(أرشيف)
(أرشيف)
الإثنين 29 مايو 2023 / 18:51

تقرير صادم عن إدمان المراهقين الأمريكيين مواقع التواصل

24- طارق العليان

أصدر فيفيك ميرفي، الجرّاح الأمريكي العام، الأسبوع الماضي تقريراً استشاريّاً عن مزايا ومضار مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية للمراهقين الأمريكيين، إضافةً إلى خطوات عمليّة لواضعي السياسات والآباء للحد من مضار المغالاة في التعرُّض لشاشات الأجهزة الذكية.

واحد من بين 7 مراهقين يبحرون في مواقع التواصل 7 ساعات يومياً أو أكثر



وسبق لجراحين عموميين سابقين أن نشروا تقارير مماثلة أفضت إلى نتائج إيجابية. ففي عام 1964، أصدر الجرّاح العام لوثر تيري تقريراً بارزاً ربط بين التدخين وسرطان الرئة، ووضع البلد على المسار السليم للحد من التدخين بقدرٍ كبير.

السوشيال ميديا وعقول الشباب

وينتمي تقرير د. ميرفي المعنون "مواقع التواصل الاجتماعي والصحة العقلية للشباب" إلى الفئة نفسها من التقارير الثورية. فهو يركِّز على تفشي استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بين المراهقين في العالم أجمع، ذاكرًا أن نحو 95% من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً يستخدمون إحدى منصات التواصل الاجتماعي، وفق افتتاحية صحيفة "شيكاغو تريبيون".
وتشير الأرقام الإحصائية  أن نحو 40% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و12 سنة يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي.

متنفس للتعبير وتنويرَ العقول

ولا يُظهر ميرفي مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر الشر الأعظم والسم القاتل الذي يجب التخلص منه. فمن الممكن أن تمثل تلك المواقع متنفساً للتعبير عن النفس وتنويرَ العقول في بعض الأحيان.
ووفقًا لما جاء في التقرير، يقول المراهقون إن مواقع التواصل الاجتماعي تحيطهم علماً بما يحدث في حياة أصدقائهم، وتجعلهم يشعرون بأن لديهم أُناساً يستطيعون اللجوء إليهم في الأوقات العصيبة.

 


 وينحصر الجانب السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي في أنّ أثرها على المراهقين حقيقي للغاية ومثير للقلق. فمنصات التواصل الاجتماعي مبنية بحيث تُعظِّم مشاركة المُستخدم عبر مجموعة متنوعة من الأدوات، بما في ذلك "الإعجابات" والإشعارات الفورية والخوارميات التي تُحوِّل بيانات المُستخدم إلى توصيات بالمحتوى الذي ينبغي عرضه. لكن القلق الذي يساور د. ميرفي يكمن في أن الجمهور يشمل المراهقين بعقولهم التي ما برحت في مرحلة النمو.

وأثبتت بعض الدراسات أن "الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة أو على نحو إشكالي يمكن أن يشهدوا تغيرات في بنية دماغهم على غرار التغيرات التي تصيب مدمني المخدرات أو المقامرة".

وكشفت دراسة أجرتها مجموعة "كومون سينس" البحثية أن ثُلث الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 11 و15 عاماً قُلن إنهن شعرن بأنهن أدمنّ إحدى منصات التواصل الاجتماعي. ووُجِدَ أنّ واحداً من بين ثلاثة مراهقين صرحوا بأنهم لا يتركون أجهزتهم حتى منتصف الليل أو بعده.

7 ساعات يومياً


وثمة دراسة أُجريت على طلاب الصفين الثامن والعاشر كشفت أن أطفال هاتين المرحلتين يمضون نحو 3.5 ساعات يومياً على مواقع التواصل الاجتماعيّ، وأنَّ واحداً من بين 7 مراهقين شاركوا في هذه الدراسة يبحرون في مواقع التواصل الاجتماعيّ لسبع ساعات يومياً أو أكثر.
فلماذا لا نتبنى منهجية الأمان أولاً تجاه مواقع التواصل الاجتماعي؟ تتساءل الافتتاحية.
يقدِّم لنا د. ميرفي مجموعةً من العلاجات المنطقية التي ندعمها قلباً وقالباً. بدايةً، لا بد للقائمين على مواقع فيس بوك وتوتير وإنستغرام وتيك توك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي أن يبادروا ويتحملوا مسؤولية أثر منتجاتهم وخدماتهم على المراهقين والأطفال، وعليهم أن يُيسروا إجراء تقييمات مُستقلة لهذا الأثر.


وأكد ميرفي ضرورة وضع المُشرعين معايير للصحة والأمان مناسبة للمراحل العمرية، على أن تحمي تلك المعايير الأطفال من المحتوى الضار، وتقيِّد استخدام ميزات تهدف على الأغلب إلى زيادة فترات مشاهدة المحتوى والمشاركة فيه إلى أقصى حدٍ ممكن.
ويشجع د. ميرفي أيضاً صانعي السياسات على ضمان أن تُشارك شركات التقنية التي تتحرى السرية الباحثين بياناتها المتعلقة بأثر منصاتها على المراهقين والأطفال.
ويشير ميرفي إلى أنه ما زال هناك شق كبير عن نقاط التلاقي بين المراهقين ومواقع التواصل الاجتماعي الذي لا تعرف أمريكا عنه شيئاً. ولذلك ينبغي أن يكون ضمان حصول الباحثين على التمويل الذي يحتاجون إليه أولوية تشريعية.
ولدى د. ميرفي توصيات للآباء والمراهقين؛ أولها "وضع خطة للوسائط الإعلامية" ترسم حدوداً لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في البيت. فعلى الآباء أن يدرسوا فكرة حصر وقت التعرُّض للأجهزة الذكية بساعة واحدة لا أكثر قبل النوم، وإبعاد هذه الأجهزة عن الأطفال في أثناء الوجبات والزيارات الاجتماعية.
ومن مبادئ التنشئة المتعارف عليها بالطبع الانخراط بقدرٍ أكبر في حياة أطفالنا الذي يؤدي على الأغلب إلى أطفال أصحّ جسدياً وأسعد نفسياً.
وتقول الصحيفة في ختام الافتتاحية: "يُحْسَب لدكتور ميرفي أنه يقرُّ بحاجة الأمرييين إلى التعامل مع العلاقة بين مواقع التواصل الاجتماعي والمراهقين، وضمان أن رفاه أطفالهم أهم من أي أولوية أخرى".