الأحد 17 مارس 2013 / 20:10

"تطبق الشروط والأحكام".. عبارة حق يراد بها التضليل

24 - سمير النيل

قرر أحمد كمال، الموظف بإحدى الشركة الخاصة، السفر لقضاء العطلة خارج الإمارات، وكان قد سمع عن عرض من قبل إحدى شركات الطيران يتعلق بتخفيض قيمة التذكرة بنسبة 50%، ما يعني أنه بدلاً من أن يدفع 1500 درهم ثمناً للتذكرة، فإنه سيدفع 750 درهماً فقط. تنفس الصعداء إذ أصبح بإمكانه الاستفادة من الفرق في شراء هدايا للأقارب الذين ينتظرون مجيئه.

النعيمي: أنصح المستهلك أن يقوم بالإبلاغ فور اكتشافه لأي من حالات الغش التجاري.

خبير تسويق: الإعلان المضلل في حد ذاته لا يفيد المنشأة في شيء، بل من الممكن أن ينطوي على خسائر مستقبلية.

مواطن: الإعلانات المضللة تستخدم عبارات ظاهرها سليم وباطنها يحتوي على الغش.

ذهب أحمد للشركة وقابل الموظف وتم إصدار التذكرة، لكنه فوجئ بأن عليه أن يدفع مبلغ 1400 درهم، فسأل الموظف عن العرض الذي بيده وما يحتويه من تخفيض، فرد الموظف: "يبدو أنك لم تقرأ الإعلان جيداً، ألا ترى هذه العبارة: (تطبق الشروط والأحكام)" فرد أحمد مستفهماً، بعد أن لاحظ أن العبارة مكتوبة بخط صغير بالكاد يمكن قراءته، وما هي الشروط والأحكام هذه؟ فرد الموظف إن العرض لا يشتمل على الضريبة وبعض البنود الأخرى بقيمة 700 درهم.

أحس أحمد بالصدمة، والحيرة وقال للموظف لماذا لم تقولوا منذ البداية إن العرض لا يشتمل على الضريبة، ولماذا لم تعلنوها صراحة أن التخفيض على التذاكر بمقدار مائة درهم فقط ؟ ولماذا هذا التضليل؟

لم يكن أحمد وحده ضحية عبارة "تطبق الشروط والأحكام" التي وصفها الكثيرون بالمضللة؛ فهناك غيره مِمَن وقعوا ضحية العروض الوهمية لمنشآت اتخذت من تزييف الوعي الاستهلاكي وسيلة للتسويق، متناسية حق المستهلك في الحصول على معلومات تسويقية صحيحة تمكنه من اتخاذ قراره عن قناعة ومعرفة وفهم كامل للعرض المطروح أمامه، دون غش أو تضليل، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وتكمن الخطورة في أن تقديرات "إدارة الحماية التجارية" بدائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي أشارت إلى أن الخسائر المباشرة للغش التجاري، بما فيه الإعلانات المضللة، تقدر بنحو 1.15 مليار درهم سنوياً، إضافة إلى تكاليف أخرى غير مباشرة نتيجة للتكلفة التي تتحملها ميزانية الدولة لتوفير آلية لمكافحة الغش التجاري، لهذا وذاك قررت 24 فتح هذا الملف الشائك، واستمعت للشكاوى من قبل المستهلكين، وخاطبت بعض الشركات، وخبراء التسويق، والجهات الرقابية، ولن نخفي أن هناك بعض الشركات الكبيرة التي تعد الأشهر في استخدام عبارة "تطبق الشروط والأحكام" آثرت الصمت حيال استفسارات 24 والمستهلكين حول هذه القضية.

عبارة مبهمة ومضللة
يرى المواطن محمد علي أن العبارة مضللة، باعتبار أن العروض الترويجية عادة ما تشتمل على نسبة تخفيض محددة، مضيفاً: "لكن حين تدخل المحل التجاري تفاجأ بأن نسبة التخفيض قلت، بسبب أن الشروط والأحكام تحتوي على ضريبة"، وطالب محمد بالضبط والرقابة من قبل لجان حماية المستهلك، ومن ثم التنبيه بالمخالفة فالعقوبة بفرض الغرامات المالية.

