عبد الله السبب وناصر البكر الزعابي ويوسف حطيني أثناء الندوة في معرض أبوظبي للكتاب ( 24)
عبد الله السبب وناصر البكر الزعابي ويوسف حطيني أثناء الندوة في معرض أبوظبي للكتاب ( 24)
السبت 27 مايو 2023 / 14:03

متحدثون: حبيب الصايغ موسوعة شعرية إماراتية

24 - إعداد: نجاة الفارس

استضافت مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون ضمن مشاركتها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، مساء أمس ندوة "حبيب الصايغ: أسمي الردى ولده" في مسرح أنماط الحياة بمشاركة الأديب عبد الله السبب، والناقد الدكتور يوسف حطيني، وبإدارة الشاعر والروائي ناصر البكر الزعابي.

"أبوظبي للثقافة والفنون" تسلط الضوء على إنجازات حبيب الصايغ

 الصايغ شكل علامة فارقة في الحركة الشعرية المعاصرة

الراحل قدم القصيدة بأشكالها المتنوعة العمودية والتفعيلة وقصيدة النثر


وسلطت الندوة الضوء على إنجازات الشاعر الراحل حبيب الصايغ التي استمرت لأكثر من 5 عقود من العطاء، كرسها لخدمة الثقافة العربية على الصعيد المحلي والعربي، وعلى أثره في الحداثة الشعرية وبقصيدة النثر تحديداً، إذ كان من أبرز روادها في منطقة الخليج العربي.

علامة فارقة

استهل الندوة ناصر البكر الزعابي بالحديث عن أثر حبيب الصايغ في الحركة الثقافية الإماراتية، ووجه الشكر لمجموعة أبوظبي للثقافة والفنون ورواق الأدب ونبطي للنشر، على مبادراتهم المستمرة في توثيق تاريخ الأدب الإماراتي، بدءاً من سيرة مريم جمعة فرج، ثم أحمد راشد ثاني، وحبيب الصايغ الذي شكل علامة فارقة في الحركة الشعرية المعاصرة.
وبين أن هناك العديد من المؤلفات تناولت تجربة حبيب الصايغ، منها كتاب الأديب والناقد الدكتور هيثم الخواجة، ولكن من مفارقات القدر أن الشاعر رحل قبل ظهور الكتاب بفترة بسيطة دون أن يطلع عليه.
كما قدم الدكتور يوسف حطيني دراسة نقدية تطبيقية دقيقة بعنوان "حبيب الصايغ يرحل تاركاً أسراب الزرافات" أشار فيها إلى ملامح مهمة لشعر حبيب الصايغ، مدعماً أفكاره النقدية بشواهد ومقاطع شعرية متعددة من قصائد الصايغ.
وقال "يعد الصايغ علامة بارزة في الشعر الإماراتي، بسبب اجتهاداته الشكلية التي اقترحها للقصيدة الإماراتية، حيث قدم القصيدة بأشكالها المتنوعة العمودية، والتفعيلة، وقصيدة النثر، واشتهر بنصوصه المكثفة التي تنطوي على تنام مضوعي يعزز انتماء الشاعر إلى الأفق الإنساني الرحب".

