الإثنين 26 يناير 2015 / 01:17

مارك ستراند.. الحياة ببذخ

24 - إعداد: أحمد شافعي

نشرت مدونة "نيويورك رفيو أوف بوكس" مقالاً عن أهم شعراء أمريكا تشارلز سيميك ومارك ستراند، إذ كانا صديقي عمر، وتعاونا في إصدار كتب، وعاشا معاً حياة مليئة بالشعر والضحك.

مات ستراند في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ومرت أسابيع دون أن يتكلم سيميك، أو يرثي صديقه الذي رثاه كثير من كبار الشعراء الأمريكيين، وفي الرابع والعشرين من يناير (كانون الثاني)، كتب سيميك في مدونته بموقع "نيويورك رفيو أوف بوكس" الإلكتروني "مارك ستراند.. الحياة ببذخ".

"مارك ستراند، الذي توفي في نوفمبر (تشرين الثاني) عن ثمانين عاماً بعد صراع طويل مع السرطان، هو أول الراحلين من الأصدقاء القدامى، عرفته لستة وأربعين عاماً، وعرفت منذ رحيله أيّ حضور كان ولا يزال يشغله في حياتي، فكلما أقرأ شيئاً مثيراً، أو أسمع نميمة أدبية، أو أتناول وجبة لا تنسى، أو أرتشف رشفة من نبيذ جيد، أجد أني أريد أن أتصل به لأكلمه في ذلك، لا أقول إننا في حياته كنا نتكلم كلَّ يوم، ولكنه كان في بالي أغلب الوقت وأنا ماضٍ في حياتي، وكذلك كنت في باله".

"حدث أن رأيته مرة بعد ساعات من رجوعه من إيطاليا، وبعد أن أراني الجوارب والأحذية الجميلة التي اشتراها من روما، قال إنه يريد أن يكلمني في أمر مهم، فقد اكتشف حينما كان في صقلية أن هناك قصوراً رائعة تباع بكلام فارغ، وفكر أننا ينبغي أن نشتري واحداً، وننتقل بأسرتينا إلى هناك ونتنقل بين صقيلة والولايات المتحدة، هو إلى عمله جون هوبكنز وأنا إلى عملي في جامعة نيوهامشر، نسوق أولاً إلى بالرمو، ومن هناك بالطائرة إلى روما، ومنها يطير هو إلى واشنطن وأنا إلى بوسطن ثم نرجع كلَّ أسبوعين أو نحو ذلك، فانفجرت في الضحك، لكنه ظل يلحّ علي لأسابيع بشأن تلك القصور الرخيصة، حتى أوشكت على الاقتناع.

"وذلك ما كان يجعل الوجود مع مارك شديد الإمتاع، فقد كان رجلاً لا يهدأ، متأهباً طول الوقت لبدء حياة جديدة، مهووساً بالبحث عن خطط لكسب المال، ومرة خططت أنا وهو لاستيراد أنبذة من أستراليا ونيوزيلاند، ولم تكن وقتها معروفة هنا في الولايات المتحدة، وفكرنا مرة في افتتاح مطعم في إنفرنيس، وهي بلدة تقع على بعد نحو خمسة عشر ميلا من خليج دريك إلى الشمال من سانفرانسيسكو يكون النُدُل فيه شعراء مشاهير من أصدقائنا يعملون هناك لأسبوع أو اثنين ثم يحل محلهم شعراء آخرون، رأى أن الناس سوف يقبلون على المطعم فيحقق لنا نجاحاً هائلاً، فقال تخيل فائزا ببولتزر أو بالجائزة الوطنية للكتاب يقدم لك طبق جبن وكأس نبيذ، حتى زوجتانا أحبتا الفكرة في البداية، إلى أن اكتشفتا أنهما اللتان ستقومان بالطبخ وحدهما، بينما أنا ومارك نتبادل الدردشة مع الزبائن".

"ومن أفكارنا الجامحة فكرة أثمرت، فقد بدأنا حركة شعرية رجونا أن تحقق لنا الشهرة، فقد كان جيع الشعراء يبدأون حركات شعرية قبل أربعين سنة تقريباً، فقلنا: ولم لا نفعلها نحن أيضاً؟ وأطلقنا على حركتنا الشعرية اسم شعر الذواقة، كنا قد لاحظنا من قبل في القراءات الشعرية أن الناس يبتسمون كلما جاء ذكر للطعام في قصيدة، ولم يكن ذكر الطعام كثيرا في القصائد، وأن ابتساماتهم تأتي سعيدة في وجوههم، فقلنا، في بلد يكره أغلب أهله الشعر، ويأكل الجميع، طول الوقت أو يشربون، لا بد أن تأتي القصائد على ذكر الشعر أكثر مما يحدث، وتصحيحاً لهذا الاستبعاد المؤسف، فكرنا أن نضمِّن كل قصيدة نكتبها طبقا أو اثنين من التي يسيل لها اللعاب، مهما يكن موضوع القصيدة، كان من المنتظر أن يشعر الأدباء الطهرانيون بصدمة كبيرة من الضلوع المشوية أو شريحة فطيرة التفاح وسط أبيات قصائدنا الجليلة، أما ملايين الأمريكيين الذين يقبلون على شراء مجلات الطعام وكتب الطبخ وتخايلهم في أحلامهم الوجبات الباذخة