الأحد 23 أبريل 2023 / 21:20

مسؤول أمريكي سابق يطالب بـ"مخطط مقبول" للتعامل مع روسيا بعد الحرب

يرى المسؤول السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية جيرالد هيمان أن حلفاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" وأوكرانيا نفسها التي تخوض حرباً ضارية ضد روسيا، عليهم إيجاد مخطط مقبول للتعامل مع موسكو بعد انتهاء الحرب.

يقول هيمان في تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست"  إن "الغضب الملموس في الكرملين من قبل أوكرانيا وحلفاء الناتو يقود سياساتهم تجاه روسيا، إذ لم نشهد مثل هذا الهجوم المتعمد والعشوائي الذي حول مناطق وبلدات بأكملها ومستشفيات ومدارس ودور حضانة ومنازل ومحطات طاقة إلى أنقاض ومقابر خرسانية منذ هجوم الفيرماخت على بولندا والاتحاد السوفيتي"، على حد تعبيره.

هدفان متضادان

وحدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الهدف الذي لا لبس فيه: "لن نتوقف إلا عندما نعيد بلدنا إلى حدود عام 1991. سنعيد العلم الأوكراني إلى كل ركن من أركان أوكرانيا"، وكما يرى زيلينسكي أن قواته قادرة على فعل هذا، من غير المرجح أن تحقق روسيا هدف فلاديمير بوتين المتمثل في إنهاء استقلال أوكرانيا، وقطع رأس حكومتها، وإعادة كل البلاد تقريبا تحت سلطتها، واستيعابها داخل روسيا الكبرى.
ويبدو أنه من غير المحتمل حتى استعادة كل دونباس الأوكرانية في هذا الوقت، وبعيداً عن اللجوء إلى ترسانتها النووية التكتيكية، فإن موسكو لا تملك الموارد العسكرية والقوات أو المعدات أو الذخائر أو القيادة أو الاستراتيجية أو الهمة للقيام بذلك. ومع ذلك، لم يكن أي من الطرفين حتى الآن على استعداد لتسوية وقف إطلاق النار.

ويشير الكاتب أن زيلينسكي لاحظ أن عام 2023 هو مفتاح هدف أوكرانيا، إذ يجب أن تكون القوات الأوكرانية قادرة خلال العام على قلب المد وتحقيق تقدم كبير في طرد القوات الروسية في الشرق والجنوب. إذا لم يتمكنوا من ذلك، فإن تيار الحرب سينقلب ضدهم على الأرجح لصالح روسيا أو لصالح الجمود. ولا يمكن للشعب الأوكراني أن يتحمل إلى أجل غير مسمى الخراب الذي تعرض له.
ويرى أن حلفاء أوكرانيا سيحتاجون إلى العمل مع كييف لتطوير ودعم استراتيجية واقعية حتى نهاية العام الجاري، ويفضل أن يكون ذلك لتحقيق نوع من النصر مقبول ويمكن تحقيقه من قبل الأوكرانيين.

علاقات غير حكيمة

وعلى الرغم من غضب الناتو من موسكو، فإن النبذ الدولي لا يوفر وصفة حكيمة للعلاقات خاصة بالنسبة لبلد كبير ومهم مثل روسيا بمجرد انتهاء الحرب أو خفوتها، حيث يتطلب فن الحكم الحقيقي منظوراً حكيماً للسياسات طويلة الأجل وكذلك على المدى الفوري. روسيا لن تختفي، على الرغم من أن حكم بوتين قد يزول.
ويوضح هيمان أنه "إذا كان الغضب والعداء هما السمة المميزة لسياسات دول الناتو تجاه روسيا، فإن النتيجة ستكون خطا من العداء من بحر بارنتس، أسفل الحدود الشرقية للنرويج وفنلندا وإستونيا ولاتفيا وأوكرانيا إلى البحر الأسود، واعتمادا على موقف تركيا، ربما إلى البحر الأبيض المتوسط، ما يعني ذلك حدودا من العداء بين حضارات بأكملها، لكل منها جيوش واقتصادات ضخمة، وأسلحة نووية قادرة على تحويل بعضها البعض إلى حطام مطحون.

قرارات صناع السياسة

ويضيف المسؤول الأميركي السابق أن الغضب المبرر تجاه روسيا لا يمكن أن يعمي صناع السياسة عما هو عليه الحال حقاً: مقاطعة دولة ذات موارد بشرية وطبيعية واسعة؛ فهي أكبر دولة في العالم تمتد عبر إحدى عشرة منطقة زمنية؛ إنها نوع من الإمبراطورية في حد ذاتها، كما لها تاريخ طويل وإحساس متناسب بنفسها كقوة عظمى في أوراسيا وتاريخ إمبراطوري عمره 3 قرون.
ويتابع هيمان إن روسيا "تسيطر على قوات مسلحة كبيرة جداً، مهما كانت مستنفدة الآن، ولديها أسلحة نووية وأنظمة إيصال يمكن أن تقضي على خصم، حتى لو دمرت روسيا نفسها أيضاً في هذه العملية".

بالإضافة إلى ذلك، حتى لو كان من الممكن نبذ روسيا من الغرب، فلا يمكن عزلها عن بقية العالم، وعلى الرغم من أنها ستدفع ثمناً باهظاً إذا عزلها الغرب، فإن الدول التي تحاول عزلها ستدفع ثمناً باهظا كذلكً.

دمج روسيا

أخيرا، يتابع "لا يمكن أن يكون في الولايات المتحدة الاهتمام برؤية روسيا تندفع إلى أحضان الصين وبالتالي تجد نفسها في مواجهة اثنين من العمالقة متحدين ضدها. روسيا ليست جزيرة مرجانية مأهولة بالكاد في المحيط الهادئ، وسيكون من المتهور والمتغطرس على حد سواء، محاولة التعامل معها على أنها كذلك".
ويختتم هيمان مقاله بالإشارة إلى أنه "إلى حد بعيد، تتمثل الاستراتيجية الأفضل في حث بوتن (أو خليفته) على التفاوض على حل مقبول، وتوضيح فوائد القيام بذلك، إذ إنه من بين هذه الفوائد العودة إلى التجارة العالمية، وإنهاء العقوبات، وبدلاً من عدم وجود علاقة على الإطلاق، يجب دمج روسيا مع بوتين أو بدونه بقدر الإمكان في الأسرة الأوروبية وليس كمتوسل يسعى إلى تحمل رؤسائها".