السبت 27 مايو 2023 / 16:32

فرصة لتحقيق الاستقرار مع الصين.. هل تغتنمها واشنطن؟

يشير الكاتب والخبير الأمريكي إيفان ميديروس إلى أنه مع بدء استئناف الاتصالات بين الصين والولايات المتحدة، قد يفتح ذلك باباً لمرحلة جديدة في المنافسة الاستراتيجية بين البلدين، لكن التحدي الذي يواجههما، هو الاستفادة من هذه اللحظة لإنتاج أساس دائم لعلاقات مستقرة.

الجانبان يجب أن يكونا براغماتيين بطموحات متواضعة



وصل سفير الصين الجديد للولايات المتحدة هذا الأسبوع، بعد شغور طويل. كما سافر وزير التجارة الصيني إلى واشنطن، وهي أول زيارة لمسؤول كبير للبلاد منذ  2020. أما الأهم من ذلك، هو اللقاء الذي جمع بين مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان وكبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي، الذي قد يصبح أهم قناة ثنائية للمناقشات، كما يقول ميديروس.

لقاءات محتملة

ويشير الكاتب الذي عمل موظفاً سابقاً في مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى أن هناك المزيد من التفاعلات واللقاءات عالية المستوى بين الطرفين، حيث من المرجح أن يسافر العديد من مسؤولي مجلس الوزراء الأمريكي إلى بكين، وربما تتوج بزيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى سان فرانسيسكو لحضور القمة الـ 31 لقادة التعاون الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادئ.
ويرى الخبير السياسي أن كل هذا قد خلق فرصة لوضع العلاقة على مسار أكثر استقراراً، أو على الأقل أقل عرضة للحوادث أو سوء التقدير أو الأزمات، إذ يُمكن أن تنتج علاقة أكثر قابلية للتنبؤ، مرونة وإنتاجية بين القوتين العظمتين. ويشير الجانبان إلى أنهما يريدان مزيداً من الاستقرار، أو على الأقل تقلباً واحتكاكاً أقل. لكن كل واحد يريد ذلك لأسباب مختلفة، ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كان يمكن التوفيق بين هذه الآراء.

أسباب مختلفة

بالنسبة لواشنطن، كما يقول ميديروس، فهي تسعى إلى الحوار والحد من المخاطر، وسط مزيد من سياسات المنافسة والنكسات. وعلى النقيض من ذلك، تريد الصين الحد من الضغط الاستراتيجي المستمر الذي تواجهه من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، مع الاستمرار في ثني القواعد والمعايير العالمية لصالحها.


ويأتي هذا في وقت حرج، إذ ستكون هذه هي الفرصة الأخيرة للرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أن تبدأ ديناميكيات انتخابات الرئاسة 2024 باستهلاك واشنطن من جميع النواحي، حيث يرى الكاتب أن الولايات المتحدة وحلفاءها في المراحل الأولى من نوع جديد من المنافسة الاستراتيجية.
وبالتالي، يتساءل ميديروس: "كيف ينبغي لصانعي السياسات أن يستغلوا الفرصة على أفضل وجه؟ قبل أن يجيب في 4 نقاط: "أولاً، يتعين على قادة الولايات المتحدة ونظرائهم في أوروبا وآسيا المضي قدماً في فهم واضح للحظة"، لافتاً إلى أن "الصين بقيادة شي جين بينغ قادرة وطموحة وواثقة، ولكنها أيضاً محبطة وغير آمنة، إذ يُعتقد أنها تخوض منافسة جيوسياسية وأيديولوجية طويلة الأمد مع الغرب الذي يعتبرها تهديداً رئيسياً للأمن الداخلي والخارجي.

مرحلة إعادة الاتصال

وهكذا، تختبر واشنطن وبكين باستمرار حدود بعضهما البعض، حيث تتقدم عسكرة المنافسة والعولمة والأسلحة النووية إلى الواجهة، وعلى الرغم من ذلك، فإن تحمل الرئيس الصيني للمخاطر والاحتكاك آخذ في الازدياد.
ويرى الخبير الاستراتيجي أن هذه المرحلة الجديدة ليست انفراجة، بل هي بعيدة كل البعد عن ذلك. وبدلاً من ذلك، إنها مرحلة "إعادة الاتصال"، حيث يحتاج كلا الجانبين إلى إعادة بناء قنوات الاتصال الأساسية، وتحتاج واشنطن وشركاؤها إلى العمل على كيفية التحدث إلى مجموعة شي جين بينغ الجديدة من التكنوقراط والأمن والأيديولوجيين. وهذا محفوف بالمخاطر، لكن مع استئناف الحوار، يمكن أن يصبح التركيز على تحسين العلاقة غاية في حد ذاته.



ثانياً، يضيف الكاتب "تحتاج واشنطن إلى خطة لمجموعة كاملة من الاتصالات، بلغت ذروتها في زيارة الرئيس الصيني المحتملة، ويجب على واشنطن وبكين محاولة الاتفاق على بنية تحتية للحوار المستمر، ووضع أجندة متواضعة تركز على القضايا الأكثر أهمية، ومحاولة حل بعض المشاكل الصغيرة، حيث تشمل التحديات الأكثر جوهرية: السياسات الصينية تجاه كوريا الشمالية وإيران، ومساهمات بكين في الإغاثة الإنسانية في أوكرانيا".

أهداف واضحة

ويوضح الكاتب المحور الثالث الذي يجب التركيز عليه هو أن "واشنطن تحتاج إلى المضي قدماً بأهداف واضحة، إذ ينبغي أن يشمل ذلك الحد من سوء فهم الصين للنوايا الأمريكية، وتوضيح سياسة الولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بتايوان، وتحقيق الاستقرار في أكثر أنواع المنافسة تقلباً، وإثارة التعاون بشأن المشاكل المشتركة".
ويرى الخبير السياسي أن "المحادثات المستمرة حول أوكرانيا وكوريا الشمالية وإيران والاقتصاد الكلي العالمي والاستقرار المالي، وخاصة ديون الأسواق الناشئة، كلها أمور طال انتظارها"، مشيراً إلى أن "الانفتاح الأمريكي على دور صيني بناء في كل هذه القضايا يستحق الاستكشاف".
أما رابعاً وأخيراً، يقول ميديروس: "يجب أن يكون كلا الجانبين براغماتيين وأن يكون لديهما طموحات متواضعة، إذ إن إعادة النظر في زيارة النائبة الديمقراطية نانسي بيلوسي لتايوان وحادث البالون سيُحرّض على تبادل الاتهامات فحسب".
ويختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن "الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي هي نقطة مرجعية مغرية ولكنها غير كافية لفهم طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة والصين اليوم. ولكن حتى الحرب الباردة مرت بلحظات التغيير، ولا سيما أزمة الصواريخ الكوبية. وبالنسبة للعلاقات الأمريكية الصينية، قد تكون هذه اللحظة في متناول اليد".