الأحد 14 ديسمبر 2014 / 13:33

تحت الضوء والنور... إنها جريمة النقاب



"كافر.. ليبرالي.. علماني.. شيعي.. نصراني.. محارب للدين.. خائن.." هذا غيض من فيض "الشتائم" التي أطلقتها حملة الأشباح على تويتر، ضدي شخصياً وضدّ موقع 24 الذي أتشرف برئاسة تحريره، وضدّ العاملين به، بل إن بعضهم لم ينس تصويب سهامه نحو المتابعين للموقع الذين باتوا هم أيضاً مجموعة خونة لا يحترمون الدين ولا يراعون المجتمع الإماراتي وقيمه وعاداته وتقاليده. لكنّ هذه الحملة، وإن بدا أن أصحابها، وهم معروفون جيداً لكل متابع، يستهدفونني ويستهدفون 24 من خلالها، ترمي إلى أهداف أبعد من هذه، تتمثل في محاولة إرهاب المجتمع الإماراتي، والإعلام الإماراتي، ويتوهم أصحاب الحملة أنهم بذلك سوف يمنعون هذا المجتمع الحيّ من نقاش كلّ القضايا الحيوية، لاسيما التي تتعلق بأمنه واستقراره ومستقبله، تحت راية "الحفاظ على الدين" و"حماية المجتمع" من "الدخلاء" و"الأفكار الغريبة" و"الليبرالية" وما إلى ذلك من أوصاف تطلق بصورة ببغائية و"روبوتية" في محاولة بائسة لتعميم هذا الإرهاب الفكري وإقامة حاكمية غير موجودة إلا في عقول تلك الحفنة من متسلقي الدين وممتطي الفضيلة ومدعي الوطنية والحفاظ على المجتمع.

وكأن المجتمع الإماراتي، بالنسبة إلى أولئك الأشباح (وهم قلة قليلة جداً، وإن تعدّدت حساباتهم الوهمية) قاصر، لا يعرف التمييز بين الخطأ والصواب، والحق والباطل، والجوهري والثانوي، ولعلّ أخطر ما في هذه الحملة هو أنها تذكر مرة أخرى أو تحاول إعادة إحياء الحملات التي شنّها بعض من ادعوا الإصلاح، عبر منابرهم الإعلامية في حينه، في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، مستهدفين على وجه التحديد الإعلام والثقافة، تحت الذرائع نفسها والحجج الواهية نفسها، في محاولة فاشلة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لكننا نقول لهم: لا، لن تفلحوا في مساعيكم هذه، فالمجتمع الإماراتي أكثر وعياً، وأشدّ ذكاء، من أن يقع تحت وطأة أكاذيبكم المفضوحة، التي تتخذ من النقاب ستاراً واهياً لمحاولة فرض وصاية أخلاقية ودينية جديدة.

لقد حاولت تلك الحفنة المقنّعة خداع بعض أبرياء النوايا من الإماراتيين: انظروا، هناك صحيفة تحارب الدين، هناك أجانب يتربصون شراً بكم وبعاداتكم وتقاليدكم، لا بل أسرف أولئك ادعاءاتهم إلى حدّ اختلاق الأكاذيب حول 24 والعاملين به، وإذا كنا في 24 قد آثرنا المضي قدماً في طريقنا، غير ملتفتين إلى حفنة الملثمين هذه، وغير خاضعين لابتزازها، فذلك ليس من باب المكابرة كما حاولت تلك الأقنعة تصويره وتجييش أبرياء النوايا أنفسهم، بل اقتناعاً منا بوجاهة طرحنا والتزامنا التام في كل ما نطرحه بالقوانين الإماراتية، بما في ذلك المتعلقة بالإعلام، وهذا ما بدأ يدركه بعض ضحايا تلك الحملة، ليس بفضل ردود 24 عليها، بل تحديداً بسبب إسراف شلة الكذب نفسها، فبدأوا ينفضون عن أصحابها، بل بدأ بعضهم يطرح الأسئلة حول أهداف أولئك وخلفياتهم الحقيقية.
ولا بأس من التذكير هنا، لمن فاتته رؤية الوقائع الواضحة، أننا في 24 نعمل علانية وفي الضوء والنور، وليس تحت أسماء مستعارة وشخصيات مزورة على التواصل الاجتماعي، وقد تحملنا على المستوى الشخصي سيل الإهانات والأكاذيب والتجريح، وأولينا كامل ثقتنا لجهات الاختصاص الإماراتية، ولاسيما القضاء المشهود له بالنزاهة والعدالة، وكلنا ثقة بما سيتوصل إليه هذا القضاء.

نعم، ثم نعم، ثم نعم، إنها جريمة النقاب، لا تهجماً على النقاب كما شرحنا مرات عديدة، ولا انتقاصاً من قيمته المعنوية لدى بعض فئات المجتمع، بل تمسكاً وتشبثاً بالتحديد بما ذهبنا إليه منذ البداية من أننا لا نتطرق إلى الجانب الديني أو الشرعي أو حتى الاجتماعي من النقاب، فهذا له أهله وفي دولة الإمارات من أهل الاختصاص في المجالات كافية ما يعفينا من خوض هذا الجدل، وأعاود التذكير هنا، بصفتي مالكاً ورئيس تحرير لموقع 24، الذي أعتز كلّ الاعتزاز بتجربته وبجميع العاملين فيه، بدور الإعلام في توعية المجتمع بمخاطر أساسية من قبيل تلك التي شهدناها في جريمة النقاب، وهو دور لن تثنينا عنه بعض الجعجعة على تويتر أو سواه، ولا تلك الأصوات المكتومة المذمومة التي تحاول اكتساب شرعية مفتقدة عبر توزيع شهادات الوطنية والإيمان والأخلاق على أفراد المجتمع وأهل الفكر والإعلام.