الأربعاء 7 يونيو 2023 / 08:41

استراتيجية شرق أوسطية للرئيس القادم

عاطف الغمري- صحيفة الخليج الإماراتية

هذا الكتاب الاستثنائي الذي صدر في الولايات المتحدة، يناقش السياسة الأمريكية في منطقتنا، وهو ما ينطق به عنوانه «استعادة التوازن: استراتيجية للشرق الأوسط للرئيس القادم».





كبريات مراكز الفكر السياسي حشدت لتأليفه أكبر الخبراء من ذوي الأسماء البارزة، وصدر في عام 2008. وكان المقصود بالرئيس القادم، المرشح وقتها باراك أوباما، لكن ما حدث أن أوباما لم يلتزم بأي توصية جاءت في هذا الكتاب.

ومرت سنوات، وأصبحنا في عام 2023، ليعيد بعض المشاركين في تأليفه إلقاء الضوء عليه من جديد. باعتباره، وبكل ما احتواه من حصيلة خبراتهم، لا يزال يمثل رسالة للرئيس القادم، والذي سيفوز في انتخابات 2024.
تصدّر جهود إعادة لفت الأنظار إلى هذا الكتاب، دانييل بايمان، أحد المشاركين الرئيسيين في تأليفه. والبروفيسور بايمان صاحب تاريخ حافل ومتعدد الجوانب في الاهتمام بقضايا الشرق الأوسط. وهو أستاذ بجامعة جورج تاون، ويتولى تدريس مواد عن أمن الشرق الأوسط، والإرهاب، والحروب الأهلية، والعمليات العسكرية، واستخدام أمريكا للقوة.
فصول الكتاب توزعت مادتها على خمسة عشر من أبرز الخبراء المتخصصين في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، منهم على سبيل المثال: ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية، ومارتن أنديك مساعد وزير الخارجية الأسبق للشرق الأوسط، وشبلي تلحمي الأمريكي من أصل فلسطيني، وبروس رايدل رجل المخابرات السابق، والخبير الحالي في شؤون المنطقة، ودانييل بايمان، وغيرهم.
هؤلاء الخبراء شاركوا معاً، ولأول مرة، في أبحاث وصفت بالنفاذ إلى عمق القضايا التي يتناولونها. واستكملت أبحاثهم بسفريات للمنطقة، وإجراء حوارات مع قادتها.
الأفكار الأساسية التي يطرحها الكتاب، تشمل توصيات للتعامل بشكل جديد ومختلف مع قضايا تعاني منها المنطقة حتى الآن. وتشمل الفشل في حل القضية الفلسطينية (حسب تعبير المؤلفين)، والنزاع العربي الإسرائيلي، والنزاع الطائفي في العراق، وبرنامج إيران النووي، والتنمية الاقتصادية، والانتشار النووي.
ويستشهد المؤلفون بنماذج من أخطاء سابقة لرؤساء أمريكا، منها سياسة تغيير الأنظمة التي اتبعها بوش الابن، ولجوء أوباما إلى احتواء أنظمة ساعدت سياسته على وصولها للحكم، وهي من نوعية السياسات التي لم تعد تصلح ليتبعها الرئيس القادم تجاه منطقة الشرق الأوسط. ويوضح المؤلفون أن تلك التوصيات جاءت نتيجة أبحاث عميقة، ويصف الكتاب تلك التوصيات بأنها دعوة لاستراتيجية جديدة لا تخص حزباً بعينه، بل هي للحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وأنها تستند إلى دروس مستخلصة من الفشل الذي وقعت فيه حكومات أمريكية سابقة. ومن أجل التعامل مع التحديات طويلة الأجل، وقصيرة الأجل، والتي تواجه المصالح الأمريكية.
وفى سياق إعادة إلقاء الضوء على الكتاب، أعاد مجلس العلاقات الخارجية، ومعهد بروكنغز نشر ما كتبه كل من ريتشارد هاس ومارتن أنديك في الفصل الذي شاركا معاً في كتابته. وتضمنت رؤيتهما القول بأن الرئيس القادم سوف يواجه قضايا معقدة وبلا علاج، من ضمنها النزاع العربي الإسرائيلي. وأنه يحتاج إلى اتباع استراتيجية جديدة من أجل الدفع بالمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، والتعامل مع التحديات المتزايدة.
وفي تنبيه مقصود من مؤلفي الكتاب الخمسة عشر، قالوا إن العالم اليوم يختلف عما كان عليه قبل أربع سنوات. وهذا الاختلاف يشمل علاقات أمريكا مع حلفائها وخصومها على السواء. وإن الرئيس القادم سوف يجد أمامه وباء قد تفشى في مواجهته صنعته قضايا معقدة، منها النزاع في الشرق الأوسط.
وبصرف النظر عن كل ما ورد في هذا الكتاب، فقد سبق أن سمعنا من مسؤولين كبار في الحكومات الأمريكية، ينتمون إلى الحزبين، الديموقراطي والجمهوري، ومن كتّاب ومحللين، عن أن الخطأ لم يكن سببه فشل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، بل أيضاً في النهج السياسي لصناعة الأزمات في دول المنطقة. وهو ما سبق أن اعترفت به وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، والتي تفرعت عنها سياسة إشعال الحروب داخل المنطقة.
وهو ما كشف عنه صراحة مايكل لادين، الذي كان مُنظّراً للأمن القومي في إدارة بوش الابن، في كتابه «الحروب الطويلة»، واعترف به الرئيس ترامب عن سياسة تغيير الأنظمة، ثم ما اتبعه الرئيس أوباما من مساندته لجماعات خارجة على مفهوم الدولة الوطنية، ومساعدتها للوصول إلى الحكم في الدول العربية.. وغير هذا الكثير من الخطط والسياسات.