الأحد 5 نوفمبر 2023 / 08:27

بايدن.. كيف يكسب تأييد عرب أمريكا؟

جيمس زغبي- صحيفة الاتحاد الإماراتية

منذ ما يقرب من نصف قرن، وأنا أقوم بتنظيم العرب الأمريكيين. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، قمنا أنا وأخي جون باستطلاع آراء المجتمع حول مجموعة من المواضيع السياسية.



إنني أقدر قيمة استطلاع الرأي لأنه يسمح لك بسماع وفهم ما يقوله الناس وما قد تنبئ به وجهات نظرهم للمستقبل. كنا نعلم أن الأمركيين العرب سيتأثرون بالدمار والخسائر في الأرواح الناجمة عن العنف المميت المستمر بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لفهم مدى التأثير، قمنا بإجراء استطلاع للرأي للنظر عن كثب في رد فعل المجتمع على الصراع، وتأثيره على حياتهم، ومشاعرهم حول تعامل إدارة بايدن مع الصراع، وما قد تعنيه ردود أفعالهم بالنسبة لانتخابات عام 2024. وكانت النتائج التي صدرت هذا الأسبوع أكثر إثارة للدهشة مما كنا نتصور. لقد وجدنا تراجعاً كبيراً في الدعم العربي الأمريكي للرئيس جو بايدن، وأن تعامله مع الدمار الإسرائيلي المستمر في غزة هو السبب وراء هذا التحول في المواقف.
وعندما سُئلوا لمن سيصوتون في انتخابات 2024، قال 17% منهم فقط إنهم سيصوتون لبايدن، في تناقض ملحوظ مع عدد الذين صوتوا له في عام 2020، والذين بلغت نسبتهم 59%. كما انخفضت معدلات تأييد الرئيس بين الأمريكيين العرب من 74% في عام 2020 إلى 29% في استطلاع هذا العام. والسبب وراء هذا الانخفاض الحاد في الدعم واضح: ثلثا العرب الأمريكيين يقولون إن لديهم وجهة نظر سلبية حول تعامل الرئيس بايدن مع أعمال العنف الحالية في فلسطين وإسرائيل، ويعتقد الثلثان أن الولايات المتحدة يجب أن تدعو إلى وقف إطلاق النار لإنهاء الأعمال العدائية.
ويتجلى التأثير الإجمالي لوجهات النظر السلبية تجاه الرئيس وسياساته في الانخفاض الكبير في دعم الناخبين المتوقع في عام 2024. وله تأثير كبير كذلك على تفضيلات الحزب. فللمرة الأولى منذ 26 عاماً من إجراء استطلاع آراء الناخبين العرب الأمريكيين، لا تزعم الأغلبية أنها تفضل الحزب «الديمقراطي». وفي عامي 2008 و2016، فاق عدد «الديمقراطيين» الأمريكيين العرب عدد «الجمهوريين»، بنسبة اثنين إلى واحد.
وفي استطلاع هذا العام، ذكر 32% من الأمريكيين العرب أنهم يعتبرون أنفسهم «جمهوريين» مقارنة بـ 23% فقط ممن قالوا إنهم يعتبرون أنفسهم «ديمقراطيين». من ناحية أخرى، فإن النمو المطرد في النسبة المئوية للمستقلين يأتي على حساب الحزب «الديمقراطي». ويُظهر الاستطلاع أيضاً أن العرب الأمريكيين يشعرون بالقلق إزاء التداعيات الداخلية للحرب، بما في ذلك الخطاب المحموم.
ويشعر ثمانية من كل 10 عرب أمريكيين بالقلق من أن أعمال العنف ستثير التعصب المناهض للعرب، في حين أن الثلثين يشعرون بالقلق من احتمال معاداة السامية، إذ إن لديهم مستويات عالية من القلق بشأن التعبير العلني عن دعمهم لحقوق الفلسطينيين والخوف على سلامتهم الشخصية أو أعمال التمييز. وقد أبلغ ستة من كل 10 أمريكيين عرب عن تعرضهم للتمييز، بزيادة قدرها 6% منذ أبريل (نيسان) 2023، مع زيادة القلق بشكل بارز بين المسلمين من الأمريكيين العرب (بنسبة 70%) والأمريكيين العرب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً (بنسبة 74%). علاوة على ذلك، يشعر نصف الأمريكيين العرب بالقلق إزاء مواجهة التمييز في المدرسة والعمل وفي مجتمعهم المحلي بسبب أعمال العنف الأخيرة.
وأخيراً، فإن المستويات العالية من الدعم للحقوق الفلسطينية والسلبيات الكثيرة لسياسات الرئيس تتقاسمها جميع المجموعات الديموغرافية التي شملها الاستطلاع تقريباً – وفقاً للعمر والجنس ومستوى التعليم والدين والمهاجرين مقابل المولودين في الولايات المتحدة. خلال ما يقرب من ثلاثة عقود من استطلاعات الرأي، لم تؤدِ قضايا السياسة إلى مثل هذه التحولات الدراماتيكية في وجهات نظر العرب الأمريكيين إلا في لحظتين أخريين فقط، ولم يحدث ذلك مطلقاً في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن.
أولاً، خلال سنوات حكم بوش، عندما اتخذ العرب الأمريكيون موقفاً حاسماً على مدى أربع سنوات ضد سياسات الرئيس في العراق وأجندته المحلية القمعية المتمثلة في انتهاك الحريات المدنية والصورة النمطية السلبية التي وضعها حزبه عن العرب الأمريكيين والمسلمين الأمريكيين. والمرة الثانية، في عام 2016، أجفل الأمريكيون العرب في مواجهة خطاب حملة دونالد ترامب ضد المسلمين. في حين تراجعت مواقف العرب الأمريكيين تجاه الأداء الوظيفي للرئيس بايدن على قدم المساواة مع جميع الناخبين الأمريكيين، فإن الانخفاض الحاد على مدى بضعة أسابيع في دعم إعادة انتخابه وحزبه كان غير مسبوق.
قد لا يكون عدد الأمريكيين العرب كبيراً مثل بعض الدوائر الانتخابية الأخرى، لكن مئات الآلاف من ناخبيهم في ميشيجان وأوهايو وبنسلفانيا تمت استمالتهم بنشاط من قبل حملة بايدن لعام 2020. لذا، فإن استعادتهم مرة أخرى في عام 2024 سيكون بمثابة صعود شاق.