الحرب الروسية في أوكرانيا (أ ف ب)
الحرب الروسية في أوكرانيا (أ ف ب)
الخميس 18 مايو 2023 / 12:52

ماذا تعني "هزيمة روسيا" في أوكرانيا؟

بعد مضي أيام معدودة على هجوم روسيا على أوكرانيا العام الماضي، أعلنت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، أن هدف الولايات المتحدة في حرب أوكرانيا هو إلحاق "هزيمة استراتيجية" بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

أوروبا وأمريكا تؤكدان على ضرورة أن يكون عدوان بوتين فشلاً استراتيجياً

وبعد شهر واحد من الهجوم، قالت نولاند بمزيد من الثقة: "من الواضح أن روسيا سوف تخسر الحرب، إنها مسألة وقت فقط".

صوت أوروبا

وقال المحلل والباحث الأمريكي غير المقيم في معهد الشرق الأوسط،  جيفري أرونسون، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال انتريست" الأمريكية، إنه منذ عام مضى أضافت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في دافوس صوت أوروبا لما تردده أمريكا، وقالت: "يجب أن يكون عدوان بوتين فشلاً استراتيجياً".

وأضاف أرونسون أنه "شيء جيد، ومتوقع في حقيقة الأمر، أنه عندما يبدأ سماع صوت الأسلحة، يسعى القادة إلى حشد قواتهم من أجل القضية، ولنتذكر إعلان جورج دبليو بوش الشهير، وإن كان سابقاً لآوانه بأن" المهمة انتهت"، قبل أن تبدأ المعركة الحاسمة في العراق".

ولكن عندما يبدأ شن الحرب الحقيقية، يتعين على الرئيس جو بايدن، والرأي العام الذي يسعى للحصول على تأييده أن يجيب قولاً وفعلاً على هذا السؤال: ماذا يعنيه حقيقة هذا الخطاب الرنان؟ وكيف نعرف متى وصلنا إلى مثل هذا الهدف الجاد وواسع النطاق وإن كان غير محدد والخاص بالهزيمة الاستراتيجية لروسيا؟

وأردف أرونسون، أن "بوتين يهتم تماماً بالتصريحات الواردة من واشنطن. ولا يمكن أن تساوره الشكوك إزاء هدف واشنطن أو استبعاد نواياها على أساس أنها مبالغ فيها، وقال بوتين"أن هدف الغرب هو الحاق هزيمة استراتيجية بروسيا. أي القضاء علينا. هذا تماماً ما ندركه عموماً. إن الأمر يتعلق بوجود بلادنا. لكن لا يمكنهم أن يغفلوا فهم أنه من المستحيل هزيمة روسيا على أرض المعركة".

الهدف الأمريكي

وأوضح أرونسون، المستشار السابق للاتحاد الأوروبي بشأن القضايا السياسية والأمنية، أنه "في حرب معروفة بتصعيدها التدريجي و غير الناجح استراتيجياً للوسائل العسكرية والاقتصادية والمالية المستخدمة لتحقيق الهزيمة الاستراتيجية لروسيا، لم يزد وضوح الأهداف الأمريكية اليوم تحديداً عما كان عليه عند بداية الحرب".

كما أشار أرونسون إلى أن أفراد الطبقة السياسية والرأي العام في واشنطن أصبحوا استراتيجيين على مستوى متدنٍ. فهم يفضلون التركيز على حسابات بسيطة للغاية لتأكيد اتجاه الحرب، فهم يهتمون بعدد الدبابات وقذائف المدفعية التي ترسلها واشنطن لأوكرانيا، ويتجنبون التساؤلات الأكثر أهمية التي يثيرها التزام واشنطن بتحطيم بوتين.

وفي الحقيقة فإن إدارة بايدن بإعلانها مثل هذا الهدف الكبير والواضح وهو إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، تخاطر بالتعرض لفشل في السياسة لا يختلف عن إعلان باراك أوباما الشهير بأنه يتعين "رحيل الأسد"، ودخلت تلك السياسة الآن فصلها الأخير حيث تم إعادة بشار الأسد إلى الجامعة العربية دون شروط.

الفشل والانتصار الاستراتيجي

ونقيض الفشل الاستراتيجي هو الانتصار الاستراتيجي، وهذا حقاً ما تعلنه إيران الآن هذه الأيام في دمشق، فقد صرح نائب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للشؤون السياسية، محمد جمشيدي، قبل وصول رئيسي إلى دمشق بأن الزيارة دليل على" الانتصار الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة".

ويقول أرونسون: إن "دعوة أوباما إلى تغيير النظام في سوريا، رغم كل أخطائها الواضحة بصورة متزايدة، اتسمت على الأقل بميزة الوضوح".

وعلى النقيض، فإن واشنطن بعد عام من الحرب في أوروبا،تعترف حتى مع زعمها بأن بوتين "يقلل طموحاته على المدى القريب" في أوكرانيا، بأن فرصة أي تنازلات روسية على أي مائدة مفاوضات هذا العام "ستكون منخفضة".

ويعترف أرونسون أنه ليس خبيراً عسكرياً، لكن تاريخ أوروبا الدامي يوضح أن المراهنة ضد الجيش الروسي خطيرة ومكلفة للغاية.

وأكد أرونسون أن التزام واشنطن بالحاق هزيمة استراتيجية ببوتين ( أو روسيا؟) يسعى إلى أن يجعل روسيا غير قادرة على تحقيق حتى أكثر أهدافها تواضعاً في الحرب في أوكرانيا وكذلك إضعاف قدرات موسكو السيادية بالنسبة لمقاومة توسع حلف شمال الأطلسي(الناتو)".

وأوضحت أحداث العام الماضي على الأقل أن التزام واشنطن بإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا لم يصحبه ضمان أمريكي بـ"انتصار" أوكرانيا، مهما كان تعريفه.