الجمعة 12 ديسمبر 2014 / 19:42

استشهاد أبو عين وأزمة السلطة



 عمق استشهاد الوزير زياد أبو عين من مأزق السلطة، وضيق عليها الخيارات السياسية والنضالية، وزاد من حشرها في "زاوية" المواجهة مع إسرائيل بأي شكل من الأشكال، سواء بغض النظر عن جمر الانتفاضة الشعبية التي أخذت بإنتاج ذاتها بوتيرة متناغمة مع مسلكيات الاحتلال القمعية منذ ما قبل رمضان الماضي، تحديداً على وقع الاعتداءات الممنهجة على المسجد الأقصى وتداعيات العدوان علي غزة، واستمرار السياسة الاستيطانية وعمليات الاعتقال ومصادرة الأراضي الزراعية، أو من خلال المواجهة السياسية – القانونية في الأمم المتحدة أو المحافل الدولية وتحديداً المحكمة الجنائية الدولية .

لم يكن في ذهن الرئيس محمود عباس أن يجري ما جرى يوم الأربعاء الماضي، ولم يكن في حساباته مثل هذا الحدث الذي زاد من تعقيد موقفه، وهو الذي حاول قدر الإمكان "تبريد" كل ردود الفعل الشعبية والفصائلية الغاضبة ضد الاحتلال على مدى السنوات الماضية، والذي كان ومازال محشوراً بين الغضب الشعبي المحتقن والمطالب بمواجهة الاحتلال، وبين التزاماته كرئيس للسلطة مع إسرائيل، وبخاصة في موضوع التنسيق الأمني ومنع تفجر الوضع في الضفة ضد الاحتلال بأي شكل من الأشكال.

الخيار الأكثر تداولاً في الحسابات الفلسطينية الرسمية هو التوقيع على اتفاقية روما بأسرع وقت ممكن، والانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، وهو الخيار الذي كان مطروحاً في مواجهة الإرهاب الرسمي للدولة الإسرائيلية على مدى الأشهر الماضية، إلا أن الرئيس عباس كان "يفرمل هذا الخيار" في الوقت الحساس والدقيق، وبحسب الأنباء فقد وضعت القيادة الفلسطينية في اجتماعها الذي أعقب استشهاد الوزير أبو عين برنامجاً سياسياً من أبرز نقاطه خيار لاهاي، إضافة إلى خيار مجلس الأمن، وتثبيت مبدأ إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها مع سقف زمني لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، بالإضافة للتأكيد على اجتماع الأطراف المتعاقدة السامية لمواثيق جنيف للعام 1949 على الأراضي الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة) ومطالبة المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وإعادة النظر في التنسيق الأمني مع إسرائيل.

من يقرأ ما سبق سيرد علي بقوله إن السلطة لديها خيارات عديدة، وليست محشورة في زاوية "العجز السياسي"، ولكن ردي على ذلك سيكون بسؤال آخر هو "هل ستفعلها السلطة ورئيسها"؟
وهل لديها القدرة على تحمل تبعات العقاب الإسرائيلي المتوقع، والذي سيبدأ فوراً بإلغاء بطاقات VIP أي منع الامتيازات الممنوحة للشخصيات القيادية في تنقلها داخل الضفة ومن الضفة الغربية إلى الأردن في طريقها للخارج، عدا عن إلغاء حصانتهم ضد الاعتقال والتحقيق والملاحقة؟

أعتقد أن "المأزق" يكمن في ذلك، وليس من السهل على الكثير من القيادات الفلسطينية، تحديداً من هم في السلطة والحكومة، أن يتقبلوا معادلة من هذا النوع، وللأسف فإن الشهيد زياد أبو عين كان "استثناء" وليس هو القاعدة .

زوجة الشهيد أبو عين حسمت الأمر بأن الخيار هو معاقبة إسرائيل بالتوجه إلى لاهاي، وصائب عريقات استبق قرار القيادة الفلسطينية التي هي في حال اجتماع دائم ومفتوح، بأن دولة فلسطين والسلطة سيطالبان في حماية دولية للشعب الفلسطيني والتوجه إلى لاهاي ووقف التنسيق الأمني.
فهل تفعلها القيادة الفلسطينية وتعلن "الحرب السياسية" على إسرائيل؟