"عمر الشيشاني" من جبال جورجيا إلى "وزارة الحرب" في "داعش" (أرشيف)
"عمر الشيشاني" من جبال جورجيا إلى "وزارة الحرب" في "داعش" (أرشيف)
الأربعاء 26 نوفمبر 2014 / 15:57

"عمر الشيشاني" من جبال جورجيا إلى "وزارة الحرب" في "داعش"

يكسو مشهد طبيعي خلاب جبال بانكيسي في قلب جورجيا، لكن وديانها تعد أيضاً مهد "عمر الشيشاني"، أحد قادة تنظيم الدولة اللا-إسلامية (داعش)، وجهاديين آخرين تمرسوا على الحرب في الشيشان، وذهبوا للقتال في سوريا.

وبحسب " الحياة اللندنية"، اليوم الأربعاء، يروي والد "عمر الشيشاني"، تيمور باترشفيلي، وهو مزارع يناهز السبعين من العمر، كيف أصبح نجله ترخان معروفاً باسم "عمر الشيشاني"، أحد القادة الأكثر بطشاً في داعش، الذي استولى على أجزاء واسعة من أراضي العراق وسوريا، ويعرف إبنه بـ "وزير الحرب" في تنظيم داعش بقيادة أبو بكر البغدادي.

ولد الشيشاني المعروف بلحيته الصهباء، في إحدى القرى الست الواقعة في ممرات بانكيسي، المأهولة بشعوب الكيست، المتحدرة من الشيشان، التي هاجرت إلى جورجيا في القرن التاسع عشر، وتمارس إسلاماً سنياً تغلب عليه النزعة الصوفية.

وقبل أن يلقب باسمه الحركي "الشيشاني"، وهو في السابعة والعشرين من عمره، قاتل هذا الجهادي في صفوف الجيش الجورجي، وتدرب على يد الولايات المتحدة، ورُقِّي إلى رتبة رقيب بعد الحرب الروسية الجورجية في 2008، قبل تسريحه من الخدمة العسكرية بسبب إصابته بالسل، وروى والده: "عندما شفي ترخان كان مستعداً للالتحاق مجدداً بالجيش"، وأضاف،"وعدوه بعمل لكنهم لم يفوا مطلقاً بوعدهم".

وتم توقيف ترخان بعد بضعة أشهر، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، بتهمة بيع أسلحة إلى المتمردين الشيشان، كما أكد عنصر من أجهزة الأمن الجورجية.

ويواصل هؤلاء المتمردون القتال، في شكل متقطع ضد الجيش الروسي، وضد الشيشان الموالين لموسكو، بقيادة رمضان قديروف، الذي يحكم بقبضة حديدية جمهورية الشيشان الروسية منذ 2005.

وتابع والده، "إن تلك السنوات التي أمضاها في السجن غيَّرته... قبل ذلك لم يكن متديناً، وذات يوم قال لي: أبي هذه البلاد لم تعد في حاجة إلي".

ومنذ ذلك الحين لم ير باترشفيلي نجله مجدداً، لأنه ذهب مع عشرات آخرين من "الكيست" للالتحاق بصفوف تنظيم داعش في سوريا والعراق.

وتابع، "اتصل بي مرتين فقط من سوريا، سألني إن كنت أصلِّي، أجبته: إنني أصلي بكل تأكيد، أصلي للقديس جاورجيوس، وأقفل الخط".

وقال شوتا أوتياشفيلي، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الداخلية الجورجية، لوكالة "فرانس برس"، "هناك ما يصل إلى 70 شخصاً من وديان بانكيسي يقاتلون حالياً مع عناصر تنظيم الدولة اللا-إسلامية".

لكنه أكد أنه لا يوجد إسلاميون متطرفون في بانكيسي، مضيفاً، "هناك ربما صبيان من الكيست فخورون بترخان، الذي أصبح مشهوراً في العالم، ولو كان لاعب كرة قدم لرغبوا جميعهم بممارسة هذه الرياضة".

ووادي بانكيسي ذاع صيته منذ بداية الحرب الروسية الشيشانية (1994-1996)، عندما أصبح ملاذاً للانفصاليين الشيشان، وملجأً لأكثر من عشرة آلاف لاجئ.

وفي العام 2004 تمكنت الحكومة الجورجية الموالية للغرب، في ظل حكم الرئيس السابق ميخائيل سكاشفيلي، بمساعدة الولايات المتحدة، من طرد الانفصاليين من أراضيها من حيث كانوا لا يزالون يشنون هجمات على الجيش الروسي، لكن وجودهم لزمن طويل ترك أثره على السكان، حيث حلت مكان التقاليد الدينية الصوفية ممارسات سلفية.

واعتبر الصحافي سولخان بوردزيكاشفيلي، الذي يعيش في جوكولو إحدى قرى وديان بانكيسي، بقوله، "إن السلفية باتت الشكل المهيمن على الإسلام في بانكيسي".

وفي قرية بيركياني التي ولد فيها الشيشاني، عبَّر رجل مسن عن قلقه من تنامي النزعة السلفية في منطقته، التي تهدد وجود الهوية الثقافية للكيست في الصميم.

ولفت هذا الرجل الذي رفض الكشف عن اسمه، إلى أن غالبية الشباب الكيست سلفيون، فالشبان لم يعودوا يعتبرون أنفسهم من الكيست أو الجورجيين، بل مسلمين فقط.

واعتبر خاسو خنغوشفلي عضو مجلس الأعيان في بانكيسي، أن ما يدفع الشبان الكيست في بانكيسي إلى الرحيل، هو الفقر والبطالة، فهم يبحثون عن عمل في تركيا، وبعضهم يذهب للقتال في سوريا، التي تبعد عن جورجيا يوماً بالسيارة.

وأخيراً، قال والد "عمر الشيشاني": "لو كان لدى إبني ولو القليل من الأمل بعيش حياة أفضل في جورجيا، لما فكَّر في الرحيل على الإطلاق".