينيدي: "هذه المعاهدة من أجلنا جميعاً، هي بالتحديد من أجل أطفالنا وأحفادنا، وهم ليس لديهم لوبي هنا في واشنطن". ومضى يناقش تداعيات الاختبار النووي ذاكراً "أطفالاً وأحفاداً مع سرطان في عظامهم، لوكيميا في دمهم، أو مع سموم في رواياهم" ملاحظاً أن "التشوه حتى في طفل واحد – والذي قد يولد بعد فترة طويلة من رحلينا – يجب أن يقلقنا جميعنا".
حين انطلق كينيدي ليحول المعاهدة إلى واقع، بدت المهمة مستحيلة. لم تكن المؤسسة في واشنطن مهتمة بإنهاء التجارب النووية في الغلاف الجوي. لقد بدأ أعضاء مجلس الشيوخ يغيرون رأيهم فقط بعد الضغط الشعبي. عقب حملة وطنية شعبية دامت شهرين، صادق مجلس الشيوخ على المعاهدة بـ80 صوتاً مقابل 19.

تشجيع علني وسري

علناً وخلف الكواليس، شجع البابا يوحنا الثامن جهود كينيدي وخروتشيف. بعدما ساعدهما على تفادي حرب نووية وسط أزمة الصواريخ الكوبية، دعم البابا أيضاً عملهما معاً على المعاهدة، وبشكل أعم على السلام. فهم الثلاثة كيف أن وقف اختبار الأسلحة النووية في الغلاف الجوي كان خطوة نحو نهاية الحرب الباردة نفسها.

 

 


اليوم، تابعت هيوز، المؤسسة في واشنطن غير مهتمة بمعاهدة أخرى: معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية. تمنع هذه المعاهدة جميع الأنشطة المرتبطة بأسلحة نووية. بالرغم من أنها سارية المفعول، مع 68 دولة كطرف و92 دولة موقعة، رفضت الولايات المتحدة ودول نووية أخرى المعاهدة مثيرة الشكوك عما إذا كان بإمكانها تحقيق هدفها بإزالة الأسلحة النووية فعلاً.

أطفال أمام الموت بأبشع الطرق

ترى الكاتبة أن ثمة حاجة إلى قادة مسؤولين عن ترسانات نووية سيفكرون بالأطفال الذين ستحرقهم حرب نووية أو الذين قد ينجون من الانفجار الأساسي قبل أن يواجهوا ميتة مؤلمة بعد أيام أو أسابيع بسبب الإشعاع. وثمة حاجة إلى التفكير في الأطفال البعيدين عن أي انفجارات نووية والذين سيتخبرون شتاء نووياً – مع تبريد درامي عالمي – مما سيؤدي إلى نقص الغذاء عالمياً. ثمة حاجة إلى أن يفكر قادة الدول النووية بالأطفال المتضورين جوعاً في كل مكان.

من القادر على المساعدة؟

كان البابا فرنسيس من أشد الداعمين للمعاهدة وقد وصف مجرد حيازة الأسلحة النووية بالأمر غير الأخلاقي. ينبغي على البابا اليوم استخدام نفوذه الهائل للدعوة إلى مفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا اللتين تملكان معاً 90 في المئة من الرؤوس النووية حول العالم والبالغ عددها نحو 13 ألف رأس، من أجل الانضمام إلى معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية. يمكن أن يدعمه في ذلك مناصر آخر للمعاهدة وهو الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش. بعدها، يمكن أن تبدأ محادثات متعددة الأطراف مع دول أخرى تملك أو تعتمد على الأسلحة النووية. بإمكان الدول أن توقع بمفردها على المعاهدة بشكل فوري مظهرة جديتها في التصدي للقضية وفتح الباب أمام المفاوضات نحو تصفير الأسلحة النووية.

ندين للأطفال ولذكرى كينيدي

تدعو الكاتبة، وهي عضو المجموعة الاستشارية العلمية للمعاهدة، جميع الدول التي تملك أسلحة نووية إلى التخلي عن ترساناتها وإعادة توجيه المبالغ الهائلة المخصصة لصيانتها، ناهيكم عن تحديثها، نحو برامج داخلية متنوعة وتجديد الالتزام بسلام دولي على الكوكب ينشأ عن التعاون والتنافس على المسرح العالمي، لا عن حروب القرن العشرين والتهديدات بالإبادة. سيكون ذلك مفيداً لشعوبها والبشرية جمعاء.
وسط الحرب الروسية في أوكرانيا والمخاطر المتصاعدة لحرب بين الولايات المتحدة والصين والتحديات التي تواجه البشرية بدءاً بالتغير المناخي والتدهور البيئي والجوائح وغيرها، ثمة حاجة لقادة يمكن أن يخرجوا الشعوب من الفوضى النووية. وختمت: "نحتاج إلى حركة سلام واسعة في كل مكان – وإلى دعم معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية. ندين بجعل هذه المعاهدة واقعاً لأطفال العالم ولذكرى جون أف كينيدي".