رجل إطفاء يخمد حريقاً في لفيف
رجل إطفاء يخمد حريقاً في لفيف
الخميس 5 سبتمبر 2024 / 10:02

هل تستطيع أوكرانيا حسم الحرب بالقوة الجوية؟

من الواضح أن الحرب البرية في أوكرانيا قد وضعت أوزارها، وبطبيعة الحال هناك حركة مستمرة على المستوى التعبوي، غير أن المحصلة النهائية لا تلوح في الأفق. وقد جعل هذا الجمود الحرب أهم من أي وقت مضى، حسب ما أفاد الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي جورج فريدمان.

لا يمكن أن تكون القوة الجوية في أوكرانيا مفتاح النصر


وأوضح فريدمان في مقاله بموقع "جيوبولتيكال فيوتشرز" البحثي الأمريكي أن هذا تطور منطقي من بعض النواحي. فقد بدأت الحرب بداية بريّة، حيث اشتبكت روسيا مع القوات الأوكرانية، لكنها أخفقت في كسر شوكة الأوكرانيين. وردَّت كييف بعمليات برية تهدف إلى تعطيل تحركات الروس، مما أفقدهم توازنهم إلى حد كبير.
لم يكن هناك شك في أذهان كثيرين في أن روسيا كانت تملك القوة البشرية والقدرة على السيطرة على المدن الرئيسة، وأنها بمرور الوقت ستنتصر في الحرب طالت أم قصرت، غير أن الشك ولو كان ضئيلاً في الحرب أساس لا يعوَّل عليه.

 

 


على مدى أكثر من عام كامل، قاومت القوات الأوكرانية التقدم الروسي. لكن، رغم كل هذه المقاومة – ناهيك عن الأزمة السياسية ومحاولة الانقلاب في موسكو والخسائر المتزايدة في الأرواح وانحسار الحماس في روسيا للحرب – كانت الفرضية الشائعة لا تزال تفيد بأن روسيا ستنتصر في نهاية المطاف في الصراع.

تعثر حروب


وتعثرت حروب كثيرة وتحولت إلى مستنقع دماء. وفي كثير من الأحيان، كانت الدولة التي تنتصر هي التي فقدت أرواحاً أكثر. في الحرب العالمية الثانية، كانت الحرب البرية دموية فعلاً، غير أن المفهوم الجديد نسبياً للقوة الجوية الآلية ظهر وعادَلَ الكفة.

 


وكانت للقوة الجوية ثلاثة أهداف استراتيجية، ألا وهي إضافة قوة النيران للعمليات الهجومية، والهجوم المباشر على المنشآت العسكرية الحيوية، دون قوات برية، وإضعاف الروح المعنوية للسكان المدنيين بتكبيدهم خسائر شملت غير المقاتلين والبنية التحتية. وعدا المرة الوحيدة التي كانت فيها حاسمة في هيروشيما وناغازاكي، لم تحدِّد القوة الجوية، رغم الدمار الذي تنزله، نتائح الحرب من قبل قط.


تصاعد الحرب الجوية الأوكرانية


ورغم ذلك، يضيف الكاتب "إننا نتوقع أن تتصاعد الحرب الجوية في أوكرانيا. لم تعُد الأسلحة المفضلة هي القاذفات المأهولة بالجنود وإنما الطائرات المسيرة. لا يمكن للطائرات المسيرة أن تصل إلى مدى بعيد مثل قاذفات B-52 أو تحمل القدر نفسه من القوة النارية، ومن الممكن إسقاطها بطريقة أسهل بكثير، غير أنها تتمتع بميزة واحدة حاسمة، ألا هي أنها إذا أُسقِطَت، فلن يلقى أحد من فريقها حتفه. ولا يتعين الأمر استبدال طيار مدرب تدريباً عالياً. فالتكلفة البشرية لأي مهمة للطائرات المسيرة ميسورة أكثر بمراحل إذن".
وتابع الكاتب "ليست الطائرات المسيرة سلاحاً حديثاً بطبيعة الحال. فقد استُخدمت على نطاق واسع في النزاعات الجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وعلى الرغم أنها أقل قدرة من الطائرة B-52 على قلب مجريات المعركة وترجيح كفة فريق على كفة آخر، فقد أثبتت أنها لا تقدَّر بثمن في الضربات الدقيقة، خاصة في المناطق شديدة التركيز".
وزاد الكاتب "استُخدمت الطائرات المسيرة ضد المدنيين، وإن لم يكن بالمستوى نفسه الذي استُخدمت به قاذفات القنابل في الحرب العالمية الثانية. وإننا نتوقع أن يتكرر الموقف نفسه في أوكرانيا بالتزامن مع تراجع تكلفة الطائرات المسيرة وزيادة قوتها التفجيرية. هذا هو المنطق القاتل لحرب الطائرات المسيرة"، يقول فريدمان.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "لا يمكن أن تكون القوة الجوية في أوكرانيا، كما حدث بالضبط في الحرب العالمية الثانية، مفتاح النصر، ولن تكون كذلك أبداً. ولكن عندما يجري التخطيط للجيل القادم من الطائرات المسيرة، ستُناقَش فاعلية الضربات الجوية، ولا بد من مناقشة حدودها أيضاً".