فصل في مدرسة يعتمد على الذكاء الاصطناعي (أرشيف)
فصل في مدرسة يعتمد على الذكاء الاصطناعي (أرشيف)
الثلاثاء 6 يونيو 2023 / 11:55

الذكاء الاصطناعي وتطوير المناهج

عبداللطيف الزبيدي- الخليج

ما هي أطرف هدية من الذكاء الاصطناعي إلى العلوم العصبية؟ أنه جعل الإنسان يعيد النظر في كثير من مفاهيم الذكاء. المفارقات لا تحصى.

من أين تكون البداية، فالقضايا موسوعة؟ على مناهج التربية والتعليم خاصةً، أن تضعها على رأس أولويات التطوير والتغيير في الفلسفة التربوية. قد يكون سهلاً دحض المفارقات بالاستدلال العلمي، لكن من العسير التخلص من وخزاتها اللاسعة. في مقارنة طريفة أن في العالم خمسة وعشرين مليار حاسوب متصل بالشبكة العنكبوتية، لكن هذا الرقم المهول لا يمثل سوى واحد من المليون من عدد التشابكات العصبية بين خلايا الدماغ البشري.

على أنظمة التعليم أن تدرك ما الذي يعنيه التلميذ؟ وما هي قيمة مجموع الدارسين في البلد؟ في الدول الفاشلة لا تُحاسَب الجهاتُ المعنية عن إهدار الثروات والتسبب في التخلف في جميع الميادين. كذلك لا تُسأل المؤسسات التربوية عن تبديد ثروات الأدمغة، بينما هي التي تستطيع أن تصير أعظم شموس الإبداع والاختراع، التي تبعث الحياة في التنمية الاقتصادية.


من المفارقات المحفزة لعمق التفكر والتدبّر أن الإنسان احتاج إلى ثلاثمئة ألف سنة، من ظهور الإنسان العاقل، هوموسابيانس، إلى عصرنا، ليصنع آلة ذكية، لكن التعلم العميق جعل الذكاء الاصطناعي في عقدين من هذا القرن، أَوْلى من المعرّي ببيته: "وإنّي وإن كنتُ الأخيرَ زمانُهُ.. لآتٍ بما لم تستطعهُ الأوائلُ".
في عشرين عاماً، قياساً على ثلاثة آلاف قرن، صار الذكاء غير البيولوجي يتقدم على الآدمي في مجالات شتى تتطلب سنوات من التخصص. أضحى يكتب الأدب، ويؤلف الموسيقى، ويمارس الفنون التشكيلية، أما القدرات الحسابية النجومية فعند أبي العلاء التعليق: "أرى العنقاءَ تكبُرُ أن تُصادا.. فعاندْ من تُطيقُ له عنادا". على أنظمة التعليم أن تُحدث تحولاً جذرياً في طريقة رؤيتها للأمور. الخطوة الأولى على طريق الميل الأول، هي تَجاوز لجان وضع المناهج، إلى تأسيس مجمع تربوي يضم التربويين وعلماء العلوم العصبية وخبراء الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق والتعلم المعزّز والمستقبليات والاستشراف.
إذا كان الدماغ يعمل بنظام في مستوى فيزياء الكم، فلا شك في أن له أنظمة أشد تعقيداً في رياضياتها وخوارزمياتها ومعالجة بياناتها، من الحواسيب والذكاء الاصطناعي. المفارقة الكاريكاتورية، يبدو البطء الذهني في مواد المناهج العربية أشبه بمن لديه شاهين حر، وهو يزهو بأنه سيعلمه كيف ينط كالدجاجة.
لزوم ما يلزم: النتيجة الصقرية: يقول حافظ الشيرازي: "انشر جناحك واصدح من على شجر الطوبى.. حيفٌ أن يكون طائرٌ مثلك أسيرَ القفص".