وشدد على أنه من المفترض أن تضاف أية زيادة واردة ضمن بنود الشروط والأحكام للعرض الإعلاني مباشرة، واصفاً عدم الإضافة و"مفاجأة المستهلك" بها عند استخراج الفاتورة والسداد بالتضليل.

وفي نفس السياق وصفت إيمان حامد، ربة منزل مصرية، العبارة بالمبهمة والتي تؤدي إلى التضليل وتساءلت: "لماذا لا يتم إضافة ما تحتوي عليه من بنود للعرض مباشرة، منبهة إلى أنه يمكن أن يضيفوا "العرض لا يشمل الضريبة" مثلاً، خصوصاً وأن الفهم متباين بين الناس و"مش كل الناس حتفهم العبارة"، واختتمت متسائلة: ليه "نلف" و"نضلل" بهذه العبارة.

أما محمود عياد، موظف، فكانت له وجهة نظر مختلفة، إذ يرى أن المسؤولية تقع على عاتق المستهلك الذي يفترض أن يقرأ بنود الشروط والأحكام جيداً، ولكنه لم ينفِ أن هناك العديد من الشركات، خصوصاً بعض وكالات السيارات، تتعمد أن تطيل بنود الشروط والأحكام، قائلاً: "منذ البدء تلاحظ أنها مبهمة وعدد صفحاتها كبير، وقد تشعر بالكسل إذا أردت أن تكمل قراءتها كاملة".

بدوره يرى رئيس مجلس إدارة الديوان الملكي للعطور صابر البطاش، أن السياسات الترويجية يجب أن تنأى عن التضليل، وأن الشركات ينبغي أن تتبنى وسائل تسويق تتسم بالنزاهة، مؤكداً أن الشروط والأحكام القصد منها تضليل المستهلك بعد شد انتباهه بإعلان ترويجي، إذ تستهدف الشركات جذب المستهلك وهو الأهم، وفي النهاية تلك الشركات لن تخسر شيئاً حتى ولو لم يشتري المستهلك السلعة محل العرض.

وأضاف البطاش: "الغش التجاري كثير وتعددت أنواعه وأساليبه، والإعلانات المضللة التي تستخدم فيها عبارات ظاهرها سليم وباطنها يحتوي على الغش، جزء لا يتجزأ من هذه الظاهرة، فهناك السلع المقلدة، والعروض التسويقية التي تتعلق بتجارة التجزئة مثل أن يعلنوا عن عرض تخفيض ضخم من دون أن يحددوا أن هذا العرض يقتصر فقط على سلعة واحدة، وفي الغالب الأعم هي إما سلعة لم تجد رواجاً جيداً، أو أن تاريخ انتهاء صلاحيتها قد أزف".

إعلان مضلل يساوي غش تجاري
حملت 24 شكاوى وهموم المستهلك حول هذه الظاهرة إلى مدير إدارة العلاقات التجارية بمركز أبوظبي للأعمال التابع لدائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي علي فهد النعيمي، وسألناه في البدء عن تصنيف عبارة "تطبق الشروط والأحكام" وهل هي نوع من الإعلان المضلل أم لا، فرد بأن العبارة من الناحية القانونية لا غبار عليها، ولكن العبرة في آلية استخدامها، وفي حال استخدمت بطريقة تنطوي على نوع من التضليل، فإنها تندرج تحت بند الإعلانات المضللة، والتضليل بكل مسمياته هو غش، ويتضرر منه المستهلك، سواء كان بصورة مباشرة أم غير مباشرة، وهو ما يحاسب عليه قانون "مركز ابوظبي للأعمال" و"والرقابة التجارية بدائرة التنمية الاقتصادية".

وحول الإجراءات التي تتخذ في حال ثبت أن هناك إعلان يحتوي على نوع من التضليل، أكّد النعيمي أن قسم حماية المستهلك يقوم بتحرير المخالفة واتباع الإجراءات القانونية، والتي تبدأ بالإنذار الأول والثاني ثم المخالفة وأشار إلى أن العقوبة قد تصل إلى حد اغلاق المنشأة المخالفة.

