الجمعة 18 أبريل 2014 / 21:08

عزيزي الصحافي... قد لا نحتاج إليك بعد الآن





يعكس خبر ابتكار طلاب مصريين خلال مشروع تخرجهم روبوتاً صحفياً لتغطية الاشتباكات والأماكن الخطرة الثلاثاء الماضي، وإن كان لا يبدو منطقياً، المخاطر الكبيرة التي أصبحت تهدد الصحافيين أثناء أدائهم لعملهم حول العالم.

صحافيون كثيرون يفقدون حياتهم كل عام بسبب عملهم في مناطق الصراع والحروب، ففي العام الماضي قتل 71 صحفياً، معظمهم في منطقة الشرق الأوسط وحدها، إضافةً إلى أعمال الخطف والتعذيب التي تروي جانباً آخر من المأساة، خاصةً في البلدان العربية التي يتفاقم فيها العنف، ومن أهمها العراق ومصر وسوريا.

فكرة الروبوت الصحافي، قد تنجح في حال تحققت على أرض الواقع، بتجنيب الصحافيين تعريض حياتهم للخطر، ولكنها في المقابل، قد تطرح الكثير من الأسئلة والتحديات الجديدة في مجال العمل الصحافي، فهل يمكن حقاً الاستعاضة عن البشر الحقيقيين، بآلات تنقل وتصور الأحداث، من أجل توفير الأخبار للعالم.

وهل يمكن أن يشكل افتقار الروبوت للمشاعر مثلاً ميزة إيجابية في أداء العمل الصحافي؟، ربما ينجح الروبوت بتحقيق شرط الموضوعية، بانعدام قدرته على التعاطف مع أحد الأطراف، أو التورط بنقل تأثره بالمشاهد المأساوية والأحداث المؤلمة، ولكنه حتماً لن يستطيع أن يتفاعل مع الناس ومصادر الخبر، وإجراء الحوارات معهم، لنقل كلماتهم، وسيفتقر للحس المرهف، وسرعة البديهة، والمقدرة على إظهار الجانب الإنساني في كل قصة، أثناء تغطيته للأخبار.

ولكن من جانب آخر ربما تساعد الروبوتات على حسم الإجابة عن السؤال الأخلاقي الذي شغل الصحافيين في كل أنحاء العالم، بشأن إعطاء الأولوية للسبق الصحفي أو إنقاذ حياة الضحية، فهناك الكثير من اللقطات النوعية التي وثقت أحداثاً استثنائية، وتركت بصماتها في تاريخ التصوير الصحفي، لكنها مازالت حتى الآن، تثير الجدل حول علاقة المصور الصحافي بالحدث، وواجبه تجاه الضحايا.

فالصحافي المصور قد يجد نفسه في مواقف مصيرية، وأمام مشاهد مأساوية، وعليه أن يتخذ قراراً سريعاً، هل يلتقط الصورة؟ أم ينقذ الضحية؟، وهي قضية جدلية دفعت ببعض الصحفيين للندم، وحتى للانتحار، لأنهم اختاروا أن يؤدوا عملهم بحيادية، وبينما هناك من يجرم الصحافي لأنه لم يترك الكاميرا ويقدم المساعدة، يعتبر آخرون أن توثيق الحدث ونقله للعالم، ليس مجرد مهنة، بل هو عمل مهم على المستوى الأخلاقي والإنساني.

ولعل بعض الميزات الأخرى التي يتمتع بها هذا المشروع للروبوت الصحافي، تجعل فكرة تعميم استخدامه مستقبلاً جديرة بالاهتمام، مثل إمكانية التحكم فيه عن بعد، وقدرته على تشكيل نفسه حسب الحاجز الذي يصطدم به، من خلال إعادة تغيير شكله الهندسي، إضافةُ إلى أنه يتعامل مع أي منطقة فيها تعرجات لينقل الصورة كاملة.

وإذا كان الروبوت يتفوق على الصحافي الحقيقي، من حيث اتصاله مباشرة بشبكة الإنترنت، ومواقع الأخبار، وقدرته على توفير المعلومات بسرعة أكبر، ويلغي الحاجة لتوفر بعض المهارات الأساسية في العمل الصحافي الميداني، إلا أن الحاجة إلى القصص الإنسانية لا يمكن أن تنتهي يوماً، والتقدم التكنولوجي مهما كانت فوائده، فإنه لا يمكن أن يلغي دور الصحافي منذ الأزل، كباحث بجدارة عن الحقيقة.