الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الثلاثاء 21 نوفمبر 2023 / 15:17

بعد بوتين.. مشكلة خلافة في روسيا

لمّح الكرملين أخيراً إلى احتمال بقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الرئاسة حتى 2030. كما أنه افترض أنه بعد تغيير الدستور الروسي في 2020، بات بإمكانه تمديد فترة حكمه أكثر.

من هو الذي سيسمح له جهاز الأمن الفيدرالي، ووكالات روسية مسلحة أخرى، ووزراء، بالمشاركة في التنافس على الخلافة؟

وكتب المحلل في مركز ستوكهولم للدراسات الأوروبية الشرقية أندرياس أوملاند في موقع "ذا هيل" الأمريكي، أنه رغم ذلك، من غير المرجح أن يبقى بوتين في السلطة عقداً، لقد تراكمت تقلبات كثيرة خارجية، وسياسية، واقتصادية، واجتماعية، بحيث لم يعد ممكناً أن نتوقع له حكماً طويل الأمد له أو لحاشيته، على حد سواء.
وقال إن الإجراءات لنقل السلطة في نظام شديد المركزية مثل روسيا غير واضحة. وعلى مدى 24 عاماً على الأقل عمل بوتين بشكل ممنهج على إخضاع أو إحباط معظم المؤسسات الروسية الرسمية.

وباتت الانتخابات الوطنية، أو الملكية الخاصة، أو الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، أو المحكمة الدستورية، أو وسائل الإعلام، أو الأحزاب السياسية، كلها وهياكل روسية أخرى، مهددة، وعانت من الاستغلال. وحتى أقوى وأبرز منصب روسي، أي الرئاسة، بات في وضع غير واضح بعد الرئاسة الغريبة لديميتري ميدفيديف بين  2008 و2012.
وعلى هذه الخلفية، يتساءل الكاتب ما عساها تكون الطريقة غير الرسمية والآلية العامة لتحديد وريث بوتين أو فريق الورثة؟ فمشكلة الخلافة الروسية، متعددة الوجوه، وحلها غامض في ثلاث طرق على الأقل.
أولاً، أن المخاطر على كل لاعب مؤثر غير واضحة، مثل تداعيات اختيار هذه القيادة الجديدة أو تلك على أصحاب المصلحة الرئيسيين. هل يمكنهم تحسين أو الاحتفاظ أو خسارة مناصبهم أو ممتلكاتهم أو حريتهم أو الاحتفاظ بها أو فقدانها؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما المخاطر التي سيواجهونها؟ هل يمكن لأحدهم أن يفقد حياته؟

من الصعب الإجابة عن المراقبين والمؤيدين أنفسهم. وفي ظل رئاسة بوتين، صار التعسف واللامحدودية سمة الدولة الروسية. وقد ينظر بعض أصحاب المصلحة إلى الخلافة على أنها مسألة وجود، وبناء على ذلك يدفعون بمرشحيهم بقوة.
ثانياً، ليست واضحة  هوية القادرين أو الراغبين في الترشح للرئاسة، أو على الأقل الاندماج في قيادة جماعية جديدة. ربما تكون بعض النخب الروسية تفكر فعلاً في التقدم بمرشحين. وقد يكون لدى البعض  ما يكفي من القدرات السياسية والاقتصادية للترشح للمنصب الأول. وآخرون يمكن أن يكونوا طموحين، لكن دون ما يكفي من القوة والمال.
ومن هو الذي سيسمح له جهاز الأمن الفيدرالي، ووكالات روسية مسلحة أخرى، ووزراء، بالمشاركة في التنافس على الخلافة؟ وهل سيكون من السهولة بمكان أن تتفق "أجهزة السلطة" على من سيشارك وعلى من سيكون خارج التنافس؟ وماذا سيحدث إذا لم يتوفر التوافق؟
والسؤال الثالث هو، من سيشكل الهيئة الانتخابية لتسمية مرشح رئاسي على أساس التزكية الوطنية مع توقعنا لنتائج معروفة سلفاً؟ هل سيكون مجلس الأمن القومي، أم دائرة أخرى؟ ومن سيضع حدود هذ الدائرة من صانعي الملوك؟
وماذا يمكن أن يحصل إذا لم يتوصل المكلفون بالاختيار إلى توافق على رئيسهم أو القيادة الجماعية؟ وعلى وجه التحديد، ماذا يمكن أن يحصل إذا تقدمت فئات بكاملها أو وزارات أو وكالات بمرشحين مختلفين؟ هل يمكن حتى لأعضاء أقوياء في اللجنة المكلفة بالاختيار، اتخاذ مواقف أيديولوجية متعارضة؟
ومن شأن إجراء انتخابات عامة دون تحديد النتيجة سلفاً، أن يتعارض مع نماذج سلوك مزروعة منذ عقدين بواسطة آلاف الموظفين العامين والحزبيين والعاملين في الإعلام، وأجهزة الشرطة. ويمكن أن يستحيلا على مختلف فروع البيروقراطية الوطنية والإقليمية أن تكلف بتنظيم انتخابات دون استعداد مسبق أو مساعدة من الخارج.
وقد تكون هناك "أوقات اضطراب" قيد التشكل. وإذا كان الانتقال من البوتينية الأولى، غير منظم أو عنيفاً، فإن النتيجة لن تكون بوتينية ثانية.

وعلى وجه التأكيد، فإن التنبؤات السياسية صعبة وغير محمودة. ومع ذلك، يمكن القول سلفاً إن فقدان المؤسسات في روسيا يشكل خطراً محتملاً على كل الأطراف المعنية.
وخلص الكاتب إلى أن على الروس وغير الروس أن يستعدوا لخلافة فوضوية. إن مستقبل النظام السياسي في روسيا، بطريقة أو بأخرى، سيكون مختلفاً عن النظام الحالي.