مسلحون من "فاكيل" الروسية في أوكرانيا (فاينانشال تايمز)
مسلحون من "فاكيل" الروسية في أوكرانيا (فاينانشال تايمز)
الجمعة 2 يونيو 2023 / 21:37

"غازبروم" الروسية تدعم ميليشيات تُقاتل في أوكرانيا

كشفت صحيفة "فاينانشال تايمز"، أنها تتبعت صعود كتائب ومجموعات روسية شبه عسكرية على غرار "فاغنر"، تُقاتل في أوكرانيا ضمن العملية العسكرية التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العام الماضي، من بينها "بوتوك"، وكتيبة أخرى مرتبطة بـ "غازبروم" باسم "فاكيل".

وأشارت "فاينانشال تايمز" إلى أنها كشفت خبايا هذه المجموعات من خلال أكثر من 12 مقابلة مع أقارب الجنود، وموظفين في "غازبروم" حاليين وسابقين، ومجندين عسكريين وشركائهم، ووثيقة استخباراتية أوكرانية عن الميليشيات الروسية.

وتقول الصحيفة إنه رغم ارتباطها رسمياً بالفروع المتنافسة للأجهزة السرية والقوات المسلحة الروسية، إلا أن الجماعات تحول القوة القتالية إلى خليط فوضوي من الوحدات مع عدد كبير من رعاة النخبة، وفق مسؤولين في المخابرات الغربية والأوكرانية.

كتائب المتطوعين

وتعرف هذه المجموعات بـ "كتائب المتطوعين"، حيث يجند الرجال مقابل راتب بدل التجنيد الإجباري، وبدأت هذه الوحدات الأصغر في منافسة مجموعة "فاغنر" سيئة السمعة على الصدارة في الخطوط الأمامية، ما أثار غضب مؤسسها يفغيني بريغوجين.

وتلفت الصحيفة إلى أن الكتائب تستخدم أسماء مستعارة مثل "شيطان" و"سبارتا"، ولكل منها شعاراتها، فيما تكون المشاركة فيها عبر إعلانات التجنيد عبر الإنترنت، ويمكن للمجندين المحتملين التسوق للحصول على أفضل الرواتب ومكافآت الاشتراك.

وتقول الصحيفة إن "غازبروم" لم تعترف أبداً بالمشاركة في تشكيل كتائب الخطوط الأمامية. وفي السنوات السابقة، كانت حريصة على إبراز صورة الشركة الغربية التقليدية لشركائها التجاريين في أوروبا، وتقديم تعهدات بيئية واجتماعية وحكومية، وتنشر اسمها عبر ملاعب كرة القدم  برعايتها لدوري أبطال أوروبا.


ورغم  أنها وُضعت تحت بعض العقوبات بعد بداية الحرب في أوكرانيا، لكن تدفقات الغاز إلى أوروبا لا تواجه قيوداً،  الصادرات، رغم انخفاض الأحجام بشكل حاد.


تلبية احتياجات موسكو

أما روسيا، فتوفر لها الكتائب وسيلة لتلبية احتياجات القوى العاملة العسكرية بالتجنيد الخاص، دون موجة جديدة من التعبئة القسرية، حيث تسببت حملة التجنيد الإجباري في سبتمبر (أيلول) الماضي في ذعر  واسع ودفعت مئات الآلاف  إلى الفرار من البلاد.

وكان هذا الحشد لتعزيز الوجود الروسي في أوكرانيا، وكان متوقعاً في البداية أن يستغرق غزو أوكرانيا،  أسابيع فقط، حيث حزم الجنود ملابس للاحتفال في حقائب لحضور عرض مخطط له في كييف. ومنذ ذلك الحين، قتل أو جرح حوالي 200 ألف جندي روسي. وبدل التعمق في أوكرانيا، تحرص روسيا الآن على الاحتفاظ بـ 20% من المساحة  التي تحتلها ضد هجوم مضاد متوقع.

وقال مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات في موسكو رسلان بوخوف ، إن ظهور عدد كبير من الكتائب في هذه المرحلة من الحرب "منطقي"، للرغبة في تجنب حشد ثان. وأضاف "السلطات الروسية تبحث عن بعض الحلول الملطفة".

