(أرشيف)
(أرشيف)
الخميس 13 أبريل 2023 / 16:31

مسيحيو القدس.. اعتداءات وتهديدات برعاية حكومة نتانياهو

يشعر مسيحيو القدس بتهديد كبير مع تواصل استفزاز المستوطنين في القدس الشرقية، وارتفاع وتيرة الاعتداءات على كنائسهم ومقابرهم، دون تدخل من الشرطة الإسرائيلية، في ظل حكومة بنيامين نتانياهو اليمينية.

الازدراء الممارس ضد الأقلية المسيحية ليس بالأمر الجديد في البلدة القديمة

وتحذر الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في القدس، من مخاطر جمة، وصعوبات أكبر ترصد باستمرار، منذ صعود حكومة نتانياهو إلى الحكم في يناير (كانون الثاني) 2022، مشيرة إلى أن الحياة أصبحت أسوأ بالنسبة للمسيحيين في مسقط رأس الديانة المسيحية.

وفي مقابلة مع وكالة "أسوشيتيد برس"، يقول البطريرك اللاتيني النافذ الذي عينه بابا الفاتيكان، بييرباتيستا بيتسابالا، إن الوجود المسيحي في الأراضي المقدس البالغ من العمر 2000 عام، يتعرض لهجوم متزايد، في ظل تشجيع الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل للمتطرفين على مضايقة رجال الدين، والأماكن المقدسة.

اعتداءات تحت غطاء سياسي

وبحسب الوكالة، فإن وتيرة اعتداءات المستوطنين واستفزازاتهم في الأراضي المقدسة تزايدت، مستفيدين من الغطاء السياسي والأمني، المقدم حلفائهم في الحكومة. وتضم حكومة نتانياهو اليمينية مجموعة من القيادات الاستيطانية المتطرفة، على رأسهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتامار بن غفير ، المدان بتهمة التحريض ضد العرب.
ويؤكد البطريرك بيتسابالا خلال أسبوع عيد الفصح من مكتبه، المحشور في ممرات الحجر الجيري في الحي المسيحي العتيق بالقدس، "تكرار الهجمات، والاعتداءات، أصبح شيئاً جديداً، لأن المعتدين يشعرون بالحماية...لأن المناخ السياسي الآن قد يبرر أو يتسامح مع الإجراءات ضد المسيحيين".

حرية عبادة منقوصة

ويبدو أن مخاوف بيتسابالا تقوض التزام إسرائيل المعلن بحرية العبادة، المنصوص عليها في دستورها. وتعطي الحكومة الإسرائيلية الأولوية للحرية الدينية للكنائس التي لها صلات قوية بالخارج، بحسب تصريح حكومي.

ويقول التقرير، إن "الازدراء الممارس ضد الأقلية المسيحية ليس بالأمر الجديد في البلدة القديمة المزدحمة بالقدس المحتلة في عام 1967، ومنذ ذلك التاريخ، يشعر المسيحيون بأنهم محاصرون بين اليهود والمسلمين، والإسرائيليين والفلسطينيين".

ويثير مسعى قادة الاستيطان للسيطرة المطلقة على الضفة الغربية والقدس، قلق قادة الكنائس في الأراضي المقدسة، الذين يرون أن هذه الجهود - بما في ذلك خطط الحكومة الإسرائيلية لتوسيع الحديقة القومية على جبل الزيتون - تشكل تهديداً للوجود المسيحي في المنطقة.
من جهته، يقول القس في كاتدرائية القديس جورج الأنجليكانية في القدس دون بيندر، إن "اليمين المتطرف في إسرائيل يسعى لتهويد المدينة القديمة والأراضي الأخرى، ولا نشعر بأن شيئاً يمنعهم من التقدم الآن".، مضيفاً:"الكنائس كانت حجر العثرة الرئيسي في طريقهم".
ويبلغ عدد المسيحين في القدس اليوم، 15 ألفاً، ومعظمهم من الفلسطينيين، ويستمر العدد في التراجع مدفوعاً بالمصاعب التي أعقبت حرب عام 1967، التي فتحت باب الهجرة المسيحية على مصراعيه.

