الأحد 12 نوفمبر 2023 / 08:45

هل صارت النكبة.. نكبتين؟

عبداللطيف المناوي- صحيفة المصري اليوم

صُك مصطلح النكبة للتعبير عن المأساة الإنسانية التى عاشها الفلسطينيون قبل وأثناء حرب 1948، حيث تم طرد نحو 750 ألف فلسطينى من مدنهم وبلداتهم الأصلية، من أصل مليون و400 ألف فلسطينى كانوا يعيشون فى 1300 قرية ومدينة، ومن ثم تحولوا إلى لاجئين فى بلاد أخرى مجاورة، كالأردن ولبنان.

كانت النكبة نتاجاً لمجازر وفظائع ارتكبتها عصابات الصهاينة بحق أكثر من 500 قرية، إذ دمرت تماماً ما فيها، وجرفت الأراضي، وهدمت المنازل، ولم تسلم منهم حتى الأشجار، بل أسقطوا أسماء القرى واستبدلوها بأسماء عبرية، في محاولة كاملة لتدمير الهوية الفلسطينية.
كانت النكبة نتاج ضعف فلسطيني حقيقي في العتاد والعدة، اللهم إلا من عزيمة بعض المقاومين أصحاب الأسماء الرنانة، كعبدالقادر الحسيني وعزالدين القسام، وغيرهما، وكانت أيضاً نتاج هزيمة صعبة وقاسية للعرب في حرب 1948، وعدم الصمود في وجه آلة صهيونية مدعومة من الاستعمار الإنجليزي، وقوى عالمية قوية.
في 15 مايو(أيار) الماضي أحيا الفلسطينيون الذكرى الـ75 للنكبة تحت شعار «النكبة جريمة مستمرة والعودة حق»، وقد ألقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن، خطاباً في مقر الأمم المتحدة التي تحيي للمرة الأولى في تاريخها حدثاً متعلقاً بالذكرى، وقال: «لماذا لا يوفر المجتمع الدولي ومجلس الأمن الحماية لنا، نتعرض للقتل والذبح يومياً، احمونا، احمونا، أليس نحن ببشر؟!، حتى الحيوانات يجب حمايتها».
في السنوات الـ75 تضاعف الفلسطينيون نحو 10 مرات، ووصل عددهم في العام الماضي إلى نحو 14 مليون نسمة، نصفهم (7 ملايين) نسمة في فلسطين التاريخية، والتي تشمل 3.2 مليون نسمة في الضفة الغربية، ونحو 2.1 مليون نسمة في قطاع غزة، و1.7 مليون في المناطق المحتلة عام 1948.
أما النصف الآخر (نحو 7 ملايين فلسطيني) فيعيشون في مخيمات موزعة بين سوريا ولبنان والأردن، ومخيمات بالضفة وغزة. وللأسف هذا العدد مرشح للزيادة إذا ما نفذت إسرائيل ما تخطط إليه، بتهجير مليون نسمة من سكان غزة إلى خارج القطاع، بصرف النظر عن المكان الذي تريد أن تهجِّرهم إليه، وهو مشهد بدأنا نراه في كل الفضائيات أمس.
إسرائيل تريدها نكبة أخرى للفلسطينيين، مستغلة ما حدث في 7 أكتوبر(تشرين الأول) من هجمات حماس لتحقيق هدف كانت تريده بمفاوضات وضغوطات ومواءمات، والآن صار الهدف جاهزاً أمام طاولة قادة تل أبيب، يدفعون به بقوة وعنف غير مسبوقين، لدرجة أنهم يقصفون المستشفيات!.
سيسأل الأطفال المهجَّرون عن أسباب نكبة 2023، ومن عجّل بحدوثها؟ لكنهم بالتأكيد بعد السؤال سيتأملون قدرة هذا الشعب على التحمل والصبر، فهذا شعب شهد نكبتين، بينهما 75 عاماً. والنكبة الجديدة سيترك فيها مليون شخص بيوتهم ويخرجون إلى مجهول قد يتحدد بعد أسابيع أو شهور أو أعوام، وكأن النكبة قَدَر هذا الشعب.