آثار القصف الروسي على مدينة أوديسا (تويتر)
الجمعة 28 يوليو 2023 / 15:54
تصدرت مدينة أوديسا المشهد العالمي خلال الفترة الأخيرة، إثر التصعيد الروسي المكثف والقصف المنتظم بالصواريخ والطائرات المسيرة لـ 10 أيام متتالية، والذي استهدف البنى التحتية والمواقع العسكرية وشل جميع مظاهر الحياة في العاصمة الاقتصادية لأوكرانيا.
وتزامناً مع القمة الروسية - الإفريقية التي انطلقت، أمس الخميس، في سانت بطرسبرغ، تسعى موسكو إلى الضغط على المجتمع الدولي لقبول شروطها بشأن اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود الذي أوقفت العمل به مؤخراً، وذلك عبر تركيز استهدافها لأحد أهم الموانئ في أوكرانيا.
قصف عنيف
أعلن حاكم منطقة أوديسا الأوكرانية، أن روسيا قصفت البنية التحتية لأحد الموانئ في المنطقة، في هجوم صاروخي أول أمس الأربعاء، ما أسفر عن مقتل حارس وإلحاق أضرار بمحطة للشحن، في وقت أعلن فيه نائب رئيس الوزراء الأوكراني أولكسندر كوبراكوف، أن 26 منشأة للبنية التحتية بالموانئ الأوكرانية تضررت بالإضافة إلى 5 سفن مدنية.
وقال الحاكم أوليه كيبر إن "روسيا أطلقت صواريخ كاليبر على ميناء، لم يحدده، من غواصة في البحر الأسود"، وأضاف أن مبنى أمنياً دمر ولحقت أضرار بسيارتين. وبدوره، قال سلاح الجو الأوكراني إنه لم يتمكن من إسقاط صواريخ كاليبر، لكنه أعلن إسقاط 8 طائرات مسيرة في مناطق أخرى من أوكرانيا.
أهم الموانئ
وفي اتصال مع 24 أشار منسق خلية الأزمة العربية الأستاذ عماد أبو الرُب، إلى أن "روسيا حاولت منذ اندلاع الحرب استهداف المدينة عبر شن ضربات متقطعة، وقال: "كما نعلم أن أوديسا هي الميناء الأبرز في أوكرانيا، ضمن 3 موانئ رئيسية في البلاد وهي يوجني وتشورنومورسك (البحر الأسود)، حيث أنها تصدر ما يقارب الـ 70 % من صادرات أوكرانيا البحرية".
وتحدث أبو الرب عن زيارة أجراها مؤخراً لهذه الموانئ، عن مدى تحسب الدفاعات الجوية الأوكرانية خشية لاستهداف الميناء من قبل موسكو.. وأضاف أنه "مع تصاعد الحرب وعدم وجود مسار موازي للمفاوضات، يحاول كل جانب أن يحصل على أكبر قدر ممكن من السيطرة على الأراضي، إذ تحاول روسيا السيطرة على أراض جديدة بالإضافة إلى الأراضي البتي سيطرت عليها سابقاً، بينما كييف تحاول استعادة هذه الأراضي ودفع القوات الروسية إلى الانسحاب التدريجي إلى حين الجلوس للتفاوض".
وأوضح منسق خلية الأزمة العربية أن شروط أوكرانيا معروفة، وهي وقف الحرب وانسحاب روسيا من الأراضي الأوكرانية المحتلة، وبعد ذلك الجلوس للتفاوض (بحث مسألة التعويضات وجرائم الحرب).
وتأكيداً على أهمية المدينة، ذكر السياسي من كييف الأستاذ محمد العروقي، أن أوديسا لها اعتبارها الخاص، فهي واجهة سياحية وتقع في جنوب أوكرانيا وعلى ساحل البحر الأسود، وتمتلك سلسلة موانئ عديدة، وهذا ما يبرز أهميتها".
ورقة ضغط
وحول قضية اتفاق الحبوب التي أوقفت روسيا العمل بها مؤخراً، يقول أبو الرب لـ 24: "من الواضح أن مسألة عدم تجديد اتفاقية الحبوب لم تتوقف على الصورة السابقة التي كانت تتضمن تهديدات بعدم التمديد أو تأجيل الاتفاق قليلاً".
وأضاف "رغم إيقاف الاتفاقية، إلا أن الحبوب يتم تصدريها عبر النهر إلى رومانيا ومن ثم إلى دول أخرى، ولكن حمولة هذه البواخر (5 – 7 آلاف طن) قليلة مقارنة بما هو معتاد (30 – 50 ألف طن)".
ولفت منسق خلية الأزمة العربية إلى أن روسيا تحاول الضغط على أوكرانيا والمجتمع الدولي لقبول شروطها حول الاتفاقية، بتسيير ممرات الحبوب الخاصة بها، بعد أن ادعت أن كييف لم تستوفي تصدير الكمية المتفق عليها ضمن الاتفاقية.
ومن جهته، اعتبر السياسي محمد العروقي أن "استهداف روسيا مؤخراً لميناء أوديسا جاء لهدفين، السبب الأول أن موسكو تسعى لتعطيل عمل هذه الموانئ بعد فشل اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، ونتيجة القصف المتواصل والأضرار الناتجة، لن تكون هذه الموانئ جاهزة لاستكمال عمليات التصدير نظراً لحاجتها إلى عمليات صيانة من أجل إعادتها للعمل".
وأوضح العروقي أن السبب الثاني هو "مواصلة روسيا الضغط على الجانب الأوكراني والغربي للموافقة على شروطها لاستئناف العمل بالاتفاقية".
وضع مربك
وفي سياق متصل، أشار أبو الرب إلى أن الوضع في أوديسا أصبح مربكاً جداً، نظراً لكثافة الصواريخ والمسيّرات المطلقة خلال الأسبوع الماضي، والتي أصابت مركز المدينة، وأماكن تاريخية كالكنيسة الكاتدرائية، ما زاد من تخوف سكان المدينة من وضع المدينة المستقبلي.
وأردف قائلاً في حديثه لـ 24: "من الواضح أن العملية الروسية مستمرة، قد تتسع إذا تم استهداف البنى التحتية لمدينة أوديسا، فحتى مع توقيع أي اتفاقية، ستواجه المدينة تأخيراً في إعادة إعمارها وتأهيل الموانئ، ما سيؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي".
وأضاف منسق خلية الأزمة العربية أن "الوضع غامض وتصعيدي، مع عدم وجود أي بوادر انفراج للأزمة في الوقت الحالي، في ظل غياب تصريحات سياسية من أحد الطرفين أو حتى من الوسطاء، عن أن هناك جهوداً دبلوماسية تبذل من أجل الوصول لنقطة توافق".
فيما قال الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور سعيد سلام، لـ 24 إن "الهدف الرئيسي لروسيا من الانسحاب من مبادرة حبوب البحر الأسود، فضلاً عن هجماتها المستمرة على البنية التحتية للموانئ ووسائل الملاحة ومحطات الحبوب الأوكرانية، هو منع أوكرانيا من تصدير الحبوب والمواد الغذائية، في محاولة للقضاء على منافس قوي في السوق الدولية، ورفع أسعار الغذاء العالمية عمداً، وزيادة نسبة الأرباح، التي تجنيها من تصدير حبوبها، على حساب ملايين الأشخاص حول العالم".
وأكد الباحث أن "تعطيل طرق التصدير الأوكرانية يتسبب في حدوث مشكلات غذائية في جميع أنحاء العالم"، مبيناً أن "أزمة الأسعار ليست سوى غيض من فيض من حيث عواقبها السلبية".