بايدن ورئيس الوزراء الياباني كيشيدا والرئيس الكوري يوم سوك يوول في هيروشيما (أف ب)
بايدن ورئيس الوزراء الياباني كيشيدا والرئيس الكوري يوم سوك يوول في هيروشيما (أف ب)
الخميس 25 مايو 2023 / 13:37

الصين تخشى مخطط "الهدف الثاني" بعد بوتين

تشعر الصين بقلق متصاعد، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، كتب كل من ديفيد بيرسون وكريس باكلي وفيفيان وأوليفيا وانغ، لأنه عندما تدفقت القوات الروسية على أوكرانيا منذ أكثر من عام، توقع العديد من الخبراء مكاسب استراتيجية غير مباشرة للصين، مع تشتت انتباه الولايات المتحدة مرة أخرى بسبب حرب بعيدة من آسيا، ولكن الآن تشعر بكين بقلق متزايد من أن التكتل الغربي الذي يدعم أوكرانيا يرسّخ نفسه في جوارها.

تحاول الولايات المتحدة "تكرار أزمة أوكرانيا" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ

وتعهد قادة مجموعة الدول السبع نهاية الأسبوع الماضي بمزيد من الدعم لكييف وأثاروا غضب بكين، من خلال تحدي مطالباتها في بحر الصين الجنوبي، وتعهدوا بمقاومة الإكراه الاقتصادي والضغط على الصين بشأن انتهاكات حقوق الإنسان. بعد أيام، عززت موسكو وبكين علاقتهما من خلال إجراء محادثات أمنية وتجارية مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين على رأس وفد من كبار رجال الأعمال خلال زيارة للصين.
التناقض بين تلقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ضمانات إضافية بشأن الأسلحة من الرئيس بايدن في مجموعة السبع، وسعي ميشوستين للحصول على مزيد من الدعم الاقتصادي لروسيا من الرئيس الصيني شي جين بينغ يؤكد تفاقم الانقسامات الجيوسياسية المتعمقة بسبب الحرب.
 

سيناريو كابوسي

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن المحاضر البارز في جامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا والذي يدرس العلاقات الصينية-الروسية ألكسندر كوروليف: "إن الصين مستعدة لمضاعفة علاقتها مع روسيا بعد قمة مجموعة السبع، لأن الموضوع المركزي لتلك القمة لم يشمل فقط غزو روسيا لأوكرانيا، ولكن أيضاً الصين، وكيف يجب على الغرب أن يتعامل معها". وأضاف أن "القمة ووجود زيلينسكي فيها شكلا انقساماً جيوسياسياً، أوضح وأعمق بين الغرب من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى".

 


سعى الرئيس بايدن إلى تصوير أجواء أقل توتراً، متوقعاً عودة الدفء للعلاقات مع بكين. لكن بالنسبة إلى الصين، من المحتمل أن يؤكد إظهار الوحدة بين اجتماع ديموقراطيات دول مجموعة السبع على عتبة بابها المزاعم الصينية بأن الولايات المتحدة تحاول حشد حلفائها لإطلاق صراع في المنطقة.
حسب توصيف صحيفة الحزب الشيوعي، غلوبال تايمز، يوم الاثنين، تحاول الولايات المتحدة "تكرار أزمة أوكرانيا" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. من خلال القيام بذلك، وفق الحجة الصينية، يمكن لواشنطن أن تشن حرباً بالوكالة ضد الصين كما هي الحال مع روسيا، قبل أن تبرر لاحقاً ما سيكون سيناريو كابوسياً لبكين: تشكيل نسخة آسيو-باسيفية من منظمة حلف شمال الأطلسي لاحتواء صعود الصين.
 

"التلويح بعلم أحمر أمام ثور"

وقال خبير الشؤون الصينية في مؤسسة ديفنس برايوريتيز لايل غولدستين إن قمة مجموعة السبع كانت مليئة "بالبصريات غير المريحة" للصين، وعلى رأسها استضافة اليابان لهذا الحدث وهي قوة تحتفظ الصين تجاهها بعداوة تاريخية عميقة الجذور. انتقد الإعلام الحكومي الصيني طوكيو هذا الأسبوع متهماً إياها بتنفيذ "طلب الولايات المتحدة" وتضخيم "التهديد الصيني" حتى تتمكن من تعديل دستورها لبناء جيشها مرة أخرى، للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية. وقال غولدستين إن الصين تعتبر اليابان في مجموعة السبع "متواطئة مع الولايات المتحدة" "لإدخال أوروبا في قضية تايوان"، وهي خطوة شبهها بـ"التلويح بعلم أحمر أمام ثور".
تجد الصين نفسها في هذا المأزق لأن شريكتها الوثيقة، روسيا، تحدت تحذيرات الغرب وغزت أوكرانيا. بالرغم من المشاكل العديدة التي نشأت بالنسبة إلى الصين، استمرت بكين في تقديم الدعم الاقتصادي والديبلوماسي للكرملين بسبب الرغبة المشتركة في إضعاف الهيمنة الأمريكية العالمية. وخلال حديثه في منتدى أعمال استضافته شنغهاي يوم الثلاثاء، قال ميشوستين إن روسيا ستواصل تعزيز العلاقات مع الصين التي لا تزال واحدة من موردي روسيا القلائل للتقنيات مثل الرقائق الإلكترونية وواحدة من أكبر زبائنها في مجال الطاقة. وقال الإعلام الحكومي الروسي التي إن الجانبين ناقشا توسيع التعاون في مجالات النقل والزراعة والطاقة.
 