انتماء للإنسان

وأوضح "يجسد الصايغ في قصائده انتماء للإنسان أياً كانت هويته، وانتماء الأمكنة في الإمارات وفي الوطن العربي، فقد كتب عن العديد من المدن العربية مثل الإسكندرية والكويت والقاهرة، وفلسطين التي جسد انتماءه لقضيتها في العديد من قصائده".
وأضاف "على الرغم من أن السرديات العربية والشعر العربي لم يهتم كثيراً في رسم صورة المستقبل أو توقعها، فقد برز الصايغ بشكل لافت في هذا المجال حتى أنه خصص ديوان (غد) لمعالجة هذا الأمر بهاجس شعري، فالقلق يعد ثيمته الرئيسية".
وتابع "يستطيع قارئ الشاعر حبيب الصايغ أن يتلمس طغيان صورة الفردية، فهو ينطلق من ذاتية الشاعر التي تعيش عزلتها الروحية، وعاطفتها الفردية المشبوبة، هاربة نحو طبيعة فسيحة تتجلى في اندماج الشاعر بالبحر والجبل، سعياً إلى حرية يقتنصها، ولو من خلال نافذة مفتوحة".
وقال حطيني "تسعى القصيدة التي يكتبها الصايغ إلى تحقيق وحدتها العضوية، وبنائها الهرمي، وتنجح في ذلك في معظم الأحيان، لأنها تعتمد غالباً على السردية، التي تجعل فرصة تحقق هذه الوحدة أكثر إمكانية".
وأضاف "في موضوع الغربة يبدع الشاعر نسقاً سردياً قصيراً جداً، لكنه يعبر عن حالة اغتراب الإنسان عن ذاته، في عصر انفتاح الكل على الكل، ويجاوز ذلك إلى بحث الإنسان عن ذاته في هذا الخضم الموحش".

سيرة إبداعية

أما عبد الله السبب فقدم قراءة إبداعية في سيرة ومسيرة حبيب الصايغ عنوانها "قامة في مقام المقال"، جاء فيها "حضور حاضر في يوم الكاتب الإماراتي 26 مايو ( أيار) وحاضر بذمة ذاكرته، وخلاصة إخلاصه، في حضرة الحاضر الشعري حبيب يوسف الصايغ دون أدنى سقوط من حسابات الذاكرة، ودون أن تمسه يد النسيان بسوء كلام، أو تعبث بسيرته الحروف، منذ لحظة قدومه في 1955، وحتى لحظة ترجله عن الحياة في 2019 في أبوظبي، بعد ألم مفاجئ ألمّ به وأسكت قلبه عن البوح بما تشتهي السفن، كما لو أن ميتته تلك، تحرضنا على تذكر مقولته الشعرية:
السكتة القلبية
قصيدة احتجاج هادئة
يقولها عادة
شاعر كبير
يكتشف موهبته متأخراً"
 
وأضاف "سنوات مرّت على رحيل الحبيب الصايغ، موسوعة شعرية إماراتية ماثلة في المشهد الشعري بأركانه الثلاثة: القصيدة العمودية، قصيدة التفعيلة، وقصيدة النثر؛ كما لو أنه وُلد، وفي فمه ملعقة شعر".

رثاء مؤثر

 وختم السبب مقالته بقصيدة رثاء مؤثرة بما حملته من صدق العاطفة وبلاغة اللغة، وجمالية الصور البيانية، جاء فيها:
سلامُ الله يا قلمي
سلامُ الشعر والأدب
سلامٌ قد سألناه
عن الأسلاف والحِقب
عن الأجيال إذ سألت
عن الأفلاك والشُّهب
"حبيبٌ" قد ألفناه
سليل النبل والأدب
مرايا الفكر تلحظه
بديع البوح والخُطب
بليغ القول إنْ نادى
سديد الفعل والطلب
يصيخ السمع للدنيا
يصيغ الهمس في الكتب
زميل الحرف والدنيا
رفيق الرفق بالقلب
"حبيبٌ" ما سلوناه
حبيب الأرض والعرب
شفيف الروح والسلوى
نزيه الحلم والسبب
عزيز الوصل حيّاه
شقيق الشوق والنَّسب
سبيل الخلد مسراه
نزيل الفكر والقلب

شهادات

وقدم عدد من الكُتّاب من حضور الندوة بشهادات ومواقف مؤثرة جمعتهم بالصايغ، وعكست مدى تأثرهم به شاعراً وكاتباً ومسؤولاً في العمل الصحافي، ومنهم أحمد العسم، ومحمد نور الدين وسامح كعوش ونجاة الفارس، معتبرين أنه كان مشروعاَ ثقافياً متميزاً.