الخميس 25 مايو 2023 / 08:43

الاستدامة.. أسلوب حياة

محمد سالم آل علي- صحيفة الإمارات اليوم

لقد جذب مفهوم الاستدامة انتباه الكثير من المفكرين والخبراء، حيث لم يدخروا جهداً في البحث عن المعنى الشمولي لهذه الكلمة وعن أثرها في حياتنا اليومية والمستقبلية.

ولعل الكلمة بحد ذاتها تفسر معناها ومقتضاها، فهي التوازن والاستمرارية، وهي الثبات والاستقرار، وبتعبير آخر هي بقاء الشيء ودوامه، وهذا بالتحديد ما جعلها اليوم تشير إلى كل ما لا نريد نفاده ونضوبه، ومثال ذلك الاستدامة البيئية والاستدامة الاجتماعية والاستدامة الاقتصادية والاستدامة في مجال الطاقة وغيرها؛ فالمعنى الحقيقي والواضح للكلمة يرتبط بشكل وثيق بأسلوب حياتنا الحالي والمستقبلي، أي العمل منذ اليوم على الحفاظ على ما هو موجود حالياً والاستمرار في تطويره ضماناً لسعادة ورفاهية أجيال المستقبل.
لا شك أن دور الأسرة هو حجر الأساس، ويجب التركيز عليه بشكل دائم ومستمر، فمن خلال خطوات بسيطة، كتحليل أسلوب حياتنا اليومي وإيجاد فرص تغييره نحو الأفضل، سنمهّد لعملية إدماج ثقافة الاستدامة على المستوى الأسري، ما سيعزز من دور الأسرة المجتمعي، ويجعلها قادرة على إدارة دفة الاستدامة بإحكام وشكل منهجي، وخاصة مع توفر فرصة سانحة للاستعانة بأحدث الأساليب التقنية كالذكاء الاصطناعي وأخواته.
بوركت جهود حكومة دولة الإمارات، وهي التي تعمل، منذ اللحظة الأولى لتأسيسها، وفق خطط واستراتيجيات واضحة ترمي إلى إنشاء العديد من البرامج والمبادرات المحلية والدولية في هذا المجال، وقد توّجت تلك الجهود في هذا العام من خلال إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أن 2023 هو «عام الاستدامة» في دولة الإمارات، وذلك بهدف تسليط الضوء على تراث غني يمتد من عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وريادة مستمرة في مجال الاستدامة وممارساتها.. كل ذلك جنباً إلى جنب مع تعزيز الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيقها، إضافة إلى دعم الاستراتيجيات الوطنية الهادفة إلى بناء مستقبل أكثر رخاءً وسعادة وازدهاراً.
وقد جاء الإعلان أيضاً لتسليط الضوء على جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في سبيل تعزيز العمل الدولي لمواجهة تحديات الاستدامة، ودورها النشط في البحث عن حلول مبتكرة تعود بالنفع على سائر البشرية وفي مختلف المجالات، والتي يأتي في مقدمتها الطاقة والتغير المناخي.
إن دولة الإمارات العربية المتحدة هي واحدة من أوائل الدول الرائدة في العالم في مجال الاستدامة، وهي التي قامت - عبر تاريخها الحافل بالمنجزات - باتخاذ المئات من الإجراءات دعماً وتعزيزاً لهذا المفهوم، كالاعتماد على الطاقة المتجددة والنظيفة، وتحسين كفاءة الاستهلاك، وكذلك إدارة الموارد الطبيعية بالشكل الأمثل، والتحول إلى الزراعة المستدامة والذكية باستخدام أحدث التقنيات وأعلاها من حيث الإنتاجية، إضافة إلى إجراءات أخرى تتعلق بترشيد استخدام الموارد، والحد من النفايات، وتحفيز الابتكار من خلال دعم جهود كل من الشركات والمبتكرين في سبيل تطوير حلول مستدامة.
أقول في الختام: إنه في ضوء هذه الجهود الوطنية الكبيرة والجبارة، التي ركزت على الفرد والأسرة والمجتمع، يأتي دورنا كآباء وأمهات في تعزيز الاستدامة ضمن نطاقنا الأسري، بل يمكننا الدفع باتجاه برنامج وطني شامل يُعنى بتطوير مفهوم الاستدامة على مستوى الأسرة في المنزل والمدرسة والعمل، حيث يمكن تسميته «البرنامج الوطني للاستدامة الأسرية»، وهو برنامج يستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الوصول إلى كل ركن وبيت، ويكون بمثابة خطوة استباقية توعّي الأسر بأهمية البيئة والموارد الطبيعية، وتحفزها للحفاظ عليها، إضافة إلى تشجيعها على تبني الممارسات المستدامة في كل جزئية من حياة أفرادها اليومية، ما سيسهم في الوصول إلى مجتمع مستدام يعيش في تناغم مع الطبيعة، ويستمد قوته من الأصول الثقافية والإنسانية الغنية للدولة، والتي جعلتها اليوم في مقدمة الأمم.