آلية إصدار الإعلان التجاري
وسألنا النعيمي عما إذا كانت هناك آلية محددة لإصدار الإعلان التجاري، ورد قائلاً: "إذا أرادت أي منشأة عمل إعلان عن تخفيض أو عرض، وقررت نشره عبر وسائل الإعلام، لا بد لها في هذه الحالة من اتباع لوائح مركز أبوظبي للأعمال والخاصة بالإعلانات التجارية"، وكشف أن الخطوات تبدأ بتقديم كل المستندات بدءاً من توفير الفواتير ومعلومات العرض وصيغة الإعلان، ومن ثم يتم اعتماد الصيغة من قبل دائرة التنمية، مضيفاً أن هذه الصيغة هي التي يجب ان تطبق على أرض الواقع.

وأكد أنه في حال عدم تطبيق الصيغة المعتمدة عند نشر الإعلان، وثبت وجود أي اختلاف فإن هذا يعتبر نوعاً من الغش التجاري الذي يحاسب عليه القانون، خصوصاً لو أضافت المنشأة عبارة "تطبق الشروط والأحكام" لاحقاً فإن هذا يعتبر غشاً تجارياً.

التنسيق مع لجنة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد
وحول الجهود التي تقوم بها الدائرة لمكافحة الغش التجاري عموماً، أكد النعيمي أن الدائرة تقوم بحملات تفتيشية كثيرة، وتعمل على رقابة الإعلانات، والتأكد من مطابقتها للصيغة القانونية، وتقوم بمصادرة كثير من البضائع المغشوشة والمعدات المقلدة، وفي الفترة الأخيرة تم تأسيس لجنة مشتركة بيننا ولجنة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد، بهدف التنسيق ووضع الخطط، وتدريب وتجهيز الموارد البشرية اللازمة للكشف والقضاء على هذه الظاهرة، وهذا التعاون يؤدي إلى مصلحة واحدة هي خدمة المستهلك وحمايته.

نصائح للمستهلك
وحول النصائح التي يقدمها للمستهلك لمساعدته في تجنب الوقوع في فخ الإعلانات المضللة، أكد أن الدائرة تحارب هذه الظاهرة من خلال الرقابة والتفتيش والمتابعة وانفاذ القانون، لكنه شدد على أن دور المستهلك مكمل لعمل الدائرة، مؤكداً أن الأساس هو المستهلك، لأنه يستطيع أن يكشف بعض حالات الغش، لذا يرى النعيمي أن أهم نصيحة يمكن أن يقدمها للمستهلك هو أن يقوم بالإبلاغ فور اكتشافه لأي من حالات الغش التجاري، حتى يتم القضاء على الظاهرة، كما دعا إلى متابعة معرض الغش التجاري الذي تنظمه الدائرة سنوياً، لتعريف المستهلكين على المنتجات والبضائع وكل أنواع الغش التجاري.

خسارة مستقبلية
من جهته دافع خبير التسويق حسن مالك عن استخدام عبارة "تطبق الشروط والأحكام" معللاً ذلك بأن استخدامها أحياناً يكون لدواعي فنية تتعلق بخفض التكلفة الإعلانية أو عدم كفاية حجم المساحة الإعلانية نظراً لكثرة بنود الشروط، قائلاً: "لا يعقل أن أصدر إعلاناً تلفزيونياً مثلاً وأضمنه جميع الشروط والأحكام"، ورأى أن الإعلان المضلل في حد ذاته لا يفيد المنشأة في شيء، بل من الممكن أن ينطوي على خسائر مستقبلية: "قد يفيد مرة أو مرتين، لكنه لا يمكن أن يكون سياسة عامة لأن وعي المستهلك وحرصه على إنفاق دخله بكفاءة وتنوع الخيارات المتاحة أمامه ستجعله لا يعود لمن يغشه أو يتذاكى عليه".

وأقرّ مالك بأنّ هناك العديد من الشركات التي تستخدم العبارة بطريقة تنطوي على تضليل وغش بهدف تحقيق مكاسب، وصفها بالآنية، وطالب المستهلك أن يكون أكثر وعياً حتى يستطيع التمييز بين العروض الحقيقية والوهمية.