الجمعة 2 يونيو 2023 / 08:50

هل صارت القاهرة تعانى من تغير مناخي؟

عبداللطيف المناوي- صحيفة المصري اليوم

هبّت على القاهرة، بالأمس، عاصفة ترابية غطت جميع أنحاء العاصمة، وربما عدة محافظات محيطة، كما تابعت من الخارج، ثم هطلت الأمطار بكثافة، لتقل درجات الحرارة التى كانت في أوجها خلال ساعات الصباح.


الظواهر تبدو طبيعية، ولكنى أعتقد- ومن خلال سنوات عمرى التي عشتها- أنى لم أرَ مثل هذه التقلبات الحادة والسريعة في يوم واحد خلال هذا الوقت من العام. طوال السنوات الماضية كان مقبولًا جدًّا أن نرى هذه الظواهر في شهر إبريل، باسم «رياح الخماسين»، وهى الرياح التي كانت معروفة قديمًا منذ أيام الفراعنة لأنها مرتبطة بمواسم الزراعة والحصاد عند المصري القديم.
ورياح «الخماسين» سُميت بهذا الاسم لأنها تنشط في شهر إبريل، أى بعد خمسين يومًا من دخول فصل الربيع، ولكن مجيئها في هذا التوقيت أمر غريب، لا يمكن فهمه هذا العام إلا من خلال طبيعة ما يُطلق عليه مؤخرًا «تغير المناخ»، ذلك المصطلح الذى قد يتعامل البعض معه باستخفاف كبير.
لكن ما حدث بالأمس هو إحدى ظواهره لأن تعريف المصطلح في الأساس هو تحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس، ويمكن أن تكون هذه التحولات طبيعية بسبب التغيرات في نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبيرة، ولكن منذ القرن الـ19، كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيسي لتغير المناخ.
التغير المناخى ليس مجرد مصطلح يتداوله الناس بهذه البساطة، بل رؤساء وزعماء دول كبرى تتحدث عنه، وتعقد له الأمم المتحدة مؤتمرات سنوية لأن التغير فى المناخ يمكن له أن يؤثر على صحتنا وقدرتنا على زراعة الغذاء والسكن والسلامة والعمل، فيما تحذر المنظمات الأممية فى المستقبل من أن هناك مصطلحًا قد يُتداول فى وقت قريب، وهو «لاجئ مناخ»، ويطلق على هؤلاء الفارين من تغير حادث فى بلادهم من مجاعات وجفاف مستمر وغيرها من الظواهر.
لن أخوض كثيرًا فى أسباب التغير المناخى لأنها معروفة للغاية، ولكن لابد أن تستمع الدول الكبرى التى تستخدم أنواع الوقود الأحفورى الضارة إلى النصائح لأن العالم ليس بحاجة إلى أزمات أخرى، بل إن العالم به ما يكفيه من صراعات تؤثر ليس فقط على المنطقة الصغيرة التى يحدث فيها الصراع، بل على قطاعات كبيرة من دول العالم، ورأينا كيف تسببت الأزمة الروسية الأوكرانية فى أزمة حبوب على مستوى العالم، فما بالك بأزمة مناخ تهدد زراعة الحبوب فى الأساس؟!.
ما حدث بالأمس ليس «زعابيب» أمشير لأن أمشير انتهى منذ أربعة شهور تقريبًا، ولكنها «زعابيب» التغير المناخى، التى هبت على القاهرة مثلما هبت على مناطق كبيرة فى العالم.