الرئيس الروسي فلاديمير بوتين(أ ف ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين(أ ف ب)
الثلاثاء 6 يونيو 2023 / 18:44

ماذا لو خسر بوتين.. زلزال جيوسياسي

يرى الكاتب والمحلل والتر راسل ميد أن الانتصار الأوكراني إن حدث، يمكن وصفه بأنه نهاية للصراع الذي يترك أوكرانيا مع كل أو معظم أراضيها الأصلية، مستقلة عن موسكو ومتحالفة مع الغرب، ما سيشكل زلزالاً جيوسياسياً.

يمكن أن يشكل عدم الاستقرار الروسي تحديات أمنية ضخمة



ويقول الكاتب في مقال بصحيفة وول ستريت جورنال إن الغرب كان يأمل في أن يكون سقوط الاتحاد السوفيتي قد أنهى تهديد الإمبريالية الروسية، لكن نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان عازماً على تحدي الصعاب.

تحديات ديموغرافية

تواجه روسيا واحدة من أكبر التحديات الديموغرافية في أي بلد في العالم، فبعد أن بلغ ذروته في 1991، انخفض عدد سكان الاتحاد الروسي بنحو خمسة ملايين حتى 2021. والأسوأ من ذلك، من وجهة نظر بوتين، على الرغم من الهجرة الكبيرة من قبل الروس من الجمهوريات السوفيتية السابقة المستقلة حديثاً في آسيا الوسطى، فإن السكان الروس العرقيين في حالة اندثار، حيث تناقص بمقدار 5.4 مليون بين 2010 و2021. خلال تلك السنوات، انخفضت نسبة سكان الاتحاد الذين كانوا من أصل روسي إلى 72% من 78%.
ويشير الكاتب إلى أن بوتين يحتاج إلى شعب أوكرانيا لتعزيز هيمنة الأسلاف الأرثوذكس في الاتحاد الروسي. فبدونهم، في مواجهة ارتفاع عدد السكان في دول آسيا الوسطى مثل أوزبكستان (بزيادة 63 % منذ سقوط الاتحاد السوفيتي إلى ما يقدر بنحو 35 مليون في 2023)، يتوقع أن مصير القوميين الروس آخذاً بالانحدار .
وتؤكد هذه الاعتبارات، بحسب ميد، مدى التزام القوميين الروس المتشددين بالنصر في أوكرانيا ومدى تبعية الهزيمة الروسية على الصعيد العالمي، إذ إنه من شأن انتصار أوكراني أن يترك الكرملين ضعيفاً وفاقداً للمصداقية تحت ضغط الصين القوية وآسيا الوسطى الصاعدة في الشرق، والتحالف الأمني الذي أعيد تنشيطه في الغرب، والأقليات العرقية المضطربة في الداخل.

تحد سياسي خطير

ومن شأن الانتصار الأوكراني أيضاً أن يعرض موسكو لتحدي سياسي خطير، إذ يقول الكاتب إنه ليس من المؤكد بأي حال من الأحوال أن أوكرانيا ستخرج من الحرب كدولة ديمقراطية وحديثة حقاً، حيث واجهت العديد من الجمهوريات السوفيتية السابقة والجمهوريات اليوغوسلافية السابقة وحتى بعض دول حلف وارسو السابقة صعوبة في إقامة ديمقراطية مستقرة، ومن المرجح أن تواجه أوكرانيا المزيد من صراعات الحكم.


وحتى مع ذلك، يشير الكاتب إلى أنه إذا كان ينظر إلى أوكرانيا على أنها المنتصرة في الحرب، فإن بوتين، سيكون قد أثبت أن أسلوبه في الحكم ليس النموذج الوحيد الذي يمكن أن يعمل بين الأسلاف الأرثوذكس، وسيريد العديد من الروس التعلم من الفائزين.
إن الهزيمة الروسية من شأنها أن تقوي بشكل أساسي يد أمريكا على مستوى العالم، ولكن ستكون هناك تعقيدات. فعلى الجانب الإيجابي، مع فرض رقابة صارمة على التوسع الروسي، فإن مهمة الحفاظ على الوضع الراهن في أوروبا تتطلب استثمارات أمريكية أقل.

الدور الأمريكي الغربي

وستتعزز المكانة الأمريكية والغربية بشكل كبير بالنصر، وستتضرر بشكل خطير إذا فازت روسيا، لأن أوكرانيا المنتصرة ستنضم إلى بولندا ودول البلطيق والدول الاسكندنافية في كتلة مؤيدة للدفاع من الدول الأوروبية التي تفهم قيمة التحالف الأمريكي.
ولكن ليس كل الأخبار ستكون جيدة، فلن تصبح تركيا التي يتزعمها رجب طيب أردوغان أكثر رقة إلا إذا تلاشى خوفها من روسيا. ويمكن للكرملين الضعيف أن يلقي بنفسه في احتضان الصين المنتظر، كما يمكن أن يشكل عدم الاستقرار الروسي تحديات أمنية ضخمة.
ويشير الكاتب إلى أنه يمكن أن تقع الأسلحة النووية والبيولوجية في أيدي أكثر خطورة، ويمكن للعلماء النوويين أن ينتشروا في العالم، ويأخذوا مهاراتهم معهم. ويمكن أن تعمل العصابات الإجرامية والمتسللون عبر الإنترنت مع الإفلات من العقاب في جميع أنحاء روسيا غير المستقرة.