أما الأوليغارشية والشركات، فإن إنشاء هذه الوحدات العسكرية هو وسيلة لإثبات ولائها للمجهود الحربي، وفقاً لمسؤول روسي كبير سابق. كما أنها تمكن شركات مثل "غازبروم" من السيطرة على الذين يظهرون  في كشوف رواتبهم، مع اعتبار العمال ذوي المهارات المتدنية أكثر قابلية للاستهلاك من مهندسي حقول الغاز، حسب الصحيفة.

لا تعليق

وقال المسؤول السابق: "هناك أمر بتسجيل المتطوعين بطرق مختلفة، بما في ذلك عبر الهياكل الحكومية والخاصة الغنية التي لديها ما يكفي من المال لتجنيد الناس".

ويقول محللون إن "غازبروم" في قلب الاقتصاد الروسي وهي هدف واضح للجيش الروسي في سعيه لتعزيز القوى العاملة، التي تسيطر عليها الشركة التي توظف ما يقرب من نصف مليون شخص، ولديها إدارات في جميع أنحاء البلاد.

وتقول الصحيفة إن  المتحدث باسم "غازبروم" سيرغي كوبريانوف، رفض التعليق، بينما أعاد المتحدث باسم الرئيس الروسي ديمتري بيسكوف، توجيه أسئلة "فاينانشال تايمز" إلى وزارة الدفاع الروسية التي لم ترد على طلب للتعليق.

وتقول الصحيفة، إن "فاكيل" أيضاً اسم مسابقة المواهب بشركة "غازبروم" نصف السنوية، وهو مهرجان كبير تتنافس فيه فرق من الفنانين الموسيقيين من جميع الأعمار على الجوائز.،شعارها، مثل شارة كتيبة "فاكيل"، يتضمن شعلة، أما فريق تنس الطاولة للشركة فيعرف بـ "فاكيل-غازبروم".
وزار التلفزيون الرسمي الروسي كتيبة جنود "فاكيل" التي تملك مجموعة صغيرة على تطبيق الرسائل الروسي، "تلغرام"، حيث يترك الأقارب رسائل لأحبائهم الذين يخدمون في الخطوط الأمامية.

ولم يذكر أي رابط لشركة "غازبروم" بصرف النظر عن بعض رسائل الفيديو التي نشرت عبر مجموعة دردشة "فاكيل" هذه في وقت متأخر من ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي.

موقع قوة

وفي مقطع واحد، ظهر 3 رجال داخل كشك أمن مع كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة في الخلفية، بالزي الرسمي وقال أحدهم: "يا رفاق، نتمنى لكم سنة جديدة سعيدة، من بورتوفايا للغاز الطبيعي المسال".

بينما تظهر مقاطع فيديو أخرى من مكتب الأمن رجلاً بزي سانتا كلوز. وفي مقطع آخر أرسل من خط المواجهة في وقت سابق من ذلك الشهر، يقف ثلاثة رجال مدججين بالسلاح في حقل، ويتحدثون إلى الكاميرا، ويرسلون "تحيات إلى فيبورغ "وإلى" زملائنا في مكان عملنا المشترك".

وقال المسؤول الغربي: "لديك الجيش، لديك الشركات العسكرية الخاصة، لديك الحرس الوطني، لديك جهاز الأمن الفيدرالي.. إنهم يحاولون معرفة من له نفس النهج، وإذا كان هناك تغييراً فإنهم يريدون أن يكونوا في موقع قوة".

ويبدو أن العديد من الكتائب الأصغر، مثل "بوتوك" تحت رعاية شركة عسكرية خاصة أكبر  "ريدوت"، المنافسة لـ"فاغنر" التي قدمت مرة حفنة موظفين لحراسة المصالح الروسية في سوريا. ويعتقد أن "ريدوت" لها ما يقرب من 7 آلاف عنصر ، وشاركت في عمليات حول كييف وخاركيف، وفقا لوثيقة المخابرات الأوكرانية.

واتصلت "فاينانشال تايمز" بإدارات الأمن في غازبروم في جميع أنحاء روسيا للسؤال عن  "بوتوك"، وقال موظفو أحد مراكز الشركة في تومسك بسيبيريا، إن جميع المعلومات عن بوتوك "سرية".