"العام الأسوأ"

يعتبر العام 2023، الأسوأ على الإطلاق بالنسبة للمسحيين في القدس، بحسب مدير مركز القدس للعلاقات الكنسية يوسف ظاهر.  
ووفق المركز، فإن الاعتداءات الجسدية والمضايقات على رجال الدين المسيحيين، غالباً ما تمر دون الإبلاغ عنها. وقد وثق المركز ما لا يقل عن 7 حالات خطيرة من التخريب المتعمد لممتلكات الكنيسة من يناير (كانون الثاني) إلى منتصف مارس (آذار) الماضي، وهي زيادة حادة من 6 حالات مناهضة للمسيحيين مسجلة في 2022. 
وفي شهر مارس  (آذار) الماضي، اقتحم مستوطنان متطرفان، كنيسة "قبر العذراء مريم" في القدس المحتلة، وحاولا تخريب محتوياتها والاعتداء على رواد الكنيسة.

 وفي فبراير (شباط) الماضي، اقتحم مستوطن إسرائيلي، كنيسة "حبس المسيح" في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، وحطم بعض محتوياتها، وبينها تمثال للسيد المسيح، قبل أن يتمكن الحراس من احتجازه وتسليمه للشرطة الإسرائيلية. 
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، وجد مسيحيون أرمن رسومات عنصرية على جدران ديرهم في القدس، وفي ذات الشهر، سجل اعتداء لمتطرفين إسرائيليين على مواطنين أرمن قرب بطريركية الأرمن في البلدة القديمة من القدس الشرقية المحتلة.وفي نفس الشهر، رصد الكهنة من جميع الطوائف المسيحية اعتداءات متزايدة، قائلين إنهم تعرضوا للمطاردة والبصق والضرب أثناء المشي إلى كنائسهم في القدس. كما تعرض أكثر من 30 قبراً في المقبرة البروتستانتية في جبل صهيون للتدنيس من قبل مستوطنين إسرائيليين، أقدموا على تحطيم صلبان، ونزع شواهد لقبور قديمة.

تجاهل

ورغم تكرار الاعتداءات، يشعر المسيحون أن الشرطة الإسرائيلية لا تأخذ شكاويهم على محمل من الجد.  ويقول جورج كاهكيجيان البالغ من العمر 25 عاماً، إنه تعرض للضرب واعتقل واحتجز لمدة 17 ساعة من قبل مجموعة مستوطنين، اقتحموا ديره المسيحي الأرميني لنزع علمه في وقت سابق من هذا العام، دون رد فعل من الشرطة. 

واشتكى مستشار البطريركية الأرمنية الأب أغان غوغشيان، "نرى أن معظم الحوادث التي وقعت في منطقتنا مرت دون عقاب". وأعرب عن خيبة أمله إزاء إصرار السلطات في كثير من الأحيان على أن حالات التدنيس والتحرش ليست بسبب "الكراهية الدينية" بل بدافع المرض العقلي.

والتزم معظم كبار المسؤولين الإسرائيليين الصمت بشأن تخريب الكنائس المسيحية في القدس، في حين أثارت تحركات الحكومة - بما في ذلك إدخال قانون يجرم التبشير المسيحي والترويج لخطط لتحويل جبل الزيتون إلى حديقة وطنية - غضباً في الأراضي المقدسة وخارجها.

جبل الزيتون في القدس

وتعهد نتانياهو بمنع مشروع القانون من المضي قدماً، بعد ضغوط من المسيحيين الإنجيليين الغاضبين في الولايات المتحدة. 
ورغم تراجع حكومة نتانياهو عن المضي في تحويل جبل الزيتون لحديقة وطنية، إلا أن المستوطنين يواصلون جهودهم لتقسيم المنطقة التي تضم عشرات الكناس التاريخية، ويحج إليها ملايين المسيحيين سنوياً.

ويخشى القادة المسيحيون، من تعدي الحديقة المخطط لبنائها على أراضيهم وممتلكاتهم، بعد أن وعدت سلطة الحدائق الوطنية الإسرائيلية بشراء الكنائس التاريخية.