ليبي يجلس بجوار مقبرة لدفن عدد من ضحايا العاصفة دانيال (أ ب)
السبت 16 سبتمبر 2023 / 20:46
تقاسمت عائلات سورية هربت من الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي تعيشها بلادهم، الموت مع سكان مدينة درنة الليبية، التي ضربتها فيضانات كارثية الأحد الماضي، أسفرت عن سقوط آلاف القتلى وبقاء آلاف آخرين في عداد المفقودين.
وبحسب إحصائيات سورية، تم التأكد من مقتل 42 سورياً في ليبيا في حين أن العدد الحقيقي قد يصل إلى أكثر من ذلك، حيث يؤكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أنه لم يتمكن من التأكد من وجود ناجٍ واحد من بين 150 سورياً مفقودين في درنة.
وغادر سوريون مناطق مختلفة من بلادهم التي مزقتها الحرب إلى مدينة درنة الليبية على مدى السنوات الماضية، بحثاً عن عمل وفرص أفضل، في الوقت الذي كان آخرون يستخدمون ليبيا كنقطة عبور في جهودهم للوصول إلى أوروبا، عن طريق رحلات محفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط، في قوارب غير آمنة ينظمها المهربون، بحسب وكالة "
أسوشيتد برس" الأمريكية.
الاتصال الأخير
عمار كنعان، البالغ من العمر 19 عاماً، غادر قبل عامين منزله في محافظة درعا جنوب سوريا، وتوجه إلى ليبيا حيث خطط للعمل، تقول والدته إن "ابنها تحدث معها آخر مرة بعد ظهر يوم الأحد، وأخبرها أنه سيغلق محل الحلويات الذي يعمل فيه ويعود إلى منزله لأنه من المتوقع حدوث عاصفة قوية".
وتضيف "حاولت مراراً الاتصال به يوم الاثنين دون جدوى، ويُظهر حساب واتساب الخاص به أن آخر مرة كان فيها هاتفه متصلاً بالإنترنت صباح الإثنين"، تضيف والدموع تخنقها: "لا يزال لدينا أمل".
وفي يوم الثلاثاء، توجه عم كنعان بالسيارة إلى درنة من مدينة بنغازي بشرق ليبيا حيث يعمل، ليجد أن المبنى الذي يعيش فيه ابن أخيه قد جرفته المياه، وقال إن "كل من كان بالداخل يعتبر ميتاً".
لحظات مروعة
ويروي الشاب زيد مرابح (19 عاماً)، الذي جاء إلى ليبيا قبل عامين من مدينة حمص وسط البلاد، وعمل نجاراً، كيف شاهد المياه تتدفق نحو منزله ليلة الأحد.
قال مرابح: "سمعت دوياً عالياً، وكانت هذه هي اللحظة التي انهارت فيها السدود، وعندما بدأ منسوب المياه في الارتفاع، ركضت نحو الأراضي المرتفعة، تل شيحا الشرقي القريب".
وأشار إلى أنه رأى المياه تدمر كل شيء تقريباً في طريقها.
وعاد صباح يوم الإثنين بعد أن انحسرت المياه للاطمئنان على عمه وأقاربه، واختفى المبنى الذي كانوا يعيشون فيه، وقال إن عمه وخالته وابنتهما الرضيعة قد رحلوا.
وقال مرابح إنه بحث في صفوف الجثث الملقاة في شارعهم، لكنه لم يتمكن من العثور على عائلة عمه.
وداع وتعازٍ
وفي العاصمة السورية دمشق، تلقى أفراد عائلة قلعجي، التعازي بأفراد أسرتهم الثمانية الذين قتلوا في درنة.
وقالت الأسرة إن فراس (45 عاماً) وزوجته رنا الخطيب وأطفالهما الستة سيدفنون في ليبيا، وقال محمد إن شقيقه ميكانيكي سيارات يعيش في ليبيا منذ عام 2000.
وأضاف أن له شقيقاً آخر في درنة، نجا من الفيضانات إلا أنه لم يتمكن من العثور إلا على جثتي أخيه وإحدى بنات أخيه، بينما لا تزال جثث البقية مفقودة.
وأضاف قبل ثلاث ساعات من العاصفة، أجرى فراس وعائلته مكالمة فيديو مع والدته وأخواته في دمشق وبدأوا في تلاوة آيات من القرآن الكريم. ونقل عن شقيقه قوله لأمهما: "سامحيني يا أمي"، كان الأمر كما لو أنه شعر بأن شيئاً ما على وشك الحدوث.
ثقب وأمل
وتقول غنى القاسم إن ابن أخيها، هاني تركماني، كان طبيب أسنان وصل إلى درنة منذ حوالي تسعة أشهر لتحسين حياته، وقد وجد له أبناء عمومته، الذين كانوا هناك بالفعل، عملاً.
وبعد انحسار مياه الفيضانات، ذهب أبناء عمومته الذين نجوا من المأساة للبحث عنه. وقالوا إن شقته كانت مليئة بالمياه والطين، لكن وجود ثقب كبير في الجدار أنعش آمالهم في احتمال هروبه من المبنى، أو إخراج عمال الإنقاذ منه.