جندي أرمني يطلق النار من مدفعية (أرشيف)
جندي أرمني يطلق النار من مدفعية (أرشيف)
الثلاثاء 19 سبتمبر 2023 / 20:55

ناغورني قرة باغ.. عودة إلى مربع الحرب

24 - أبوظبي - خاص

بات اندلاع حرب ثالثة بين أرمينيا وأذربيجان وشيكاً، في ظل تزايد العداء بين الجارين والخصمين اللدودين المتنافسين للسيطرة على جيب ناغورني قرة باغ الانفصالي، ذو الأغلبية الأرمنية.

وعلت التحذيرات الدولية، وارتفعت المطالبات بالتهدئة، الثلاثاء، مع إطلاق أذربيجان عملية أمنية "لمكافحة الإرهاب" في ناغوروني قرة باغ، مثيرة ذعر أرمينيا التي اعتبرت العملية بأنها تحضير لحرب واسعة. 

وتسببت العملية الأذربيجانية بمقتل شخصين على الأقل وإصابة 23 شخصاً، على ما أعلنت السلطات الانفصالية، فيما أكّدت باكو أنها تستهدف أهدافاً عسكرية فقط. 

ونددت الخارجية الأرمينية بـ"عدوان واسع النطاق" بهدف "التطهير العرقي"، معتبرة أن على قوات حفظ السلام الروسية المنتشرة في الجيب أن "توقف العدوان" الأذربيجاني.

ودعا رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان روسيا والأمم المتحدة إلى "اتخاذ إجراءات" حيال العملية العسكرية، وأكد باشينيان أن الجيش الأرميني غير مشارك في القتال وأن الوضع "مستقر" عند الحدود الأرمينية الأذربيجانية.

تاريخ الصراع 

يعود تاريخ الصراع بين البلدين إلى عام 1921، حين ألحق الاتحاد السوفيتي جيب ناغورني قرة باغ على الرغم من وجود أغلبية أرمنية فيه بأذربيجان، وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي ونيل كل من أرمينيا وأذربيجان استقلاله، بدأ الصراع بين الطرفين على قرة باغ، وفي 1992 اندلعت الحرب الأولى بين باكو ويريفان، والتي خلّفت 30 ألف قتيل ومئات الآلاف من اللاجئين، وسيطرت أرمينيا على 13% من مجمل أراضي أذربيجان بما فيها إقليم ناغورني قرة باغ، قبل انتهاء الحرب فعلياً عام 1994، بوساطة روسية أمريكية فرنسية.  

حرب 2020

في 2020، دقت طبول الحرب مجدداً بين أرمينيا وأذربيجان مخلفة 6500 قتيل، وانتهت بهدنة تم التوصل إليها بوساطة روسية.. وتنازلت يريفان عن أراضٍ كبيرة لباكو، كجزء من الاتفاق مع أذربيجان الذي تضمن أيضاً نشر قوات حفظ سلام في يريفان، إلا أن المناطق الحدودية بين البلدين لا تزال تشهد مناوشات متكررة.

أسباب التوترات

وإلى جانب العداء التاريخي الطويل بين البلدين هناك أسباب أخرى تدفع نحو حرب ثالثة، مثل إغلاق ممر لاشين من قبل باكو العام الماضي، ما أدى إلى اتهام أرمينيا لأذربيجان بتأجيج أزمة إنسانية، خاصة وأن الممر هو الطريق الوحيد الذي يربط المنطقة بأرمينيا.. ونفت أذربيجان الاتهامات قائلة إنه يمكن لناغورني قره باغ تلقي كل الإمدادات اللازمة عبر أذربيجان. 

ويشكل غياب وساطة دولية حقيقية بين الجارين المتصارعين سبباً آخر لتأخر عملية السلام، وقطع الطريق على أي حرب جديدة.. ورغم تدخل الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة وتركيا لحل الصراع، إلا أن جميع تلك الجهود تعتبر بعيدة كل البعد عن الحياد، فرغم محاولة تلك القوى تقديم نفسها كطرف محايد بين أرمينيا وأذربيجان، إلا أنهم يظلون أقرب إلى أرمينيا أو أذربيجان بحكم العلاقات التاريخية والاقتصادية والعسكرية، وفقاً لتقرير صادر عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب. 

وعلى الرغم من إجراء مفاوضات سابقة بين أرمينيا وأذربيجان تبقى الثقة بين البلدين شبه معدومة، ففي الوقت الذي يؤكد فيه رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان أن بلاده تعترف بناغورني قره باغ كجزء من أذربيجان، اعتبرت باكو أن رئيس الوزراء الأرميني يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر إذ لا تزال يريفان تموّل أنشطة القوات الانفصالية من ميزانية الدولة.

وفي ظل انعدام الثقة، تصبح فرص إحياء السلام معدومة، وهذا يجعل الحرب خياراً أقرب.

خطر الحرب

ويعتبر المحلل السياسي الأذربيجاني فرهاد محمدوف "سيبقى خطر استئناف القتال على نطاق واسع مرتفعاً طالما لم توقّع معاهدة سلام"، ورجح أن "تهاجم باكو أراضي أرمينيا إذا تدخلت يريفان عسكرياً في ناغورني قره باغ".

من جانبه، قال المحلل الأرمني هاغوب بالايان في تصريحات لموقع فرانس برس، إن هجوماً من هذا النوع على الأراضي الأرمينية يمكن أن يتحول إلى "حرب إقليمية كبيرة" تنخرط فيها تركيا -حليفة باكو- وخصمها التاريخي إيران التي تراقب بريبة إستراتيجية النفوذ التركي في منطقة القوقاز. 

دور روسيا 

يرى المحلل في مجموعة الأزمات في باكو زاور شيرييف، أنه يمكن القول إن "النفوذ الروسي بدأ يتضاءل في البلدين، إذ انقلب الرأي العام الأذربيجاني ضد روسيا وقوات حفظ السلام التابعة لها بعد الهجوم على أوكرانيا، بينما لم يعد الدعم العسكري الروسي مفيداً بالدرجة نفسها لأرمينيا، إذ لم تعد روسيا من مصدّري الأسلحة بغزارة، كما يرغب بوتين في الحفاظ على علاقاته الوثيقة مع تركيا التي تعد الحليف الرئيسي لأذربيجان.