سقطت الحواجز

لفت كوروليف، الخبير في جامعة نيو ساوث ويلز، إلى أن الحرب والعقوبات الغربية سرعت من إعادة توجيه الاقتصاد الروسي نحو آسيا. قوبل هذا التحول في السياسة الذي بدأ منذ أكثر من عقد زمني بمخاوف في روسيا من بلوغ اعتماد مفرط على الصين. قال كوروليف أنْ "لا مزيد من التحفظات" مضيفاً أنه "تمت إزالة جميع الحواجز السياسية التي كانت موجودة من قبل، ولم تعد روسيا مهتمة بالاتكال أو حتى الاعتماد على الصين لرفاهها الاقتصادي".
ويعمل البلدان على توسيع العلاقات الأمنية. بدأ رئيس لجنة الشؤون السياسية والقانونية في الحزب الشيوعي الصيني والتي تشرف على قضايا القانون والنظام تشين ونكينغ زيارة لروسيا تستغرق ثمانية أيام يوم الأحد وأجرى محادثات مع رئيس مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف في موسكو.
خلال مؤتمر صحفي في بكين يوم الثلاثاء، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ إن "التعاون الصيني-الروسي يتمتع بمرونة قوية وإمكانات كبيرة" بحيث "لن يزعجه أو يهدده أي طرف ثالث" في إشارة واضحة إلى الولايات المتحدة.
 

نظرة بكين لخسارة روسية

وأدى توطيد الروابط بين القوتين إلى تقويض محاولة الصين لإظهار نفسها وسيطاً موثوقاً به لوقف الحرب في أوكرانيا. خلال الأسبوع الماضي، أرسلت الصين موفداً خاصاً للسلام لزيارة عواصم أوروبية مثل كييف وفرصوفيا وبروكسل وموسكو.
وفشل الموفد لي هوي حتى الآن في تحقيق انفراجة حيث أصرت أوكرانيا على الانسحاب الكامل للقوات الروسية من الأراضي المحتلة. رفض الكرملين هذه الشروط، وليس من الواضح ما إذا كانت الصين مستعدة للضغط على روسيا كي تتراجع في ضوء رغبة بكين بالحفاظ على علاقات جيدة مع موسكو. ومن المقرر أن يزور لي روسيا يوم الجمعة، حسب الإعلام الحكومي الروسي.


وبينما أعلنت الحكومة الصينية أنها محايدة تجاه الحرب، تبقى روايتها السياسية الشاملة حول الصراع في الداخل محملة بالتعاطف مع روسيا والاعتقاد السائد بأن الصين هي الهدف التالي إذا خسر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
قال غولدستين، الخبير في مؤسسة ديفنس برايوريتيز، إن خبيراً صينياً بارزاً في شؤون روسيا أخبره خلال حديث في بكين الأسبوع الماضي أنه من وجهة نظر بكين، "إذا خسرت روسيا فإن الضغط على الصين سيتضاعف ويصبح أكثر حدة".
 

الضحكة الأخيرة

في العديد من الدراسات التي أجراها محللون حكوميون وعسكريون صينيون، يتم تصوير أوكرانيا لا فقط كمتلقية للدعم العسكري والاستخباري الغربي الحاسم، بل كبيدق أغرته الولايات المتحدة في استراتيجيتها الأوسع لإضعاف روسيا بشكل حرج ثم الصين في نهاية المطاف.
في دراسة حديثة، كتب الخبير البارز في علاقات الصين مع اليابان ودول آسيوية أخرى في جامعة تشينخوا في بكين ليو جيانغيونغ إنّه "إذا ضحكت الولايات المتحدة والناتو ضحكتهما آخراً فعندها سيكونان قد شكلا أخيراً نظام قوة عسكرياً تعددياً من الولايات المتحدة-اليابان-أوروبا". وأضاف: "حتى لو أصبحت الصين القوة الاقتصادية الأولى في العالم ، فقد تستمر بيئتها الأمنية الدولية في التدهور".